التَّنَازع: أن يَتَقَدَّمَ فِعْلاَنِ مُتَصَرِّفَانِ أو اسْمانِ يُشبِهانِهِما في العَمَل، أو فِعْلٌ مُتَصرِّفٌ واسْمٌ يُشبهُه في التَّصرُّفِ ويتأخَّرُ عَنْهُما مَعْمُولٌ غَيْرُ سَبَبي مَرْفُوع، وهو مَطْلُوبٌ لِكُلٍّ مِنهما مِن حَيْثُ المعنى والطلب، إمَّا على جِهَةِ التَّوافُق في الفَاعِليَّة لَهُما أو المَفْعُولِيَّة أو مَع التَّخالُف فيهما بأن يكون الأوَّلُ على جهةِ الفَاعِليَّةِ، والثَّاني على جِهةِ المَفْعُولية أو بالعَكْس، والعَامِلان:
إمَّا فِعْلان، أوْ اسْمان أو مختلفان (وأمثلتها اثْنا عشر مثالاً: مثال الفعلين في طلب المرفوع "قَام وقَعَد الخَطِيبُ" ومِثالُهما في طَلب المَنْصُوبِ "أكْرَمتُ واحترمته زَيْداً" ومثالُهما في طَلب أحَدِهما المرفوعَ والآخر المنصوبَ "قام وانتظرتُ زيداً" ومثالهما في طلب العكس "انتظرتُ وقالَ زيدٌ" ومثال الاسمين في طلب المرفوع "أقائمٌ وقاعِدٌ الخَطيبان" ومثالهما من طلب المَنصوب "خالِدٌ مُعَلِمٌ ومُكرِمٌ عَلياً" ومثالُ= اخْتلافهما في الصورتين "محمد جاءَ ومُكرِمٌ أَبويه" وعكسُه "أحمدُ ذاهبٌ ووَاقِفٌ أَبَواه" ومثال الاسمِ والفعل في طلب المرفوع "أَقَائِمٌ أو قَعَد حَسنٌ" ومثالهما في طَلب المنصوب "زيدُ ضارِبٌ ويُكرمُ عَمْراً" ومثال اختلافهما مع تقدَّم طلبَ المَرفوع "أقائمٌ ويَضْرِبُ عَمْراً" وعَكْسُهُ "ضربت أو قائم زيد").
مثال الفعلين قوله تعالى: {آتوني أُفْرِغْ عَليه قِطْراً} (الآية "96" من سورة الكهف "18". فـ {آتونِي} يَطلبُ قِطراً، على أنه مفعولٌ ثانٍ له، و "أفْرِغ" يطلبُه على أنَّه مفعوله وأُعْمِل الثاني وهو "أفرغ" في "قِطراً" وأعملَ "آتوني" في ضَميره وحَذَفه لأنه فَضْلَةٌ والأصل آتوني قطراً، ولو أعمل الأول لقيل "أفرغه")، ومثال الاسمين قولُه:
عُهِدْتَ مُغِيثاً مُغْنِيَاً مَن أجَرْتَهُ * فَلَم أَتَّهِذْ إلاَّ فِناءَك مَوْئلاً
(فـ "مغيثاً" من أغاث و "مغنياً" من أغنى تَنازَعاً "مَن" الموصولة فكل منهما يطلبها من جهةِ المَعْنى على المَفْعولية، وأعملَ الثاني لقربه، وحذفَ ضمير المفعول من الأول، والأصل "مغيثهُ" و "المَوئل" الملجأ)
ومثال المختلفين قوله تعالى: {هَاؤمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَة} (الآية "19" من سورة الحاقة "69" فـ "ها" اسم فعل أمر بمعنى "خذ" والميم للجمع و "اقرؤوا" فعل أمر تنازعا "كتابية" وأعمل الثاني لقربه).
- تعدد المتنازِع والمُتنازَع فيه:
كما يكونُ المتنازِع عامِلَين، يكونُ أكثرَ، والمتنازَع فيه كما يكونُ واحداً يكون أكثرَ، ففي الحديثِ: (تُسَبِّحونَ وتُكَبِّرون وتحمَدُونَ، دُبَرَ كُلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثَلاثين) فتَنَازَعَ ثلاثة (الثلاثة هي "تسبحون وتكبرون وتحمدون") في اثنين: ظَرفٌ ومَصْدر (الظرف: "دبر" والمصدر "ثلاثاً" أي تسبيحاً ثلاثاً).
- يمتنعُ التَّنازُع في أشياء:
عُلِمَ أنَّ المتنازعَيْن، لا بُدَّ أنْ يكونا فِعْلَين أو اسمين مُشْتَقَّين، أو مُخْتَلِفَي الاسْمِيَّة والفِعْلِيَّةِ، فلا يَقعُ التَّنازُعُ بينَ حَرْفين، ولا بينَ حَرْفٍ وغَيْرِه، ولا في مَعْمُولٍ متَقَدِّمٍ نحو "أَيُّهُم كلَّمتَ واستَشرتَ" ولا في مُتَوَسِّط نحو "استقبلتُ عليّاً وأكرمت" ولا في سَبَبِي مَرفُوع نحو قول كُثَيِّر عزة:
قَضَى كلُّ ذِي دَيْنٍ فَوفَّى غريمَه * وعَزَّةُ مَمْطُولٌ مُعَنَّى غَريمُها
(فـ "غريمها" مبتدأ ثان، والمبتدأ الأول "عزة" و "ممطول ومعنى" خبران للمبتدأ الثاني)
ولا في قول جرير:
فَهَيْهَاتَ هَيْهاتَ العَقِيقُ ومَنْ بِه * وَهَيْهَاتَ خِلٌّ بالعَقِيقِ نُواصِلُه
(الطالب للمعمول هنا هي "هيهات" الأولى، طلبت فاعلها وهو "العقيق" أما الثانية فهي لمجرد التقوية، فلا فاعل لها)
ومثله قولُ الشاعر:
فَاَيْنَ إلى أيْنَ النَجاةُ بِبِغْلَتي * أَتَاكِ أَتَاكِ اللاحِقُون احْبِسِ احْبِسِ
"فاللاَّحِقون" فاعل "أَتَاكِ" الأَوَّل، و "أتاكِ" الثاني لمجرَّد التَّقْويةِ فلا فاعلَ له، ولو كانَ مِنَ التنازعِ لقال: "أتاك أَتوك" على إعمال الأولى، أو "أتوك أتاك" على إعمال الثاني.
- يجوزُ إعمال أَحدِ العَامِلَيْن:
¥