فمنها ما يكون إن قرأته أعطاك معنى وإذا قرأته بالعكس أعطاك معنى آخر ونقيضه، ومنها ما يعطيك نفس المعنى كيفما قرأته وهناك ما يقرأ رأسيا وعموديا فلا يتغير اللفظ ولا يتغير المعنى. ويقال إن هذا النوع من الأشعار اهتم به الشعراء فيما بعد العصر العباسي أي في العصر المملوكي والأندلسي وقد أغرقوا في ذلك كثيراً رغبة في التجديد.
وهذه جمل من إبداعات الحريري "وأغلبها من مقاماته": وللحريري رسالتان: سينية وشينية نظماً ونثراً، أحب إثباتهما:
فأما السينية، فإنه كتبها على لسان بعض أصدقائه، يعاتب صديقاً له، أخل به في دعوة
دعا غيره إليها، وكتب عليها: القاسم سليل أبي الحسن:
بسم السميع القدوس أستفتح، وبإسعاده أستنجح. سيرة سيدنا الاسْفِهْسَلاَر السيد
النفيس، سيد الرؤساء، سيف السلطان- حرست نفسه، واستنارت شمسه، وبسق
غرسه، واتسق أنه- استمالة الجليس، ومساهمة الأنيس، ومؤاساة السحيق والنسيب،
ومساعدة الكسير والسليب. والسيادة تستدعي استدامة السنن، والاستحفاظ بالرسم
الحسن، وسمعت بالأمس تدارس الألسن سلاسة خندريسه وسلسال كؤوسه، ومحاسن
مجلس مسرته، وإحسان مسمع سيارته، فاستسلفت السراء، وتوسمت الاستدعاء،
وسوفت نفسي بالاحتساء، ومؤانسة الجلساء، وجلست أستقري السبل، وأستشرف
الرسل، وأستطرف تناسي رسمي، وأسامر الوسواس لاستحالة اسمي.
وسيفُ السَّلاطينِ مُسْتأثِرٌ بأُنسِ السَّماعِ وحَسْوِ الكؤوسِ
سَلانِي وليس لباسُ السُّلُوِّ يناسبُ حُسنَ سِماتِ النَّفِيسِ
وسَنَّ تناسيَ جُلاّسِه وَأَسْوَا السَّجايا تَناسِي الجليسِ
وسَرَّ حسودي بطمس الرُّسُوم وطمسُ الرُّسُومِ كرَمْسِ النُّفوسِ
وَأسكرني حسرةً واستعاضَ لِقوته سَكرةَ الخَنْدَرِيسِ
وساقى الحُسامَ بكأس السُّلافِ وَأسْهَمَني بعُبوسٍ وبُوسِ
سأكسوهُ لِبْسَةَ مُسْتَعْتَبٍ وَألبَسُ سِربالَ سالٍ يَؤوُسِ
وَأسطُرُ سِيناتِه سِيرةً تَسيرُ أساطيرُها كالبَسُوسِ
وحسبُا السلام وسلامه على رسول الإسلام.
والشينية: كتبها إلى أبي محمد طلحة بن النعماني الشاعر، لما قصد البصرة يمدحه
ويشكره ويتأسى على فراقه. وهي:
بإرشاد المنشيء أنشيء. شغفي بالشيخ شمس الشعراء ريش معاشه وفشا رياشه،
وأشرق شهابه، واعشوشبت شعابه- شغف المنتشي بالنشوة، والمرتشي بالرشوة،
والشادن بشرخ الشباب، والعطشان بشبم الشراب. وشكري لتجشمه ومشقته وشواهد
شفقته، يشاكه شكر الناشد للمنشد، والمسترشد للمرشد، والمستشعر للمبشر،
والمستجيش للجيش المشمر. وشعاري إنشاد شعره، وإشجاء المكاشر والمكاشح
بنشره. شغلي إشاعة وشائعه، وتشييد شوافعه، والإشادة بشذوره وشنوفه، والمشورة
بتشفيعه وتشريفه. وأشهد شهادة المشنع المكاشف، المقشر الكاشف، لإنشاؤه يدهش
الشائب والناشي، ويلاشي شعر الناشي ولمشافهته تباشير الرشد، واشتيار الشهد،
ولمشاحنته تشقي المشاحن، وتشين المشاين، ولمشاغبته تشظي الأشطان، وتشيط
الشيطان، فشرفاً للشيخ شرفاً، وشغفاً بشنشنته شغفاً.
فأشعارُه مشهورةٌ ومَشاعِرُهْ وعِشرتُه مشكورةٌ وعشائرُهْ
شَأَى الشُّعَراءَ المُشْمَعِلَينَ شعرُهُ فشانيهِ مَشْجُوُّ الحَشا ومُشاعِرُهُ
وشوَّهَ ترقيشَ المُرَقَشِ شعرهُ فأشياعُه يشكونَهُ ومَعاشِرْهُ
وشاقَ الشَّبابَ الشُّمَّ والشِّيبَ وَشْيَهُ فمنشورُهُ بُشرى المَشُوقِ وناشرُهُ
شَمائلُه معشوقةٌ كشَمْولهِ وشِرّيبُهُ مستبشرٌ ومُعاشرُهْ
شَكُورٌ ومشكورٌ وحَشْوُ مُشَاشِهِ شهامةُ شِمِّيرٍ يَطيشُ مُشاجِرُهْ
شَقاشِقُه مَخْشِيَّةٌ وشَباتُه شَبا مَشْرَفيٍّ جاشَ للشَّرّ شاهرُهُ
شفَى بالأَناشيد النَّشاوَى وشَفَّهم فمُشفِيه مستشفٍ وشاكيهِ شاكرُهْ
ويشدو فيهتشُّ الشَّحيحُ لشَدْوِه ويَشْغَفُهُ إِنشاده فيُشاطرُهْ
تجشَّمَ غِشيْاني فشرَّدَ وحشتي وبشَّرَ مَمْشاهُ ببِشرٍ أُباشرُهْ
سأُنشِدِه شعراً تشرّقُ شمسُهُ وأشكُرُه شكراً تَشِيعُ بشائرُهْ
وأشهد شهادَةَ شاهدِ الأشياء، ومُشبِع الأحشاء ليُشْعِلَنَّ شواظ اشتياقي شحطه،
وليشعشن شمل نشاطي نشطه. فناشدت الشيخ أيشعر باستيحاشي لشسوعه،
وإجهاشي لتشييعه، ووشايتي بنشيده الموشين وتشكلي شخصه بالإشراق والعشي؟
حاشاه، تعتشيه شبهة وتغشاه، فليستشف شرح شجوي لشطونه، وليرشحني لمشاركة
شجونه، وليشغلني بتمشية شؤونه، ليشد جاشي، ويشارف انكماشي. عاش منتعش
¥