تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[حول تاء التأنيث]

ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 06 - 2006, 07:34 ص]ـ

بسم الله

السلام عليكم

فمن المعلوم أن "تاء التأنيث" التي تلحق آخر الفعل الماضي، حرف، بالإجماع، ولا اعتداد بخلاف الجلولي الذي ادعى أنها اسم، فقوله هذا، كما يقول ابن هشام، رحمه الله، خرق للإجماع.

وربما وصلت هذه التاء بـ:

حرف، كقوله تعالى: (ولات حين مناص)، فوصلت بـ: "لا"، و "لات"، تعمل عمل "ليس"، فتقدير الكلام: وليس الحين حين مناص، والله أعلم.

أو بـ: "رب"، كقول الشاعر:

ماوي يا ربتما غارة ******* شعواء كاللذعة بالميسم

أو بـ: "ثم"، كقول الشاعر:

ولقد أمر على اللئيم يسبني ******* فمضيت ثمت قلت لا يعنيني

وبدخول تاء التأنيث الساكنة وتاء الفاعل على: "ليس" و "عسى"، علمت فعليتهما، خلاف من قال بحرفيتهما.

وبدخول تاء التأنيث الساكنة وحدها على: "نعم" و "بئس"، علمت فعليتهما، خلاف من قال بأنهما اسمان، فتقول: نعمت المرأة هند، و: بئست المرأة حمالة الحطب.

مغني اللبيب، (1/ 137).

و"منحة الجليل بتحقيق شرح ابن عقيل"، (1/ 22).

وعن أحكام تأنيث عامل الفاعل ونائب الفاعل يقول ابن هشام، رحمه الله، في شرح شذور الذهب:

الحكم الرابع: أن عاملهما يؤنث إذا كان مؤنثين، وذلك على ثلاثة أقسام: تأنيث واجب، وتأنيث راجح، وتأنيث مرجوح.

والعامل هنا لا يقتصر على الفعل، كما أشار إلى ذلك ابن هشام، رحمه الله، في "شرح قطر الندى"، فتاء التأنيث إما أن تكون:

متحركة: إذا كان العامل فعلا، كقولك: الشمس طلعت.

أو ساكنة: إذا كان العامل وصفا، كقولك: زيد قائمة أمه، فعامل الرفع في "أمه" هو اسم الفاعل: "قائمة"، فإذا ما استبدلته بالفعل الدال على حدثه، سكنت تاء التأنيث فتقول: زيد قامت أمه، أو: زيد تقوم أمه، إذا كان العامل فعلا مضارعا.

فأما التأنيث الواجب ففي مسألتين:

إحداهما: أن يكون الفاعل المؤنث ضميرا "متصلا"، ولا فرق في ذلك بين حقيقي التأنيث ومجازيه، فالحقيقي نحو:

هند قامت، ففاعل "قامت"، ضمير مستتر عائد على المبتدأ "هند" تقديره: هي.

والمجازي نحو: الشمس طلعت، أي: طلعت هي، فالفاعل، أيضا، ضمير مستتر يعود على مؤنث مجازي وهو "الشمس".

وأما إن كان الضمير منفصلا لم يؤت بالتاء، نحو: هند ما قام إلا هي، خلاف قولك: هند ما قامت، فالتأنيث واجب لعدم الفصل.

وضابط التفريق بين المؤنثين: الحقيقي والمجازي، أن الأول ما له فرج، وقد أشار إلى ذلك ابن مالك، رحمه الله، بقوله:

................ ******* أو مفهم ذات حر

أي: المؤنث الحقيقي، والحر، بكسر الحاء، هو الفرج، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث المعازف عند البخاري: (ليكونن مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).

أي: يستحلون، ضمن ما يستحلون، الفروج بالزنى، والحرير باللبس.

والثاني ما كان تأنيثه غير حقيقي، فلا فرج له، وإنما هو من باب التأنيث اللفظي.

وأما قول الشاعر:

إن السماحة والمروءة ضمنا ******* قبرا بمرو على الطريق الواضح

فضرورة، إذ الصحيح في الاختيار: إن السماحة والمروءة ضمنتا ............

لأن الضمير المستتر في "ضمنا" عائد على مؤنثين مجازيين: السماحة والمروءة.

وكذا قول عامر بن جوين الطائي:

فلا مزنة ودقت ودقها ******* ولا أرض أبقل إبقالها

ففي قوله: فلا مزنة ودقت، اطراد للقاعدة، لأن الضمير في "ودقت" عائد على مؤنث مجازي "مزنة".

وأما في قوله: (أرض أبقل)، ضرورة، لأن الضمير في "أبقل"، عائد على مؤنث مجازي "أرض"، ومع ذلك ذكر الفعل.

فأتى بالقاعدة في شطر، وأتى بشاذ من الشواذ في الشطر الآخر.

وقول الأعشى ميمون بن قيس:

فإما تريني ولي لمة ******* فإن الحوادث أودى بها

حيث ذكر الفعل "أودى"، ضرورة، لأن ضميره عائد على مؤنث مجازي، فلو جرى على القاعدة لقال: "أودت".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير