تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

القرآن الذي هو مأدبة الله كما فهمنا من الحديث وهذه الذرة هى ما تساويه قيمة الأدب، والقرآن اشتمل على التعليم والتهذيب والإصلاح من خلال الشرائع والعقائد والعبادات بما تتضمنه من محاذير مبنية على الترغيب والترهيب والوعد والوعيد، وكل المثانى، المثير للخوف لتقشعر منه القلوب والعقول المنفلتة من غير تقنين لمنتجها الهائج0

هذه الذرة من عظم القرآن هى الأدب، ولكي يكون الأدب من أحسن الحديث فلابد له من واجد مبدع صانع له ولغة تحوله من مجرد فكر هائم غائم يدور فى رحى عقل المخ إلى شىء مادي محسوس مقروء مرئي من خلال بسطه على الورق 0ولابد له من مكونات أساسية، فالعقل يحتاج إلى شخصية تحمله وتمده بالغذاء والطاقة والعلم، إذ لابد للشخصية واللغة من شىء يملأ ويربط وينسق بينهما، وهما الفكر الذي يبنى عليه، والفكرة التى هى القضية والموضوع والمادة الباعثة المحرضة للفكر، والفكرة هى المحرضة للفكر والعقل، أى المحفزة للشخصية والفكر0 وبالشخصية واللغة يتولد الفكر والفكرة وهى القضية ويظل القلب هو السياق المحدد والمهذب والمحفز والمنظم لهياج العقل المولد للفكرة والفكر، وعقل المخ هو الأمانة، وهو النور الروحاني المنبعث من قبل الله - تعالى - الذي منحه كامل الحرية وجعله مسيرا لا مخيرا، وهو خلاصة المخ، وهو مناط الحساب لا التكليف لأن التكليف على جميع المخلوقات حتى الجماد مثل الجبال وغيرها – الحساب للإنسان الذي اختار حمل الأمانة دون سواه من الخلائق ولذلك حق عليه التكليف وفرض عليه الحساب نتيجة لهذا العقل الحر الذي قُُُُُيد بعقائد وفروض وعبادات وبهم مناط الحساب إما إلى جنة وإما إلى نار، ولذا استوجب الله عليه الحساب من ثواب وعقاب، وخلق له رقابة حكم داخلية ذاتية تهديه وهو عقل القلب {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج46] ونفهم من ذلك أن للقلب عقلا لا يدرك غير النتائج التى تأتيه من عقل المخ المنوط به التفكير والتدبر والتعقل والإنتاج ولكنه لا يدرك الحكم على ما أنتج، لذلك يرسل بالنتائج إلى عقل القلب المنوط به الحكم لأن عقل القلب فيه العقيدة والمعتقد فيه نماذج الإجابة الصحيحة، وعليه – فقط - مضاهاة ما جاءه من إجابة عقل المخ بما عنده من نماذج محفوظة فى القلب، فلذلك يحق له الحكم، ولكن حكمه ليس ملزما، مع أنه من المفروض أنه ملزم، إذ مهمته الحكم أى التوضيح أن هذا حلال وذلك حرام، هذا حسن وذاك سيئ هذا نافع وذاك ضار، هذا صالح وهذا فاسد فقط لا غير، أن القلب عليه قفل وحجاب فليس من المنتظر أن يفهم أو يعقل أو يحكم حتى على منتوج عقل المخ؛ لأنه فارغ من العقيدة التى بها يحكم، وليس عنده نموذج للإجابة، فكيف سيضاهى أو يقارن؟! لذلك لن يحكم ولن يظهر نتيجة0 تدرك النفس الهدى والعلوم الضرورية والنظرية بعقل القلب وعقل المخ معا من فطرة سليمة وعقيدة سمحة ومعتقد صالح- تدرك الحسن من القبح والكمال من النقصان والخير من الشر، والحلال من الحرام، والمحامد من المقابح0 العقل - عقل المخ- معمل الإبداع والتفكير والتفريغ بحرية من غير هدى ولا حواجز ولا سدود ولا موانع، ولكن النتيجة لكل هؤلاء ينتجها ويصدقه عليها -عقل القلب - حيث القلب المرجع السليم للفطرة السليمة والعقائد السماوية الربانية الحقة المؤتمن عليها 0

إذن ليس كل إبداع أو كلام حسن التناول جميلا بديعا يبدعه العقل ويفور به يكون أدبا، ولكي يكون أدبا حقا؛ فلابد له من قوالب تنظمه وتطهره وتنظفه وتخلصه من الشوائب وما يخالف شرائع الله فى كونه وفى خلقه من البشر وما يتعلق به من شطحات خارجة، أو من شطوحات مخالفة لطبائع البشر وسنن الله وتعاليمه مهما كانت جيدة مبهرة واقعية نظرية علمية خيالية كانت أو واقعية فلسفية أو حتى علمية فبالله عليكم ما فائدة من صنع القنبلة الذرية التى كلفت وتكلف الدول الكثير لإنتاجها؟! وبعد هذه الكلفة الباهظة حجروا استعمالها لأنها مدمرة للعالم وهم الذين حكموا بذلك، ولكن ما اخترعوه من الذرة فى المجالات الأخرى مثل الطاقة وغيرها المفيدة للإنسان لم يمنعها أحد0 وعليه نضع للأدب

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير