ففيه شاهد على مسألة: جواز حذف نون "يكن"، لأنها استوفت شروطه، فهي مضارع، مجزوم بالسكون، ما بعده متحرك، ولم يتصل به ضمير، ونظيره:
قوله تعالى: (ولم تك شيئا).
وقوله تعالى: (ولم أك بغيا).
وقول الحطيئة:
ألم أك جاركم ويكون بيني ******* وبينكم المودة والإخاء
فأصل الكلام: ألم أكن جاركم .................
وفيه شاهد لمجيء "أمسى"، بمعناها التام، لا الناقص، الذي يلحقها بأخوات "كان":
فـ "أمسى" التامة تفيد: مجرد الدخول في المساء، ومنه قوله تعالى: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)، أي: حين تدخلون في المساء وحين تدخلون في الصباح.
فمعنى: أمسى رحله: دخل المساء على رحله وهو بالمدينة.
وأما "أمسى" الناقصة، فإنها تفيد اتصاف المبتدأ بالخبر في المساء، كقولك: أمسى محمد مجتهدا، أي اتصف بالاجتهاد في زمن المساء، والله أعلم.
وفيه شاهد لدخول الفاء، وجوبا، على جواب الشرط، لأنه جملة، وهي: (إني وقيار .......... )، والفاء تدخل على جواب الشرط وجوبا، في عدة حالات منها: هذه الحالة وكذا إن كان مبدوءا بـ "قد"، كقولك: من يجتهد فقد أصاب، ............ الخ.
وفيه شاهد لوجوب كسر همزة "إن" لوقوعها في صدر جملة جواب الشرط، وهمزة "إن" تكسر وجوبا إذا تصدرت الكلام، فضلا عن اتصال اللام بخبرها، وهو، أيضا، من موجبات كسر همزتها.
وفيه شاهد لوقوع الاسم المرفوع مسبوقا بالواو بعد اسم "إن" المنصوب، وقبل خبرها.
فيكون تقدير الكلام: فإني بها لغريب و: قيار كذلك، فيكون الاسم المرفوع مبتدأ لخبر محذوف.
أو: فقيار بها لغريب و: أنا كذلك، فيكون ما بعد الاسم المرفوع خبره، ويكون الخبر المقدر هو خبر "إن".
ولا شك أن الوجه الأول أرجح، لأن الخبر المتقدم فيه دال على المتأخر، وهذا هو الأولى، أن يدل متقدم في السياق على متأخر يتلوه، خلاف الوجه الثاني الذي دل فيه المتأخر على المتقدم، كما أشار إلى ذلك ابن هشام، رحمه الله، والله أعلم.
يقول الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله:
وقد ورد في القرآن الكريم آيتان ظاهرهما كظاهر هذا البيت:
الأولى: قوله تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون).
والثانية: قراءة بعضهم: (إن الله وملائكته يصلون)، برفع "ملائكته".
فيكون التقدير في الآية الأولى: إن الذين آمنوا والذين هادوا .................. والصابئون كذلك.
أو: الصابئون ................... والذين آمنوا والذين هادوا كذلك، والتقدير الأول أرجح، لأن المتقدم دل على المتأخر، وهو الأولى، كما تقدم.
ويكون التقدير في الآية الثانية: إن الله يصلي والملائكة كذلك، أو: إن الملائكة تصلي والله كذلك، والأول أرجح، كما تقدم، والله أعلم.
بتصرف من "منحة الجليل"، (1/ 304).
ـ[أبو بشر]ــــــــ[31 - 05 - 2006, 08:26 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم عنقود الزواهر حفظك الله
مشاركتي مرتبطة بالحديث الذي أورده الأخ فريد البيدق فطلب منا أن نبين الشاهد فيه ...
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[31 - 05 - 2006, 12:29 م]ـ
الكريم "أبو بشر"؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
مبارك ومتميز؛ فدم!!
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[31 - 05 - 2006, 12:31 م]ـ
الكريم "مهاجر"؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
الشواهد هنا موضوع للحوار وليست للتعلم الصامت.
... دمت كريما متفاعلا!!
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[31 - 05 - 2006, 12:31 م]ـ
الشاهد الجديد:
فقلت: يمين الله أبرح قاعدا === ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
ـ[أبو بشر]ــــــــ[31 - 05 - 2006, 02:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أظن أن الشاهد في البيت هو عدم توكيد "أبرح" وذلك لأنه منفي تقديراً مع أن التوكيد واجب هنا والتقدير: (فقلت: يمين الله لا أبرح قاعدا) وذلك مثل قوله تعالى: (تالله تفتأ تذكريوسف) أي تالله لا تفتأ تذكر يوسف، والله أعلم
ـ[أبو بشر]ــــــــ[31 - 05 - 2006, 02:52 م]ـ
إضافة إلى ما قلت آنفاً
ومن المعلوم في باب "كان" وأخواتها أن أربعة منها لا تعمل الرفع والنصب إلا إذ سبقت بنفي أو شبهه، وهذه الأربعة هي: ما زال، وما برح، وما فتئ، وما انفكّ، و (أبرح) عاملة في البيت ومع أنها غير مسبوقة بالنفي أو شبهه في الظاهر، فلذا نقدر أداة نفي قبلها، والله أعلم
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[31 - 05 - 2006, 04:48 م]ـ
الكريم "أبو بشر"؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
بورك هذا الثراء!!
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[31 - 05 - 2006, 04:49 م]ـ
الشاهد التالي:
إن المرء ميتا بانقضاء حياته = = ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا
ـ[أبو بشر]ــــــــ[31 - 05 - 2006, 05:08 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشاهد في اليت إعمال "إن" النافية عمل "ليس" خلافاً لمن أنكر ذلك، فـ"المرء" اسم "إن" و"ميتاً" خبرها، وإن لم يكن كذلك فعلامَ ينتصب "ميتاً"؟، والله أعلم
¥