تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وليس ذلك غريبًا على باحث سلخ من عمره أشواطًا في دراسة الإمام العلَم ابن حزم الأندلسي، وعاش مع الحضارة العربيّة والإسلاميّة ما أنساه أن يكون أبًا كغيره من العلماء ... انظر إليه في بحثه (معاوية في الأساطير) وقد أعوزته المادّة العلميّة يقول [22]: "في دار الكتب الظاهريّة بدمشق مخطوطتان لتاريخ دمشق الكبير للحافظ ابن عساكر، عكفت على تفليتهما شهورًا طويلة فوجدت فيهما عونًا على موضوعنا، ولفتًا للذهن إلى الطريق اللاّحب بعد أن كنت أسيرًا في بنيّات [23] الطّرق"، وهذا شأنه رحمه الله مع كلّ نتاجه العلمي.

وقد كانت المنتديات الأدبيّة والمقاهي الثّقافيّة والمجالس العلميّة وما زالت إلى اليوم، منتشرة بشكل بارز في سوريّة، خصوصًا في فترة الاحتلال الفرنسي وما بعدها بقليل، حيث كان يجتمع فيها الأدباء والمفكّرون والشّعراء، كلّ يدلي من جانبه في الموضوع المطروح للنقاش، وقد أثمرت هذه اللقاءات ثمارًا طيّبة في إخراج جيل يتسلّح بالعلم، ويتقن العربيّة الفصحى بصرف النظر عن اختصاصه، وكان أثرها في النّاس مجديًا يفوق ما يأخذه الطلاّب في الجامعات.

وأشار الأستاذ زهير الشاويش في مقاله [24] إلى أنه تتلمذ على الأستاذ سعيد الأفغاني في المجالس التي كان يعقدها الشيخ علي الطنطاوي سنة 1945 في المدرسة الأمينيّة، وفي جلسات خاصّة في بعض متنزّهات دمشق في بساتين شارع بغداد أو نهاية خط المهاجرين في سفح قاسيون قرب مصلّى العيد، أو في زيارته التي يتكرّم بها علينا في المكتب الإسلامي، أو في دارنا في الميدان حيث كان يُسرّ مما يسمع من والدي من أحاديث البادية والجهاد.

وكانت له رحمه الله لقاءات خاصّة به يبعد فيها عن ضيق الدّرس ومتاعبه، يجلس إلى أصحاب الحرف في أسواق دمشق (حدّثني بذلك أحد تلامذته)، يبتعد فيها عن جدليّات الأساتذة في مسائل النحو والصّرف، ليكون قريبًا من العامّة الذين يشكّلون بالنسبة إليه تاريخًا مضيئًا لحقبة من تاريخ الشّام العظيم.

حياته العملية:

بدأ الأفغاني حياته العمليّة بعد نواله الثانوية العامة معلمًا للمرحلة الابتدائية في قرية (منين) قرب دمشق سنة 1928م، وبعدها بسنة عيّن مدرّسًا إكماليًّا في مدرسة (التجارة الإعدادية) حتى سنة 1940م، لينتقل بعدها مدرّسًا للمرحلة الثانوية في مدرسة التجهيز الأولى (ثانوية دمشق) حتى سنة 1946، ثم صار مدرسًا جامعيًا بكلية الآداب في الجامعة السورية منذ سنة 1948.

وانتدب للتعليم في المعهد العالي للمعلمين [25] في 5/ 11/1950، وقد تدرّج في الجامعة أستاذًا مساعدًا في 16/ 12/1950، ثم أستاذًا ذا كرسي لعلوم العربية في 1/ 1/1957، ثم صار رئيسًا لقسم اللغة العربية سنة 1958، ثم انتخب عميدًا لكلية الآداب سنة 1961، وبقي فيه إلى أن تمّت إحالتة إلى التقاعد في الأول من كانون الثاني سنة1969.

وبعد إحالته إلى التقاعد، ولشهرته الذائعة الصيت، تعاقدت معه بعض الجامعات العربية، مثل الجامعة اللبنانية بين سنتي (1968 - 1971)، وانتدب خلالها إلى جامعة بيروت العربية انتدابًا إضافيًا، ثم دعته الجامعة الليبية (جامعة بنغازي فيما بعد) للتعاقد معها بين سنتي (1972 - 1977)، رأس خلالها قسم اللغة العربية، وكان مسؤولاً فيها عن تحرير مجلة كلية الآداب، ثم لبّى دعوة الجامعة الأردنية سنة 1980، وجامعة الملك سعود في الرياض سنة 1984، لتكون آخر محطاته في العملية التدريسية بسبب كِبَر سنِّه وتعبِ عينيه [26].

المجامع العلميّة:

تعدّ مجامع اللغة العربية في دمشق والقاهرة وبغداد وعمّان، من أبرز المؤسسات العلمية العربية التي تُعنى بشؤون العربية وتراثها المجيد، وقضاياها المعاصرة، وقدرتها على استيعاب الثورة العلمية والتكنولوجية ترجمة وتعريبًا.

والأفغاني واحد من أولئك الذين أفنوا عمرهم في خدمة العربيّة لغة القرآن المجيد .. فكان لعطائه المتميّز أن انتخب عضوًا مراسلاً [27] في المجمع العلمي العراقي سنة 1960، ثمّ انتخب فيه عضوًا مؤازرًا [28]، وانتخبه مجمع اللغة العربية في القاهرة عضوًا مراسلاً سنة 1970، ثم أعيد انتخابه فيه عضوًا عاملاً [29] في السادس عشر من شباط سنة 1991، مع أربعة أعضاء آخرين كان المتحدّث باسمهم في حفل الاستقبال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير