تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وماأنوي فعله هو نقل ما أكرمني الله به من خبرة وتجربة، للاستفادة من ذلك هناك، وصرت الآن على صلة بالحكومة، بعيدا عن المناصب، حيث استعد بالمشاركة بالنصح والإرشاد، كما أعزم –إن شاء الله- الكتابة في الصحف بحيث يكون لي عمود ثابت في إحداها، كما أنوي إلقاء دروس في المساجد وإقامة علاقات حسنة بالجماعات الإسلامية جميعها هنالك، وأحرص على أن تستمر هذه العلاقة حسنة، وأنا الآن والحمد لله على صلة طيبة بهم، فقد جعلنا الله سبحانه، أدوات لنقل التجارب إلى الغير للاستفادة منها.

العصر: كيف ينظر الشيخ جعفر الآن إلى الحكم بعد مسيرة أكثر من إحدى عشرة سنة؟

الشيخ جعفر إدريس: الحكم هناك أول من ينتقده هم أصحابه، وقد صرح البشير أنهم شغلوا عن قضايا الناس، بمشاكلهم في الحكم، وأن كنت أتعجب من قوله أن الخلافات بدأت منذ عام 1992م، فربما بعد إبعاد الترابي وحصول هذه القطيعة أن يكون هناك شيء من سير الأحوال إلى الأفضل.

العصر: هل ينوي الشيخ جعفر رأب الصدع أم التقويم الداخلي ولو كان ذلك على حساب قضايا ذات أهمية كبرى في السودان؟

الشيخ جعفر إدريس: لا بالعكس، فهناك أحد الأخوة كان مسؤولا عن لجنة اسمها لجنة رأب الصدع، فاتصلت به أقول له: ولماذا ترأب الصدع يا أخي فما كل صدع يرأب؟!.

فبعض الصدع مفيد فكتبوها في الصحف!!

لذلك أقول: أنا ما أرى ذلك، ثم إني لست في موضع يمكّنني من إصلاح ذات البين بحكم خلافاتي مع الترابي لذلك أتمنّى أن موضوع الترابي انتهى، والمتعلّقون بالرجل الآن هم متعلقون بشخصه وهذا لن يستمر طويلاً، وأغلب هؤلاء طلاب جامعات، ولم أكن أظن انه سيكون عنده هذا العدد لذلك كان هذا غريباً بالنسبة لي، وقد شرح لي الذين اختلفوا معه أنهم كانوا يعطونه ميزانية بالملايين للتحرك بين الناس، ولم يعرف الطلبة غيره لذلك تعصّبوا له، وهذا كله في العشر سنوات الأخيرة، فلم يكن يذهب إلى الطلبة غيره يتكلم معهم ويؤثر فيهم، ومما قاله لي أخ منهم: أن الناس ينتقدون شباب الحركة الإسلامية في الجامعات بأن ليس عندهم معرفة بالدين، وأنهم متعصبون لقياداتهم فقط، فقال: أن الترابي قصد هذا، وحسب تعبيره: أن الترابي مجتهد في التجهيل، لأنّه وجد أنّ من آثار هذا الجهل الطاعة العمياء له.

العصر: ألا ترون أنّ الحركة الإسلامية سواء في السودان أو غيرها تعاني من أزمة في التصور لطبيعة الحكم الإسلامي، وهذه من جملة الانتقادات التي توجه إلى الحركة الإسلامية، أن ليس عندها تصور واضح للحكم الإسلامي؟

الشيخ جعفر إدريس: هذا صحيح، وقد قلته مراراً لإخواننا في السودان وكيف نتصور الحكم إذا قاد عسكري انقلاباً، لا شك أنه سيحكم كما يحكم عساكره. طبعاً الرجل الذي يحكم في السودان في ذاته متدين، لكن هذا لا يكفي، وعموماً لا أعتبر العيب فيه –أي الذي يحكم- إذ أن الغالب في الحاكم إذا استثنينا عصور الخلافة الراشدة، أن الحاكم لا يكون العالم المفكر، إذاً فالقصور يرجع إلى أدبيات الحركة الإسلامية التي غاب عنها سر هذا الجانب المهم وهذا عجيب إذ كيف نطالب بالحكم الإسلامي ونحن نفتقد إلى تصور صحيح عنه.

فلم تنتج الحركة الإسلامية –وللأسف- شيئاً واضحاً عن الحكم الإسلامي. لذلك كان الذي حدث في السودان غريباً إلى درجة أصيب فيها الناس بصدمة كبيرة، إذا كانوا يتصورون أن الحكم سيكون أفضل مماهو عليه بكثير، فقد حدثت أمور في بداية الحكم الأخير، لم أكن أظن أن الترابي نفسه يمكن أن يعملها، ذلك أن الترابي ليس من أهل الحماس والعاطفة، بالرغم أن الذي كان يبدو للناس هو أن الترابي أكبر فرد في الحكم، وأنه أكبر متعصب ومتزمت في العالم وليس عند الرجل من هذا مقدار ذرَّة، فكان يقول الترابي نحن لا نؤمن بالحدود، وأنا أعلم أنه يعترف بها، وهذا جعل الذين حول السودان يتوجّسون من أمثال هذه التصريحات، ثم تلك التهديدات التي ملئوا بها العالم، تجدها في التصريحات والأناشيد، وإمكانياتهم معروفة، ومن الأخطاء أيضاً معاملة الناس بقسوة، وقد عذّب الكثير في بداية الانقلاب، أعرف أحدهم كان شيوعياً ثم تاب وحج، رأى أحد إخواننا آثار السياط على ظهره، بالرغم من كبر سنه، وبعض الناس قتلوا في قضايا لا تستوجب ذلك, فمثلاً قتل أحدهم لأنهم وجدوا عنده دولارات، واستمر هذا الأسلوب إلى مدة طويلة بعد الانقلاب، وقد قال لي أحد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير