لا يَصلُحُ الغُشُّ المُبَطَّنُ في الهَوى = فأمِط لثامِكَ عن جَنانِكَ واكشِفِ
وغَزالَةٍ كالصُّبحِ في إِسفارِهِ = بَرَزَت إليَّ بِقَدِّها المُتَهيِّفِ
بانَت وبانَ البَدرُ في وَجَناتِها = في طُهرِ سارَةَ في مَلاحَةِ يوسُفِ
في حِشمَةٍ طَلَّت بأحلَى طَلعَةٍ = في حُلَّةٍ خِيطَت بِدونِ تزُخرُفِ
تَمشِي ويَمشِي الحُسنُ في أعطافِها = يُومي بِهِ عَرَضاً سَوادُ المِعطَفِ
فإذا استَقامَت في الطَّريقِ تَجَفَّلَت = خَجَلاً كَرئمِ الغوطَةِ المُتَخَوِّفِ
فَيَكادُ يَقتُلُها الحَياءُ بسِترِها = تُغضِي بِطََرفٍ لِلغِوى لم يَطرَفِ
لو أنَّها نَظَرَت لِقُرصِ الشَّمسِ = قالَت إنَّني ثَاوٍ مَكانَكِ فاكسُفي
ظَبيٌ تَرَفَّلَ في بَهاءٍ مُغدِقٍ = حُلوٌ تَبَذَّخَ بالجَمالِ المُسرِفِ
يا أختَ سارَةَ قَد صَدَعتِ صُدورَنا = رِفقاً بِعِلاّتِ القُلوبِ الخُسَّفِ
لَكِ ما أرَدتِّ ولي بذلكَ أسوَةٌ = يا من كَفاني من هَواهُ تَكَفُّفي
حَسبي نَصيبي من فَواتِرِ لَحظِهِ = من شفَّهُ الحُسنُ المُحَيِّرُ ii يَشتَفي
لَو كان قُدِّرَ أن تكونَ حَلَيلََتي = لَسَبَت فُؤادي المُستَهامَ المُحتَفي
حَلَّفتُها يا نَفسُ كُفِّي وارعَوي = وهي الخَؤونَةُ لِي وإن هِيَ تَحلِفِ
أمّارَتي بالسُّوءِ كُفِّي واستَحِي = فكَما عَلِمتِ شَمائِلِي وتَعَفُّفي
إنّي خَصيمُكِ في الحَياةِ وفي السَّمَا = ولأُمِّكِ الوَيلاتُ إن لم تَكتَفي
كَم مَرَّةٍ لَطَمَت بِها لُجَجُ الهَوى = حَتّى استَحَيتُ وقُلتُ يا نَفسي قِفي
فغَدا هَباءً في هَواءٍ صَرصَرٍ = حُلُماً تَبَدَّدَ بالرِّياحِ العُصَّفِ
فإذا ابتُليتَ بما يَضُرُّكَ كَتمُهُ = فاحدِب على وَتَرِ الصَّبابَةِ واعزِفِ
وَقَصيدَةٍ عن غَير قَصدٍ قُلتُها = نَمَّقتُها بِمُحَيِّراتِ الزُّخرُفِ
غَشَّيتُ فيها أعيُناً وسَحَرتُ آ = ذانَ الرُّواةِ بِجِنِّيَ المُتَخَطِّفِ
كَلِفٌ بأسبابِ الجَمالِ وإنّما = أعلنتُ في أمرِ النِّساءِ تَصَوُّفي
صَعرتُ خَدِّي للحِسانِ تَرَفُّعاً = حتّى دَعانِي الصَّحبُ بالمُتَطَرِّفِ
ما كُنتُ أحتَرِفُ السَّفاهَةَ والغِوى = أو كانَ للأدَبِ الوَضيعِ تَشَوُّفي
ما كانَ شِعري للضَّلالِ مُشَيِّعي = أو كانَ حَرفي عن هُدَايَ مُحَرِّفِي
يا هَل تَرَونِي جِلدَتي مَسلوخَة = مُستَبدِلاً ريشَ التُّقاةِ بُحُرشُفِ
وَيَعيبُني رَهَقَ الشَّبابِ بِشَيبَتي = بعدَ الثَّلاثينَ السَّنينَ ونَيِّفِ
فتكونُ في جَدِّ القَوافي رَغبَتي = ويَكونُ من عَبَثِ الأمورِ تَأَفُّفي
أتلَبَّطُ العَطَشَ الّذي ألوِى بِهِ = إن لَم يَكُن وِردي نَميرَ المَرشَفِ
فَلَكَم رَمَاني بالتَّطَرُّفِ ذَائِقٌ = فَلِأنَّهُ للحُبِّ قَلَّ تَطَرُّفِي
فَحَوَيتُ منهُ بِضاعَةً مَوؤودَةً = وحَمَلتُ منهُ مَؤونَةَ المُتَخَفِّفِ
أنا ما اكتَشَفتُ الحُبَّ بَعدُ وإنّما = مَثَّلتُ دَوراً للفَتى المُستَكشِفِ
مُتَكَلِّفٌ في كُلِّ بَيتٍ قُلتُهُ = والحُبُّ هذا بَعضُ بَعضُ تَكَلُّفي
ما كان عَجزاً من دَواتي إنّما = من كانَ وَرَّادَ المَعالِي يأنَفِ
لَولا حَياءُ النَّفسِ تَردَعُ صَلعَتي = ويَرُدُّها في المُوبِقاتِ تَكَنُّفي
لَبَلَغتُ قامُوسَ البِحَارِ بِكُلِّ = قَولٍ فَارَهٍ ومُرفَّهٍ ومُرَهَّفِ
لَو شِئتُ قَطَّعتُ الحُروفَ حَلاوَةً = حتّى تَعُجَّ إلَيَّ أنّي لا أفِي
ولَأطَّ بالعَجزِ الصَّريحِ لِسانُها = يا شاعِرَ اللِّذّاتِ حَسبُكَ فَاكفُفِ
ولَصَاحَ ذائِقُهم بِحَادِي ناقََتي = أقصِر بِربِّكَ إنّ شِعرَكَ ii مُتلِفي
لو شِئتُ جِئتُ بِسِحرِهَا من كلِّ جن = نٍ أزرَقٍ أو كُلّ عِفريتٍ خَفي
ولَصَارَ حَرفي شَدوَ كلِّ مُتَيّمٍ = مُستَعذِبٍ حَرفَ الهَوى مُستَلطِفِ
ولَرَدََّدَت فيهِ الطُّيورُ صَبابَةً = سَجعَ البَلابلِِ والحَمامِ الهُتَّفِ
ولَسَالَ منهُ لُعابُ كُلِّ مُجَرِّبٍ = ولَفارَ منهُ جِراحَ كُلِّ مُذّفَّفِ
ولأنطَقَت بُكُمُ النِّساءِ فَصاحَتي = وعُذوبَتي من كُلِّ قولٍ مُورِفِ
فَتَقولَ من سَرَفِ الطَّلاوَةِ والحَلَى = خَشِّن كَلامَكَ يا جَريءُ وخَفَّفِ
ولَحُزتُ طِبُّ السَّيِّدَاتِ بِريشَتي = لكنََّ طِبِّي في البَهائِمِ مُسعِفي
عُذراً لِرَبَّاتِ الجَمالِ فإنّني = مُستَملِحٌ في شِعرِيَ المُستَطرِفِ
قَد زَيَّفَ الإعلامُ كلَّ شُويعِر = حتّى ادَّعَى بالشَّعرِ كلُّ مُزَيَّفِ
أضحَى عُكاظُ بِعصرِنا صَوتاً = لِكلِّ مُخَبَّلٍ ومُخَذِّلٍ ومُخَرِّفِ
ومُنافِقٍ عَلَفُ الشُّعورِ شَعيرَهُ = تَلفيهِ مُرتَبِطاً جُوارَ المَعلَفِ
أو ناظِمٍ يَشري النِّظامَ وَيَشتَري = متَمَلِّقٍ للحُكمِ أو مُتَزَلِّفِ
من ذا نزارُ بِشِعرِهِ وبِلَهوِهِ = لََولا فَحاشَةُ كلِّ قَولٍ مُرجِفِ
دَرويشُ ما دَرويشُ في تَعقيدِهِ = لَولا الحَداثَةُ داءُ كلِّ مُثَقَّفِ
إن كانَ صِفرُ الآخِرينَ حَداثةً = سَجِّل بِسِفرِ الأوَّلين تَخَلُّفي
سَيُشَرِّفُ الشَّعَراءَ ذِكري إنَّما = ما كانَ ذِكرُ الآخَرينَ مُشَرِّفي
إنّي تَأبَطتُّ العَظائِمَ كُلُّها = فَتَشَرَّبَت لَحمي و عَظمَ الغُضرُفِ
وحَمَلتُها دونَ الجِبالِ بإصبَعٍ = مُتَحَيِّزٍ للحَقِّ أو مُتَحَرِّفِ
فهي الَّتي بِشَفَا الجُروفِ وُقوفُها = وأنا الّذي بِشَفيرِ مَوتٍ مُشرِفِ
أوَتَطلُبوا منّي الرَّقائِقَ في الهَوَى = من تَحتِ نارِ الطّائِراتِ القُصَّفِ
أأهيمُ في بانِ وفي سِقطِ اللِّوى = وأنا الغَريقُ بِدَمعِيَ المُتَكَفكِفِ
(وَلَقد ذَكَرتُكِ والرِّماحِ نَواهِلٌ) = ثَبَتَت لِعَنتَرَةٍ وعِندِيَ تَنتَفي
يا صاحِبي قولٌ بِغَيرِ لََذاذَةٍ = تَبدو عَليهُ هَشاشَةُ المُتَفَلسَفِ
مِئَوِيَّةٌ قد قَصَّرَت، لو أنّها = ألفِيَّةٌ كانَت فما كانَت تَفِي
عَنوَنتُ للحُبِّ الجَميلِ رِسالَةً = أأُفَصِّلُ العُنوانَ أم قد تَكتَفي؟؟
سيكون لي وقفات - إن شاء الله - حول هذه القصيدة
¥