تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنا شخصياًّ لا أنكر وجود "لو" المصدرية على الرغم مما يقول جمهور النحاة، لكن مع ذلك أفهم وجهة نظرهم وقد أميل إليها من حيث التعليل والتفسير، كما أعلم بناء على هذا الخلاف بين النحاة أن مسألتنا هذه محتملة لأكثر من تفسير فلِمَ نضيق نظرنا وصدرنا حتى لا نرى إلاّ وجهة نظرنا ولا يتسع صدرنا إلا لرأينا ولاسيما في المسائل النحوية الظنية المحتمِلة مثل ما نحن بصدده؟ لقد قلت بقول في هذه المسألة فتراجعت عنه ثم بدا لي جانب آخر في المسألة فعدت إلى ما قد قلت به أولاً، وليس ذلك إلا لأني أريد أن أعرف الحق والصواب في المسألة، والحق والصواب فيها أنها محتملة فمن قال بهذا فله في المسألة ما يحتمله ومن قال بذاك فله في المسألة ما يحتمله ولا ألزم غيري بما أرى فيها فقد يرى غير ما أرى.

وأخيراً أترككم مع ما يقول ابن عاشور في مسألة "لو" وأن أصلها "شرطية" لكن تطورت إلى ما هي مصدرية في الصورة حتى يقول بعض النحاة بمصدريتها، فكأن ابن عاشور يحاول الجمع بين الأطراف، والله أعلم:

[وقوله (لو يعمر ألف سنة) بيان ليود أي يود ودا بيانه لو يعمر ألف سنة، وأصل لو أنه حرف شرط للماضي أو للمستقبل فكان أصل موقعه مع فعل يود ونحوه أنه جملة مبينة لجملة يود على طريقة الإيجاز والتقدير في مثل هذا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة لما سئم أو لما كره فلما كان مضمون شرط لو ومضمون مفعول يود واحدا استغنوا بفعل الشرط عن مفعول الفعل فحذفوا المفعول ونزل حرف الشرط مع فعله منزلة المفعول فلذلك صار الحرف مع جملة الشرط في قوة المفعول فاكتسب الاسمية في المعنى فصار فعل الشرط مؤولا بالمصدر المأخوذ منه ولذلك صار حرف لو بمنزلة أن المصدرية نظرا لكون الفعل الذي بعدها صار مؤولا بمصدر فصارت جملة الشرط مستعملة في معنى المصدر استعمالا غلب على لو الواقعة بعد فعل يود وقد يلحق به ما كان في معناه من الأفعال الدالة على المحبة والرغبة. هذا تحقيق استعمال لو في مثل هذا الجاري على قول المحققين من النحاة ولغلبة هذا الاستعمال وشيوع هذا الحذف ذهب بعض النحاة إلى أن لو تستعمل حرفا مصدريا وأثبتوا لها من الواقع ذلك موقعها بعد يود ونحوه وهو قول الفراء وأبي علي الفارسي والتبريزي والعكبري وابن مالك فيقولون لا حذف ويجعلون لو حرفا لمجرد السبك بمنزلة أن المصدرية والفعل مسبوكا بمصدر والتقدير يود أحدهم التعمير وهذا القول أضعف تحقيقا وأسهل تقديرا.]

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير