تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بالماسونية والمسيحيين، وصداقته مع "مونسينيور دوبيش"، وتحريره، وأوضح بأنه اعتمد في هذا الإطار على مصادر تاريخية متعددة، استدعت 4 سنوات من التنقيب في الأرشيف التاريخي والبحوث الفرنسية والأمريكية والإيطالية والهولندية والسويدية وغيرها.» ()

6 - العربي والآخر في الرواية:

لم يكن الأمير عبد القادر هو الشخصية الوحيدة المستهدفة في الرواية، وإنما ينتاب القارئ شعور غامض وهو يتابع السرد، حين يجد نفسه أمام مشاهد لا يجد لها تبريرا فكريا ولا فنيا. وحين يحاول أن يلتمس لها دورا من أدوار السرد التي يعرفها، تخونه الحيل، فيقف منها موقف المتأمل المتأوِّل. يدفعها يمينا ويسارا، وينتهي أخيرا إلى أنها لم تُكتب له، وإنما كتبت لغيره. لأنها تقدم صورة العربي في غير حقيقتها ولا طبيعتها. ذلك العربي الذي كان يأنف من انتهاك حرمة العدو بله الصديق، فلا يجهز عليه جريحا ولا شيخا ولا امرأة ولا صبيا، ويمثِل بجثته بعدما يرديه قتيلا.

إلا أننا نصادف في الرواية ضربا من الناس قد تعرَّوا من أبسط الأخلاق، واكتسوا بوحشية تسلخهم من ثوب الإنسانية جملة وتفصيلا. فقد قدمهم الروائي في خلفية مخاوف امرأة فرنسية وقع زوجها أسيرا في أيدي العرب، جاءت إلى "مونسنيور ديبوش" تسأله التدخل لدى الأمير. رآها الأسقف وهي ترجوه أن ينقذ زوجها: «تضع بين يديه رضيعها وهي ترتعد من شدة البرد ومن الخوف على زوجها. فقد وصلها أن العرب عندما يلقون القبض على ضحيتهم لا يفكرون في حل آخر إلا قطع الرؤوس وبعثها إلى الخليفة ليأخذوا مقابلها قطعا ذهبية وأحيانا يكتفون بقطع الآذان بدل الرؤوس للتخفيف من مهمة الإرسالية عندما يكون عدد المقتولين كبير. وقد وصلها أن بعضهم كان في الكثير من الأوقات، لا يتوانى من قتل ذويه من البيض، ممن تشبه آذانهم آذان الروميين في صغر حجمها ويملأ زوادته ويهب بها نحو الخليفة قائلا أنه قتلهم في مكان ما من الأمكنة ليأخذ حقوق صيده كاملة.» () إنهم لا يفكرون في حل آخر كغيرهم من البشر إلا قطع الرؤوس، فإن ثقل عليهم الحمل انبروا إلى الآذان يقطعونها، وإذا زاد جشعهم للمال قطعوا آذان ذويهم .. ربما كانت هذه القصة مما يرويه الآخر في الغرب تخويفا وتهويلا في تلك الأزمنة، غير أن الصورة تعود ثانية على لسان الروائي نفسه، في وصفه للمعركة التي انتهت بهزيمة " تريزل " " Treizel " قائلا: «ترك تريزل وراءه كل شيء: الألبسة والأغطية والأكل. وحتى الكثير من السيارات المليئة بالجرحى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. على أطراف النهر. وعلى الرغم من صرخات الخيالة، فقد انهمك الكثير من مشاة الأمير في النهب وقطع رؤوس الجرحى وأخذ الألبسة والأكل ... » ()

إنه العربي الذي ثبتت صورته من خلال بعض أحاديث "ابن خلدون" عن أعراب بني هلال وأفاعيلهم، والتي اجتهد الغرب في إبرازها لتكون شارة لكل عربي يرتد راجعا إلى جاهلية حمقاء. فلم يفت الروائي أن يجعل الأمير -هو الآخر- يؤمن بهذه الصورة، من خلال مدخل مفتوح على كل التأويلات، حين قدم لنا الأمير قارئا مواظبا للمقدمة الخلدونية، التي انتهت إليه بطريقة عجيبة، وكأن أحدهم أراد أن يرغمه على قراءتها قبل أن يباشر مهام الحرب ضد فرنسا. قال الراوي: «مد عبد القادر يده نحو مصنف المقدمة لابن خلدون. المخطوطة التي دون على صفحاتها ملاحظات كثيرة. جاءته من بلاد المغرب من تاجر وراق رآه مرة واحدة عندما دخل عليه في خيمته لحظة القيلولة ووضعها في حجره وهو يردد: اقرأها وترحم علي أو العني إذا لم تجد فيها ما يشفي الغليل. ثم انسحب ولم يأخذ حتى ثمنها. تمتم عبد القادر وهو يفتح الكتاب في منتصفه حيث تركه في المرة الأخيرة.

-هل كان ابن خلدون غبيا إلى ها الحد الذي يعمى فيه بصره وبصيرته؟ لا أعتقد. هناك شيء في المجتمع الذي درسه ما يبرر موقفه.» ()

هل هي صورة العربي الرافض لكل أسباب التحضر!!!

هوامش:

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[02 - 12 - 2009, 03:45 م]ـ

عندما تطمح الرواية في أن تكون بديلا للتاريخ!!

هل تعيد الرواية اليوم في ظل فكرة نهاية التاريخ، إعادة كتابة التاريخ

بارك الله فيك دكتور حبيب

ومرحبا بك في شبكة الفصيح لعلوم اللغة العربية

سؤالان يستحقان البحث عن إجابتهما فبوركت يا أبا عماد سأعود للقراءة بتأن إن شاء الله.

ـ[حبيب مونسي]ــــــــ[03 - 12 - 2009, 08:46 م]ـ

إنهم اليوم يكتبون تاريخا تحت الطلب .. وهم يسخرون الرواية التاريخية من جديد لبث أفكار يقولون عنها أنها من قبيل التخيل الجائز في الأدب وأنها ليست إلا تخيلا وحسب ولكن القارئ عندما يعاينها يجد أنها تتوقف عند نقاط حرجة من تاريخ الأمة لا يجوز الخوض فيها بهذه السهولة .. وأنت ترى اليوم في بعث الدراما العربية المصورة بعث لنعرات قبلية تصرف من أجلها أموال باهضة شأن شأن الشعر النبطي وقنواته .. إنها الدائرة الاستفزازية الجديدة التي تسخر فيها الأقلام العربية فقط تحت شعار الحرية الأدبية والفنية ..

شكرا على مرورك .. ولنا لقاء في مقالات أخرى تتصل بالرواية الجزائرية أساسا عند من يطلبون الجوائز الأدبية بالركض على القيم ورسف التقاليد

أخويا حبيب

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير