فالخبب اليوم - لا الرجز - هو حمار الشعر والغناء معاً
ـ[خشان خشان]ــــــــ[17 - 12 - 2008, 12:20 م]ـ
بخصوص ما ذكر حول القافية أنقل ما يلي:
أما فيما يخص اعتبار الواو والياء الساكنين حرفا صحيحا (مصمتا) ساكنا فذلك في حالة أن يغلب على أبيات القصيدة قبل الروي الأحرف المصمتة الساكنة فترد الواو الساكنة أو الياء الساكنة في هذا السياق فيعاملان كحرفين مصمتين ساكنين وذلك كما في قول المتنبي (احلوْلي) مع كل من (العذلِ والجهْلِ)، من قصيدته غير المردوفة:
كَدَعواكِ كُلٌّ يَدَّعي صِحَّةَ العَقلِ = وَمَن ذا الَّذي يَدري بِما فيهِ مِن جَهلِ
لِهَنَّكِ أَولى لائِمٍ بِمَلامَةٍ = وَأَحوَجُ مِمَّن تَعذُلينَ إِلى العَذلِ
تُمِرُّ الأَنابيبُ الخَواطِرُ بَينَنا = وَنَذكُرُ إِقبالَ الأَميرِ ((فَتَحلولي))
قال عبد الرحمن البرقوقي حول ذلك
" وقد عاب قوم عليه قوله (فتحلولي) مع قوله (تجلي) وقالوا كيف جمع بينهما في القافية ولا صحة للواو؟ قال الواحدي:" وليس الأمر كذلك لأن الواو والياء إذا سكنتا وانفتح ما قبلهما جرتا مجرى الصحيح مثل (القَوْل) و (المَيْن) وكذلك إذا انفتحا وسكن ما قبلهما مثل (أسود) و (أبيض) وهذا مثل قول الكسعي:
يا رب سددني لنحت قوسي
فإنها من لذتي لنفسي
وانفع بقوسي ولدي وعرسي
إنتهى قول عبد الرحمن البرقوقي
ويوافق الرقمي ما ذكره الواحدي من معاملة الواو والياء غير الممدودتين (لتسكين أو حركة) معاملة الحرف الصحيح على أن ذلك فيما يخص سكونهما ليس مطلقا في حال الردف كما سيجيء.
وعلى هذا الوجه يحمل ما قاله ابن الصباغ الجذامي:
سلام على رمل الحمى عدد الرمل = وقَل له التسليم من شيّقٍ مثلي
وقفت به والعين تهمى شؤونها = بدمع حكى في السحّ منسجمِ الوبل
يذكرني شجو الحمام وشدوه = حميدات أوقات تولينَ بالوصل
أميل إذا ذكر العقيق تواجدا = قلا تنكروا مهما جرى ذكره ((ميلى))
فصرت أعزى النفس فيما أصابني = أفكر بالباكين أحزانهم ((حولى))
ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[17 - 12 - 2008, 02:37 م]ـ
العيوب في القافية هي كالزحاف في الوزن، كلاهما مستثقل يتجنبه الشعراء ما أمكنهم. وأنا لا أعد من الزحاف كل ما وصفه العروضيون بأنه شائع مستحب، وإنما أقصد النوعين الآخرين: الصالح والقبيح، ووصف الزحافات هنا بالصلاح والقبح لا يرجع إلى قيم جمالية ذوقية بقدر ما يعود إلى نسبة تكراره في الشعر القديم، فإذا كان نادرا قليل الشيوع عد قبيحا، وإن كان غير ذلك عد صالحا.
وسناد الردف هو من العيوب التي يمكن أن توصف بالصلاح، فقد أقدم عليه معظم الشعراء في مختلف العصور من الجاهلية وحتى اليوم حتى إن البعض نسي أن يكون هذا السناد من العيوب.
وإليك هذه المحاورة التي جرت بين الحاتمي والمتنبي:
"قال الحاتمي لأبي الطيب وهو يحاوره: ... وأخطأت في الكلمة التي أولها:
كدعواك كل يدعي صحة العقل ... ..........
بأن قلت:
تمر الأنابيب الخواطر بيننا ... ونذكر إقبال الأمير فتحلَولي
بأن أتيت ببيت مردف في قصيدة غير مردفة، وهذا شاذ.
قال أبو الطيب: هذا وإن كان شاذا كما ذكرت فإنه عذب على اللسان غير قلق في الإنشاد، وقد جاء مثله للعرب:
وبالطوف نالا خير ما ناله الفتى ... وما المرء إلا بالتقلب والطَوف
ثم قال:
فراق حبيب وانتهاء عن الهوى ... فلا تعذليني قد بدا لك ما أخفي
قال الحاتمي:
لعمري إن قوما لا علم لهم لا يرون هذا شاذا ولا يرون الواو المفتوح ما قبلها ولا الياء شاذا ردفا يزعمون أنهما ليسا بحرفي مدّ لأن الصوت لا يمتد بهما كامتداده بالياء والواو المكسور والمضموم ما قبلهما، وذلك غلط من قائله إذ كان فتح ما قبلهما لا يخرجهما عن جنسهما إذ كان مخرجهما في الحالين من مكان واحد من الفم، فصورتهما في اللفظ واحدة، وإنما الفتحة تنقلهما قليلا فلا يمتد الصوت بهما كل الامتداد، ولكنه يمتد امتدادا يستحقان به أن يسميا حرفي مدّ. فإذا جاء للعرب بيت فيه ردف مع ما لا ردف فيه معا، واعتدّ شاذا كما جاء لهم الإقواء والإكفاء والإيطاء فليس لمحدث أن يرتكب مثل ذلك، ولا يتسمح في قوافيه بشيء من المعايب وإن كانت موجودة في أشعارهم على طريق الشواذ، ألا ترى قول ابن بيض يخاطب خالدا القسري وكان حبسه:
شاحب باطن كصدر يمانٍ ... صارم الوقع لُفَّ في غير جفن
ومتى تم عاد عضبا حساما ... وجلا شفرتيه حد المسنّ
لم يكن عن جناية لحقتني ... عن يساري ولا جنتها يميني
بل جناها أخ وخل كريم ... وعلى أهلها براقش تجني
أفيجوز لمحدث أن يأتي بمثل هذا ويحتج به أو بمثله؟
قال أبو الطيب: قد أكثرت القول فيما لا أعتد بشيء منه، وإنما أجري على طبعي وأقول ما يسوغه لساني".
هل ترانا أكثرنا القول فيما لا يعتد الرقمي بشيء منه!