ـ[داوود أبازيد]ــــــــ[10 - 06 - 2006, 02:42 م]ـ
جاء في التنزيل: {وتَبَتّل إِليه تبتيلاً} جاء المصدر فيه على غير طريق الفعل، والأَصل في تبتل أَن تقول تبتلت تبتلاً، فتبتيلاً محمول على معنى بَتِّل إِليه تبتيلاَ، كي يكون الأمر في الانقطاع إلى الله مستمراً دائماً غير منقطع، فأتى بالمصدر من الفعل الماضي لا المضارع من أجل الاستمرار والتجدد. وهذا ـ في نظري ـ هو السر البياني. والله أعلم
أخي العزيز أبو زياد .. إن مصدر الفعل واحد للماضي والمضارع والأمر، فالفعل الماضي بتّلَ، ومضارعه يبتّل، وأمرهما بتِّلْ، كل هذه مصدرها (تبتيل) .. والماضي تبتّل، ومضارعه يتبتّل، وأمرهما تبتّلْ، كلها مصدرها (تبتُّل) والفعل تبتل في الآية ماض وليس مضارعا، ولكن القرآن الكريم استخدم الفعل الخماسي (تبتل) وأتى بعده بمصدر الفعل الرباعي (بتل) .. فالمصدر هو المصدر .. وليس في الآية مضارع ولا ماض، وإنما في الآية فعل أمر خماسي، ومصدر للفعل الرباعي منه، والسر البياني ليس في زمن الفعل والله أعلم ..
ـ[داوود أبازيد]ــــــــ[10 - 06 - 2006, 02:57 م]ـ
الأخ عنقود الزواهر .. جزاك الله خيرا، فهذه المعاني لصيغتي فعّل وتفعّل هي التي يريدها أو يريد بعضا منها الأخ السائل، كما أتصور .. ولكن تقديمها بهذا الشكل يفيد المختص، وربما صعب على غير المختص أن يفهم بعضا مما ذكرت .. وشكرا ..
ـ[عنقود الزواهر]ــــــــ[10 - 06 - 2006, 03:36 م]ـ
أما ما يتعلق بالآية، فقد ذكرت في المشاركة السابقة أن التفعيل يأتي موافقا لـ (التفعل)، فالتبتيل بمعنى التبتل، وإنما جاء به هنا على هذا الوجه لمراعاة الفواصل، ولذا قال الزمخشري: " فإن قلت كيف قيل تَبْتِيلاً مكان تبتلا؟ قلت: لأن معنى تبتل: بتل نفسه، فجيء به على معناه؛ مراعاة لحق الفواصل"، وفاصلة الآية التي قبلها هي: "طويلا". ووافقه على هذا صاحب البحر، فقال: " انتصب تَبْتِيلاً على أنه مصدر على غير الصدر، وحسّن ذلك كونه فاصلة".
ـ[المعلم]ــــــــ[10 - 06 - 2006, 03:49 م]ـ
ما رأيكم بمن يقول: إن ((التفعُّل)) مصدر يدل على وجود الدلالة في شيء واحد، دون اشتراك مع آخر، أما ((التفعيل)) فلا يكون إلا بالاشتراك، ولذلك يقال: بدأ الطفل يحسن التكلُّم، إذا أردت مجرد الحدث، وتقول: بدأ بتكليم أبيه، حين يراد بدء الممارسة في الحدث. ومن ذلك بدأ الطالب بالتعلُّم، إذا كان المراد جنس الحدث دون المشاركة في التعليم، وتقول استفاد الطالب من التعليم، إذا كان هناك مشاركة مع أستاذه،؟!
وعلى هذا فقس، وقريب من ((التفعيل)) ((فِعال)) و ((مُفاعلَة))
ـ[أبو بشر]ــــــــ[11 - 06 - 2006, 08:01 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال ابن عاشور (رحمه الله) في تفسير قوله تعالى: (وتبتل إليه تبتيلا)
[والتبتل: شدة البتل، وهو مصدر تبتل القاصر الذي هو مطاوع بتله فتبتل وهو هنا للمطاوعة المجازية يقصد من صيغتها المبالغة في حصول الفعل حتى كأنه فعله غيره به فطاوعه، والتبتل: الانقطاع وهو هنا انقطاع مجازي، أي تفرغ البال والفكر إلى ما يرضي الله، فكأنه انقطع عن الناس وانحاز إلى جانب الله فعدي بـ (إلى) الدالة على الانتهاء، قال امرؤ القيس:
منارة ممسى راهب متبتل
والتبتيل: مصدر بتل المشدد الذي هو فعل متعد مثل التقطيع.
وجيء بهذا المصدر عوضا عن التبتل للإشارة إلى حصول التبتل، أي الانقطاع يقتضي التبتيل أي القطع. ولما كان التبتيل قائما بالمتبتل تعين أن تبتيله قطع نفسه عن غير من تبتل هو إليه فالمقطوع عنه هنا هو من عدا الله تعالى فالجمع بين) تبتل (و) تبتيلا (مشير إلى إراضة النفس عن ذلك التبتل. وفيه مع ذلك وفاء برعي الفواصل التي قبله.
والمراد بالانقطاع المأمور به انقطاع خاص وهو الانقطاع عن الأعمال التي تمتعه من قيام الليل ومهام النهار في نشر الدعوة ومحاجة المشركين ولذلك قيل) وتبتل إليه (أي إلى الله فكل عمل يقوم به النبي صلى الله عليه وسلم من أعمال الحياة فهو لدين الله فإن طعامه وشرابه ونومه وشؤونه للاستعانة على نشر دين الله. وكذلك منعشات الروح البريئة من الإثم مثل الطيب، وتزوج النساء، والأنس إلى أهله وأبنائه وذويه، وقد قال حبب إلي من دنياكم النساء والطيب.
وليس هو التبتل المفضي إلى الرهبانية وهو الإعراض عن النساء وعن تدبير أمور الحياة لأن ذلك لا يلاقي صفة الرسالة.
وفي حديث سعد في الصحيح رد رسول الله على عثمان ابن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا يعني رد عليه استشارته في الإعراض عن النساء.
ومن أكبر التبتل إلى الله الانقطاع عن الإشراك، وهو معنى الحنيفية، ولذلك عقب قوله) وتبتل إليه تبتيلا (بقوله) رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو (.
وخلاصة المعنى: أن النبي صلى الله عليه وسلم مأمور أن لا تخلو أوقاته عن إقبال على عبادة الله ومراقبته والانقطاع للدعوة لدين الحق، وإذ قد كان النبي صلى الله عليه وسلم من قبل غير غافل عن هذا الانقطاع بإرشاد من الله كما ألهمه التحنث في غار حراء ثم بما أفاضه عليه من الوحي والرسالة]
¥