تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[24 - 10 - 2009, 12:05 ص]ـ

وصلنا إلى نهاية هذه الدراسة

فلو أن أهل الدار فيها كعهدنا وجدت مقيلاً عندهم ومعرَّسا

فلا تنكروني أنني أنا ذاكم ليالي حلَّ غولاً فألعسا

فاما تريني لا أغمض ساعة من الليل إلا أن أكبَّ فأنعسا

تأوبني دائي القديم فغلَّسا أحاذرُ أن يرتدَّ دائي فأنكسا

لقد أرعبت الحمى امرأ القيس كما أرعبت المتنبي الذي أبدع في وصفها وإن سبقه شاعرنا إلى طرق موضوعها (46). ثم يذكرنا بماضي شبابه متأسياً عليه وقد كانت الكواعب الحسان ترعوي إليه. ويعود مرة أخرى إلى عرض مرضه، إذ ضاقت ذراعه ذرعاً باللباس فلم يطقه؛ وقد غزت القروح جسمه. ودب الخوف في أوصاله، وأيقن أنه سيدرج في أكفانه تندبه الحسان، فصرخ متألماً ومتمنياً لو نفق مرة واحدة وانتهت آلامه:

وما خفت تبريح الحياة كما أرى تضيق ذراعي أن أقوم فألبسا

فلو أنها نفس تموت جميعةً ولكنها نفس تساقط أنفسا

ترافقت الحمى مع الجدري والجرب وتبدلت صحته سقماً، وصار وجهه الوسيم دميماً، وآلت سعادته إلى شقاء وقد تحول الموت عنده إلى بؤس حقيقي:

وبُدلت قرحاً دامياً بعد صحة لعل منايانا تحولن أَبؤسا

ويروي السكري قطعة شعرية يتضح منها الأمراض المختلفة التي داهمت الشاعر.

فالجدري صيّره مقروحاً فتخاله يلبس جبة منها، بل أنه يهرش جلده كالمعرور؛ وكأنه نكب بالنقرس؛ وبدا القرح منقوشاً في جسمه كنقش الخواتم (47):

لمن طلل داثر آيُهُ تقادم في سالف الأحرسِ

فاما تريني بي عُرَّةٌ كأني نكيبٌ من النقرسِ

وصيَّرني القرح في جبَّةٍ تخالُ لبيساً ولم تُلبسِ

ترى أثر القرح في جلده كنقش الخواتم في الجِرجسِ

وذكر محقق الديوان في أعلى المقطوعة أنه قالها بأنقرة يذكر علته. وأكثر من تعرض لتحديد وفاته ذكروا أنه مات بالجدري ولكنهم جعلوه في أثناء عودته (48).

تفاقم الأمر على الشاعر المبدع وقد نكبه الدهر مرتين؛ مرة حين ألبسه داء الجدري جبة من القروح وأثقله بالحمى والجرب؛ ومرة أخرى حين اتهمه القصاص والسمار بأنه توفي بسبب الحلة المسمومة لأنه بقي على عهره وتهتكه. ونسوا أنه آلى على نفسه ألا يدهن وألا يشرب خمراً أو يغتسل .. حتى يدرك ثأره (49).

بقي لي أن أتوقف على أمر آخر أجده هاماً في حياة امرئ القيس ورحلته. فالتركيب الجسدي وفَّر له الاستعداد الطبيعي لعدم تحمل المرض وهو يقرّ بضعفه لأنه شيخ هرم، ويذكر هذا في سينيته السابقة

ألا أن بعد العُدمِ للمرء قنوةٌ وبعد المشيب طول عمرٍ وملبسا

ولعل في تركيبه العضوي ما يقوي قبول استعداده للأمراض الجلدية فتظهر القروح أو الجرب أو تشقق الجلد كلما تقدم العمر بالمرء.

كلمة أخيرة لا بد منها لتنهي الحديث عن هذه القضية برمتها. لو عرض باحث ما لشعر امرئ القيس الموثق ومحصه لما وجد تعريضاً بالقيصر الذي أسلمه إلى الموت، ولا بالطماح الأسدي الذي احتال له عند القيصر، ولما وجد ذكراً لابنة القيصر تلك الصبية التي فتنت الشاعر – وهو الذي لا يستطيع أن يمسك لسانه عن التغزل وذكر النساء بأسمائهن – ولما وجد أية إشارة في شعره الموثق والمنحول إلى تلك الحلة المزعومة التي أدت إلى وفاته. فهل يعقل أن يذكر الجرب (العرة) والجدري (القرح) والحمى (التي تجعله أبداً يقظاً في ساعات الليل) ولا يذكر الحلة؟ حتماً هذا محال.

وأنا لا أكتم أحداً سري، فأنا أقر برحلة امرئ القيس إلى الحد الذي عولت عليه سابقاً من خلال شعره الموثق الموجود بين ظهرانينا، ولكني أنكر بشدة استخفاف السمار والقصاص والرواة بعقل الإنسان. فلما عملوا على تقوية روح القصص حول الحلة المزعومة أتموا رحلة امرئ القيس إلى بلاط القيصر وأفرحونا بقصص أخرى مختلفة عنها. وإذا كان عملهم القصصي يحظى بإعجابي لقوة الخيال الذي يحمله وإحكام الصنعة فإن تدجيلهم يثير حفيظتي عليهم؛ كما يشير شفقتي على تراثنا الأدبي العربي الذي لحقه خلط وزيادات أفقدته بهاءه الأصيل، ويبقى لك أن تحكم.

انتهى

وتبقى هذه الدراسة تفتقر إلى آرائكم ... وجزيتم خيرا

وأعتذر إذا كان الموضوع طويل أو غير مرتب ....

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[24 - 10 - 2009, 05:52 م]ـ

بارك الله فيك أختي زهرة متفائلة.

أرى في هذه الدراسة تناقضا بين الأهداف فقد جاهد الباحث لأن ينكر وصول امرئ القيس إلى قيصر حتى إذا شرع في ذلك التفت إلى القصص التي تذكر في تلك الرحلة ومنها قصته مع بنت قيصر وقصة الحلة المسمومة.

والثابت أن امرأ القيس وصل ملك الروم قيصر واستنجد به بغض النظر عن تلك القصص ويكفي أن التاريخ الرومي أكد ذلك.

أول تعليق:

وامرؤ القيس لقب له واسمه حُنْدج بن حجر بن الحارث بن عمرو (المقصور) بن حجر (آكل المرار).

وكلنا يعرف أن الحارث قتل أحد أجداد امرئ القيس وهو عمرو بن حجر الملقب بالمقصور

كيف يقتل الحارث الجد الرابع لامرئ القيس ثم يعاصر امرأ القيس حتى يطلب دروعه ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الحارث بن أبي شمر الغساني حين أرسل إلى الملوك يدعوهم.

ولو أن عددا من المصادر لم تذكر خبر الشفاعة هذه ولو كان الحارث نفسه الذي قتل جد امرئ القيس فما كان يجدر بالسموأل أن يرسل امرأ القيس إليه ولا يجدر بامرئ القيس أن يقبل ذلك.

وأدعو الأدباء الكرام للإدلاء بآرائهم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير