تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الشيخ عبد القادر –رحمه الله و نفعنا الله بعلمه– أحد العلماء العاملين الغيورين على سنة نبينا محمد r، الذين نذروا أوقاتهم في تمييز صحيح السنن و الآثار من ضعيفها، و في التفقه في معانيها و في نشرها و تعليمها و العمل بما فيها. الشيخ عبد القادر عالم و داعية سلفي صالح –و لا نزكي على الله أحداً– لكن قَلَّ من الناس من يعرف أخباره أو شيئاً منها. و معرفة حياة الصالحين و طرائقهم في العلم و العمل، سبيلٌ ينبغي الاعتناء به، حتى يَتَبَصَّرَ المؤمن و ينشط و تعلو همته ليقتفي آثارهم، و ليعلَمَ قدرَ هؤلاء الأخيار. بادئَ ذي بدء، أعرُجُ على مختصرٍ عن حياة شيخنا.

مقدمة

بقلم الشيخ عبد القادر الأرناؤوط

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيّئات أعمالنا. من يهده الله فلا مُضِلّ له، ومن يُضلِل فلا هادِيَ له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمداً عبد ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (102) سورة آل عمران. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (1) سورة النساء. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (70–71) سورة الأحزاب.

أما بعد:

فإني أنا العبد الفقير إلى الله تعالى العليّ القدير: "عبد القادر الأرناؤوط" طالب علم، مّنَّ الله تعالى عليَّ بأن وفقني لطلب العلم منذ هجرة والدي –رحمه الله– إلى دمشق الشام. فقرأت القرآن وجوّدته وأنا صغير. وممّا مَنَّ الله عليَّ به أن حُبِّب إليَّ قراءة حديث رسول الله r، وحفظه، في أوّل شبابي ومقتبل عمري. ومضيت على ذلك سنوات عديدة. ولما طُلِب مني أن أحقّق كتاب "جامع الأصول في أحاديث الرسول r" – لابن الأثير الجزري رحمه الله– كنت مضطراً للرجوع إلى كتب السنة –كالكتب الستة، والمسانيد، والجوامع، والأجزاء، وغيرها– لتخريج الأحاديث التي جمعها ابن الكثير –رحمه الله–، وإلى كتب التفسير، وشروح الحديث، وكتب اللغة. وما زلت –ولله الحمد– حتى الآن أرجع إلى دواوين السنة النبوية. وخير الكلام: كلام الله تعالى. وخير الهّدْيِ: هدي رسولنا محمد r.

1 – سيرته الذاتية

اسمه، نسبه، شهرته:

إن الاسم المشهور للشيخ في العالم الإسلامي هو «عبد القادر الأرناؤوط» إلا أن اسمه في الهوية الشخصية هو «قَدْري». ونسبه هو: «قَدْري بن صَوْقَل بن عَبْدُول بن سِنَان ... ». وأما شهرته بالأرناؤوط فهي عبارة عن لقب أطلقه الأتراك على كل ألباني.

مولده ونشأته:

ولد شيخنا العلامة الحافظ، المحدث الفقيه المتبصر، الحكيم الورع، و الداعية النبيل –نحسبه كذلك و لا نزكيه على ربنا– بقرية «فريلا VRELA» في «إقليم كوسوفا Kosovo» من بلاد الأرنؤوط في ما كان يعرف بيوغوسلافيا، سنة (1347هـ – 1928م). الألبانيون يسمون هذا الإقليم: كوسوفا، والصرب يقولون: كوسوفو. و الأرنؤوط –كما قال الشيخ الألباني رحمه الله– جِنسٌ يندَرِجُ تحته شعوبٌ كثيرة من الألبان و اليوغسلاف و غيرهم. و الألباني قديماً كان يكتب على غلاف كتبه: تأليف محمد ناصر الدين الأرنؤوطي، و عليها خطه بالإهداء إلى المكتبة الظاهرية.

و قد هاجر شيخنا سنة (1353هـ _ 1932م) إلى دمشق بصحبة والده –رحمه الله– و بقية عائلته –وكان عمره آنذاك ثلاث سنوات– من جراء اضطهاد المحتلين الصرب –أذلهم الله– للمسلمين الألبان. وكان المسلمون آنذاك أقلِّية مضطهدين من قبل الصِّرب يمارسون عليهم الضغوط بشتى أنواعها، مما دعا السكان المسلمين للفرار بدينهم –من وطأة هذا الحكم الشيوعي الظالم– إلى بلاد المسلمين. وعندما كان الشيخ صغيراً حرص والده على تعليمه اللغة الألبانية، فأتقنها مما ساعده هذا في رحلاته إلى البلدان التي زارها ولا سيما بلده الأصلي إقليم كوسوفا في يوغسلافيا متخطياً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير