[ترجمة الشيخ العلامة عبد الغني الدقر رحمه الله تعالى بقلم أحد تلاميذه]
ـ[أحمد الشبلي]ــــــــ[21 - 12 - 02, 06:42 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإنا لله وإنا إليه راجعون، حسبي الله ونعم الوكيل.
ببالغ الألم وصلنا نبأ وفاة شيخنا العلامة مسند الشام، ولُغوي الزمان: عبد الغني الدَّقْر رحمه الله، فأحسن الله عزاء أهل السنة فيه.
ورأيت وفاء لشيخنا أن أنشر شيئا من ترجمته العطرة، ليكون قدوة لأمثالي من الطلبة، فقد قَلَّ نظير الشيخ في هذا الزمان:
نشأته:
وُلد الشيخ رحمه الله في حي باب الجابية بدمشق سنة 1335 الموافقة لعام 1917 بتقويم النصارى، ونشأ في بيت علم وتقوى، فوالده الشيخ محمد علي بن عبد الغني الدقر كان صاحب نشاط علمي بارز في دمشق، وكان له أثر كبير في مقاومة الجهل في بعض المناطق النائية، مثل قرى حوران، ودرس عليه جمع غفير من أبنائها، ووالدته شريفة من آل المرادي، إحدى الأسر العريقة في دمشق.
دخل الشيخ عبد الغني الكُتّاب، فقرأ ختمة كاملة نظرا على المقرئ عز الدين العرقسوسي، وأقيم له حفل الختم ولم يتجاوز عمره السبع سنوات.
درس الشيخ في المدرسة التجارية إلى الصف التاسع، وتخرج وعمره 12 عاما، لأنه أُدخل الصف الرابع مباشرة نتيجة نبوغه المبكر، ولم يحصل الشيخ على شيء من هذه الشهادات المعاصرة.
قرأ القرآن الكريم كاملا برواية حفص على الشيخ المقرئ عبد الوهاب دبس وزيت، ودرس في المدرسة على عدد من المشايخ، منهم الشيخ عبد الرحمن الخطيب في الفقه الشافعي، والشيخ هاشم الخطيب في النحو والبلاغة، والشيخ حسني البغّال في الكلام والعقائد، والشيخ واصف الخطيب في علم الحساب، وغير ذلك.
اشتهر الشيخ في صباه بالصيد وركوب الخيل، ولكنه عاد بشغف للقراءة والتحصيل، وساعده على ذلك نبوغه النادر.
وكان الشيخ يَقرأ الكتب العالية في اللغة والأدب وهو ابن بضع عشرة سنة! ونتيجة لذلك فقد عقد له أبوه الشيخ علي في جامع السنانية بدمشق مجلسا لإقراء النحو وتدريسه وهو في الخامسة عشرة، فبدأ مع الطلبة بمتن الآجرومية، ثم شرحها للأزهري، ثم انتقل إلى قطر الندى لابن هشام فأعاده درسا خمس مرات، ثم انتقل إلى شذور الذهب فأعاده مرتين، ثم انتقل إلى شرح ابن عقيل على الألفية وانتهى من تدريسه وهو ابن سبعة عشر عاما!
ثم تحول الدرس إلى جامع العَدّاس بدمشق.
شيوخه:
1) الشيخ بدر الدين الحسني درس الشيخ على الطبقة الكبرى من شيوخ دمشق، فقرأ على شيخ الشام المحدث بدر الدين الحسني (ت1354) فترة طويلة، وكان لأبيه درسٌ خاص عند البدر الحسني، فسمع الشيخ عبد الغني عليه معظم الصحيحين، وكتاب الترغيب والترهيب للمنذري، والسنوسية الكبرى في النحو، وشرح الرضي على الكافية لابن الحاجب في النحو، إضافة إلى الدرس العام للشيخ بدر الدين تحت قبة النسر يوم الجمعة، وسمع منه مجموعة من المسلسلات، كالأولية، والدمشقيين، والمسلسل بيوم العيد، ويوم عاشوراء، وغيرها.
وليست خمسة فقط كما ذكر بعض من ترجم للشيخ من إخواننا الأفاضل، بل هي أكثر.
وكانت لشيخنا منزلة عند بدر الدين، الذي شهد له بحسن الفهم في موقف معروف عند طلبة الشيخ، ولما زار الشيخ عبد الحي الكتاني دمشق، وأراد أن يأخذ الإجازة من بدر الدين أخذ معه الشيخ علي الدقر موسّطا إياه، ومعه ابنه الشيخ عبد الغني.
ولشيخنا إجازة عامة من الشيخ بدر الدين.
2) الشيخ علي الدقر وتربى الشيخ عبد الغني عند والده الشيخ محمد علي بن عبد الغني الدقر (ت1362)، وأخذ عنه الفقه الشافعي وأصوله، ومما قرأ عليه: حاشية الباجوري، وحاشية البجيرمي على الخطيب، ومغني المحتاج، نهاية السول في الأصول، وأجازه إجازة عامة.
3) الشيخ محمد جعفر الكتاني الشيخ المحدث محمد جعفر الكتاني (ت1345): سمع عليه مع أبيه وهو في حدود الثامنة جزءا من مسند أحمد، وطُلب من الشيخ إجازة الحضور، فقال: أجزتهم، وأجزتُ حتى هذا الصغير ابن الشيخ علي، وأشار لشيخنا.
ويرى الأخ الشيخ نور الدين طالب (وهو من أبرز المختصين بالشيخ) أن هذه الإجازة خاصة بمسند أحمد، ولكن الذي أعرفه من الشيخ شخصيا؛ وسمعته من كافة من أعرف من الآخذين عن الشيخ أنها إجازة عامة، والله أعلم.
¥