وبفضل الله تعالى، خلال أربع سنوات أكملت مرحلة الماجستير من جامعة الأزهر في شهر شعبان من سنة 1400هـ (1981م). وكان موضوع رسالتي للماجستير تخريج 300 حديث من أحاديث عبد الله ابن عمر من مسند الإمام أحمد. والواقع أن الرسالة لم تكن كما ينبغي، بل أستحيي الآن أن أقرأ ما كتبته فيها، فإن كل عملي فيها كان تخريجا فنيا، على غرار الرسائل التي تم تقديمها في قسم الحديث من الباحثين السابقين، وكثيرا ما أقلد في الحكم على الأسانيد العلامة الشيخ أحمد شاكر (رحمه الله تعالى)، وذلك لأني لم أكن مستوعبا لعلوم الحديث.
وفي سنة 1982م وفقني الله تعالى للالتحاق بجامعة أم القرى في مرحلةالدكتوراه، وقد ساعدني في ذلك الأستاذ الدكتور إسماعيل الدفتار (جزاه الله تعالى خير الجزاء)، وكان أستاذا في الجامعة آن ذاك،
وكان يحبني كثيرا، وينصحني بالقراءة حتى أتمكن من اللغة، مذكرا
بالشيخ أبي الحسن الندوي (رحمه الله تعالى) وتمكنه من اللغة
العربية.
وكانت حياتي وعقيدتي وتكويني كلها بدأت تتحول إلى منحى جديد أثناء
حياتي بجامعة أم القرى، التي استغرقت فيها ست سنوات. ولصلتي
ومجالستي مع إخواني الأفاضل، أثر كبير في ذلك، منهم الدكتور / سيف
الرحمن مصطفى – رحمه الله تعالى رحمة واسعة – والشيخ الفاضل العالم المتواضع صغير أبو الأشبال، لا سيما الشيخ الدكتور/ عبد العزيز
العثيم – رحمه الله تعالى رحمة واسعة – وإن كانت صلتي به متأخرة.
وكانت دراستي بجامعة أم القرى من أسعد لحظات حياتي على الإطلاق، وكانت نتائج البحث مما يخفف علي بعض الصعوبات التي كنت أواجهها بين حين وآخر، ولم أكن أضيع الأوقات بالزيارات والتحدث مع الناس، وفي هذه الجامعة كونت نفسي تكوينا علميا، وذلك فضل من الله تعالى.
ومما يذكر في هذا المجال أن كتب الشيخ العلامة / عبد الرحمن
المعلمي – رحمه الله تعالى، وكتب الحافظ ابن رجب الحنبلي وكتب
الحافظ ابن حجر لها أثر كبير في تكويني.
وكذلك مجالستي مع أستاذنا الفاضل الدكتور أحمد نور سيف (جزاه الله
خيرا) في مكتبه بالجامعة مع زملائي الذين أشترك معهم في موضوع
رسالة الدكتوراه، لها أثر كبير أيضا في تحصيلي العلمي، وكان فعلا
مشرفا علميا على عملي في الرسالة، وإن لم يكن مشرفا إداريا. وقد
كانت استدراكاته العلمية على بعض الأئمة في كتبهم في التراجم مما
لفت انتباهي إلى أهمية حصول الملكة العلمية التي من أجلها نواصل
الدراسة في مرحلتي الماجستير والدكتوراه.
وكان هدفي الوحيد من لقاء فضيلة الأستاذ صاحب الخلق النبيل أن أطلع
عليه ما تم بحثه من المسائل، ولذا كلما يتم بحثي حول مسألة من
المسائل كنت أقدم ذلك إلى فضيلة الشيخ الأستاذ ليقرأه، وكان فضيلته
يحب أن يقرأ ما كنت أقدمه إليه. وبعد القراءة كان يبتسم ثم يقول
لي: أحسنت، وهذا الموقف دفعني فعلا إلى مواصلة البحث، وحفزني على بذل ما في وسعي من جهد في البحث العلمي الجاد.
وكان موضوع بحثي في الدكتوراه تحقيق وتخريج قسم من كتاب (غاية
المقصد في زوائد المسند).
ومع هذا الجهد كنت أكرر بعض الأدعية باستمرار، لا سيما في طريقي
إلى الجامعة فإني كنت أرددها كل يوم دون انقطاع، ومن تلك الأدعية:
يا رب وفقني لرفع كلمتك هي العليا وجعل كلمة الباطل هي السفلى
بإخلاص، يا رب لا تضيع حياتي وأوقاتي.
وحدث لي أمر طريف في جامعة أم القرى، وهو أني كنت أمرُّ دائما على
إحدى قاعات المحاضرات في طريقي إلى كلية الشريعة والمكتبة، وأرى
أستاذا فيها يحاضر، وكنت أتمنى أن يكون لي حظ مثل ذلك، فإذا أنا
بعد تخرجي من الجامعة أكون مرشحا من عميد كلية الدعوة وأصول الدين (جزاه الله تعالى خير الجزاء) لعضو هيئة التدريس، ومكلفا من قبل
سعادته بالمحاضرة في القاعة نفسها، قبل أن تأتي الموافقة على
ترشحي، وكم كنت سعيدا حين تحققت لي هذه الأمنية، ولله الفضل
والمنة فيها.
عقيدته:
أما عقيدتي فبفضل الله تعالى على منهاج سلف هذه الأمة الأبرار، دون
تغيير فيه أو تبديل أو إضافة شيء، وإني أكره البدعة في الدين أيا
كان نوعها، ومخالفة السلف، كما أكره أشد الكراهية أن أخوض فيما لم
يخض فيه سلفنا الصالح من أمور العقيدة والإيمان.
¥