تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب وبيان تصديق آي الكتاب بعضه بعضاً بدون تعارض ولا إشكال.

ومن تسليط أضواء البيان على تفسير القرآن بالقرآن رسم فيه المنهج السليم لتفسير القرآن الكريم. تفسير كلام الله بعضه ببعض وأبان أحكامه وحكمه وفتح كنوزه وأطلع نفائسه ونشر درره على طلبة العلم.

وكل ذلك فتح جديد في علوم القرآن لم تكن موجودة على هذا النسق من قبل ولم تكن تدرس بهذا المثل.

كما أنه في غضونها صحح مفاهيم مختلفة منها أن المنطق لم يكن يُعرف عنه إلا أنه تقديم العقل على النقل ومصادمة النص بالرأي وكان فعلاً وسيلة التشكيك في العقيدة باستخدام قضايا عقيمة. فهذب الشيخ رحمه الله من أبحاثه وأحسن باستخدامه فنظم قضاياه المنتجة ورتب أشكاله السليمة واستخدم قياسه في الإلزام. سواء في العقيدة أو أصول الأحكام وبعد أن كان يستخدم ضدها أصبح يعمل في خدمتها. كما وضح ذلك في آداب البحث والمناظرة.

مواقفه مع الحق: كان رحمه الله قوياً صلباً ليناً سهلاً.

كان قوياً صلباً في بيانه، ليناً سهلاً في الرجوع إلى ما ظهر إليه منه.

في بعض الأعوام التي حججتها معه رحمه الله قدمنا مكة يوم سبع من الشهر وكان مفرداً الحج وفي يوم العيد صحبته للسلام على سماحة المفتي رحمه الله بمنى فسأله رحمه الله عن نسكه فقال جئت مفرداً الحج وقصداً فعلت فأدرك المفتي رحمه الله أن وراء ذلك شيئاً ولكن تلطف مع الشيخ وقال أهو أفضل عندك حفظك الله فأجاب أيضاً حفظكم الله لا للأفضلية فعلت ولكن سمعت وتأكد عندي أن أشخاصاً ينتمون لطلب العلم يقولون لا يصح الإفراد بالحج ويلزمون المفردين بالتحلل بعمرة. وهذا العمل لا يتناسب مع العديد من وفود بيت الله الحرام كل بما اختار من نسك وكل يعمل بمذهب صحيح وجرت محادثة من أنفس ما سمعت في تقرير هذا البحث من مناقشة الأدلة وبيان الراجح وأخيراً قال رحمه الله أنه لا يعنيني بيان الأفضل فهذا أمر مختلف فيه وكل يختار ما يترجح عنده ولكن يعنيني إبطال القول بالمنع من صحة إفراد الحج لأنه قول لم يسبق إليه والأمة مجمعة على صحته. فما كان من سماحة المفتي رحمه الله إلا أن استحسن قوله ودعا له.

ولكأني بهذا العمل من الشيخ رحمه الله الذي أراد به البيان عملياً صورة مما وقع من علي رضي الله عنه حينما بلغه عن عثمان رضي الله عنه أنه ينهى عن التمتع فدخل عليه وقال كيف تنهى عن شيء فعلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج من عنده وهو يقول: لبيك اللهم حجاً وعمرة.

أما لينه مع الحق ورجوعه إلى ما ظهر له منه ففي آخر دروسه في الحرم النبوي في رمضان الماضي في سورة براءة أعلن عن رجوعه عن القول في الأشهر الحُرم بأنها منسوخة وقال الذي يظهر أنها محكمة وليست منسوخة وكنا نقول بنسخها في دفع إيهام الاضطراب ولكن ظهر لنا بالتأمل أنها محكمة. وهو الحق الذي ينبغي اعتماده والتعويل عليه.

ومما وقع لي معه رحمه وأكبرته فيه تواضعه وإنصافه سمعت منه في مبحث زكاة الحلي في أضواء البيان عند سرد الأدلة ومناقشتها أن من أدلة الموجبين حديث المرأة اليمنية ومعها ابنتها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فسألها صلى الله عليه وسلم: "أتؤدين زكاة هذا" فقالت: لا. فقال: "هما حسبك من النار". فخلعتهما وألقت بهما.

وأجاب المانعون بأن ذلك كان قبل إباحة الذهب للنساء فتساءلت مستوضحاً منه رحمه الله: وماذا يسمى هذا منه صلى الله عليه وسلم سكوته عن لبسه وهو محرم وسؤاله عن زكاته فقال عجباً إن هذا يتضمن وجود اللبس عند السؤال ويدل على إباحته آنذاك لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقر أحداً على محرم ولا يتأتى أن يسكت على لبسها إياه وهو ممنوع ويهتم لزكاته ولو أعيد طبع الكتاب لنبهت عليه رغم أن جميع المراجع لم تلتفت إليه فهو بهذا يلقن طلبة العلم درساً في موقفه من الحق ولكأني بكلام عمر رضي الله عنه في كتابه لأبي موسى رحمه الله ولا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس ثم راجعت فيه نفسك وظهر لك الحق أن تأخذ به فالحق أحق أن يتبع. وقد رأينا من قبل للشافعي القديم والجديد. وهذا ما يقتضيه إنصاف العلماء وأمانة العلم.

هذا ما وسعني ذكره عن حياته العلمية في نشأته وتعلمه وتعليمه وعن تراثه العلمي في مؤلفاته وآثاره التربوية في أبنائه وأبناء العالم الإسلامي كله رحمه الله رحمة واسعة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير