تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ترجمة وسيرة العلامة المعلِّمي رحمه الله

ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[05 - 06 - 04, 01:53 ص]ـ

العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي

ذهبي عصره (1312 - 1386)

للأستاذ محمد أولاد عتو

نشرتها مجلة الإلماع التي تصدرها جمعية ابن عبد البر

(1) التعريف به:

هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن يحيى بن علي بن أبي بكر محمد المعلمي العُتمي اليماني، نسبة إلى "بني المعلم" من بلا عتمة باليمن.

ولد في أواخر سنة 1312 هـ بقرية "المحاقرة" في قرى "سِنحان" إحدى نواحي "عُتمة" باليمن، ونشأ في بيت علم وصلاح وتدين، حيث والده على تعليمه وتوجيهه، وتردد إلى بلاد " الحُجَرية" (وراء تعز)، وتعلم بها. قرأ القرآن على والده وأحد شيوخ عشيرته قراءة مجودة متقنة، والتحق بإحدى المدارس الحكومية في "الحجرية". ثم ما لبث أن فارقها وأقبل على قراءة كتب النحو حتى قويت ملكته فيه. عاد إلى بلده "الطُّفَن" بتوجيه من أبيه، حيث تخرج بالشيخ العلامة أحمد بن محمد بن سليمان المعلمي في النحو والفقه والفرائض. ثم أقبل لفترة غير قصيرة على دراسة كتب الأدب، وأولع بالشعر فقرضه. وفي سنة 1336 ارتحل إلى " جِيزان" التي كانت تحت إمارة محمد بن علي الإدريسي ب "عسير"، وتولى رئاسة القضاء، وظهر علمه وعدله وورعه فلُقب بشيخ الإسلام.

وبعد موت الإدريسي سنة 1341هـ سافر إلى الهند، وعمل في دائرة المعارف العثمانية ب "حيدر أباد" حيث أجازه إجازة شرعية الشيخ عبد القدير محمد الصديقي القادري، أحد كبار شيوخ كلية الحديث في الجامعة العثمانية. وقد ظل أبو عبد الله المعلمي طيلة ربع قرن يعنل _ كأحد أهم وأبرز مصححي ومحققي هذه الدائرة _ على إخراج كتب الحديث وتاريخه ورجاله إخراجا علميا، رضي العارفون بالتراث، والمكابدون لمشاقه ومتاعبه.

عاد إلى مكة، فعين أمينا لمكتبة الحرم المكي في سنة 1372 هـ وبقي هناك يعمل في صبر ومثابرة، جامعا بين خدمة رواد المكتبة، وتحقيق الكتب التي كانت تطبع في دائرة المعارف العثمانية حتى توفي رحمه الله صبيحة يوم الخميس السادس من شهر صفر 1386هـ. وقد بلغ من العمر 73 سنة.

ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[05 - 06 - 04, 02:40 ص]ـ

(2) مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

هذا الرجل من أفذاذ الرجال، وهو بحق ذهبي عصره. نذر عمره لخدمة التراث الإسلامي، ونصرة السنة والذب عنها، وحراسة الحقيقة وتصحيحها، في عصر تعرضت فيه الأمة الإسلامية، مشرقا ومغربا لخطوب وفتن كقطع الليل المظلم، من جراء "الاستعمار" و"التبشير" و"الاستشراق"، هذه الثلاثة التي عملت وما زالت آثارها تعمل دون هوادة، متعاونة متضامنة متآزرة لتحقيق هدف واحد: هو الكيد للإسلام في عقر داره، واستنفاد قوة المسلمين بالمناوشة والمطاولة والمثابرة بالدهاء والمكر والسياسة والصبر المتمادي، حتى يأتي عليه يوم لا يملك فيه إلا أن يستكين ويستسلم، وليكن ذلك من وراء الغفلة، وبالدهاء والرفق تارة، وبالتنمر والتكشير عن الأنياب تارة أخرى، ولكن قدرة الإسلام على صنع رجال كالمعلمي وغيره، ممن يحملون لواء الدفاع عن الأمة الإسلامية، ويقومون على حراسة التراث وبعثه لمما يقف غصة في حلق أعداء الدين.

انتشرت أعمال أبي عبد الله المعلمي، وأصبح موضع ثناء وتقدير من طرف العلماء والباحثين. ومن أبرز المثنين عليه في كتاباتهم كلما عرض ذكره: الشيخ محمد حامد الفقي، والشيخ محمد عبد الرزاق حمزة، والعلامة المحدث أحمد محمد شاكر، والشيخ محب الدين الخطيب، والعلامة محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد.

ويرجع الفضل في بلوغ أبي عبد الله المعلمي هذه الرتبة من العلم لعصاميته، إذ يبدو أثر تكوينه الشخصي أكبر بكثير من أثر ما أخذه عن شيوخه، وقد ساعده على ذلك عمله بدائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد حيث أتيح له الاطلاع على عدد وافر من الكتب والمخطوطات، كما أن تخصصه في الحديث وعلومه وكتب الرجال وملكته القوية في العربية والنحو وأصول الفقه، بالإضافة إلى قدرات مميزة من تيقظ وحفظ وسيلان ذهن، وهمة عالية وشغف بالعلم، إلى أخلاق عالية، كل هذا جعل منه علَما شامخا بين زملائه وأقرانه.

هذا ومما يجدر التنويه به هنا، الوقوف عند ثلاثة جوانب مميزة من شخصيته:

(يتبع)

ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[07 - 06 - 04, 01:27 ص]ـ

المعلمي وتصحيح العقيدة

إن مؤلفات الشيخ وتعليقاته على الكتب التي أخرجها أو قدم لها، وبالخصوص منها كتابه القيم: "القائد إلى تصحيح العقائد"، وما جاء في ثنايا كتابه "التنكيل"، كل ذلك يثبت أنه كان على علم عميق بمباحث العقيدة، وتمثل جيد لتراث شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم في هذا الجانب. ولقد بلغ من اهتمامه بالعقيدة أن صار له فيها فقه خاص على منهج السنة والجماعة.

وقد كتب الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة بعد قراءته لكتاب " القائد إلى تصحيح العقائد" يقول: "فرغت من قراءة هذا الكتاب، فإذا هو من أجود ما كتب بابه في مناقشة المتكلمين والمتفلسفة الذين انحرفوا بتطرفهم وتعمقهم في النظر والأقيسة والمباحث، حتى خرجوا عن صراط الله المستقيم، الذي سار عليه الذين أنعم عليه من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، من إثبات صفات الكمال لله تعالى، من علوه سبحانه وتعالى على خلقه علوا حقيقيا، يشار إليه في السماء عند الدعاء إشارة حقيقية، وأن القرآن كلامه حقا حروفه ومعانيه، كيفما قرئ أو كتب، وأن الإيمان يزيد وينقص حقيقة، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاني، وأن الأعمال جزء من الإيمان، ولا يتحقق الإيمان إلى بالتصديق والقول والعمل".

ولقد حقق المؤلف هذه المطالب بالأدلة الفطرية والنقلية، وأوضح بالحجة والبرهان، أن طريقة السلف في الإيمان بصفات الله تعالى أحكم وأسلم، وأن طريقة الخلف أجهل وأظلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير