تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[22 - 04 - 2009, 06:48 م]ـ

هكذا، إذن، قدم لنا الخليل منهجين مختلفين في وصف العروض العربي، أولهما المنهج الوصفي الذي حقق لنا معرفة هذا العدد الكبير من الأنساق الوزنية الذي وصل إلى 63 نسقا، حيث ظهرت لنا الأوزان بمختلف تحولاتها الإيقاعية في القائمة التي أثبتناها بالرموز العددية، وهو ما يعد صورة بديلة من رموز المتحرك والساكن التي وضعها الخليل.

وأما المنهج الثاني فهو المنهج المعياري الذي يفترض للوحدات الإيقاعية كيانا تتجمع فيه أنساقها على شكل دائرة حتى إذا فكت هذه الدائرة بدءا من وحدة معينة لتنتهي عند ما قبل هذه الوحدة، أفرزت لنا نسقا من الوحدات يمكن اتخاذه نوتة إيقاعية لوزن من أوزان الشعر. وقد بلغ بالخليل استقصاؤه لهذه الأنساق الدائرية أن اجتمعت له منها خمس دوائر، وبلغت الأنساق التي خرجت منها بالفك خمسة عشرة نسقا مستعملا، فأصبح متاحا له عبر قواعد معيارية خاصة بالتفاعيل عرفت بالمعاقبة والمراقبة والمكانفة، ومفاهيم خاصة بطول الشطر عرفت بالجزء والشطر والنهك، أن يصل إلى تحديد الوزن تحديدا علميا دقيقا.

وفي رأيي أن المنهج الأول يتسم بالسهولة وهو لذلك يصلح تنفيذه على برنامج software عادي تكون معطياته هي هذه الأنساق الثلاثة والستون بكل زحافاتها، حتى إذا ما تم إدخال بيت معين أجرى له مقارنة مع تلك الأنساق المخزنة بمختلف زحافاتها ومن ثم يعطينا وزن البيت أو يدلنا على موضع الكسر فيه.

وأما المنهج الثاني فأعتقد أنه يتطلب لتطبيقه على الكمبيوتر قدرا من الذكاء الاصطناعي؛ لأنه قائم على افتراضات وتحليلات جعلت منه علما مستقلا بذاته.

والمنهج الأول ليس علما بالمعنى المعروف للعلم، فهو ليس أكثر من دليل للأوزان، يشبه دليل الهاتف في زماننا، ومن المحتمل أن الخليل حاكى به في وضعه طريقة التنعيم التي سمعها من معلم الصبية في المدينة. وربما كان هذا المنهج أيضا هو المنهج الذي اتبعه المفضل الضبي، وكان معاصرا للخليل وتوفي قبله سنة 168 هـ، ما لم يكن المفضل تتلمذ على الخليل وهو ما لم يذكره أحد، ولا ذكر أيضا عن كتابه الموسوم بالعروض ما يتعدى اسمه الذي يوحي بأن هذا العلم كان معروفا من قبل، وهو ما يناقض الرواية المشهورة عن سبب تسمية هذا العلم بالعروض عند الخليل.

وربما كانت صعوبة منهج الخليل المعياري هي ما جعلت بعض معاصريه والذين جاءوا من بعده ينتقدون عمله أو يستدركون عليه كما فعل الجاحظ حين قال عنه: "فتنته دوائره التي لا يحتاج إليها غيره" وبرزخ العروضي الذي ألف في نقده "كتاب النقض على الخليل وتغليطه في كتاب العروض " وبعدهما الناشئ الأكبر الذي قال ابن خلكان إنه "أدخل على قواعد العروض شبها ومثلها بغير أمثلة الخليل". ومن المفارقات ذكرهم أن أحد تلاميذ الخليل وهو هارون بن السميدع الذي يكنى بالعروضي "لم يأخذ بنظام الخليل ولكنه استخدم أوزانا من العروض غريبة، ثم أخذ ذلك عنه ونحا فيه نحوه رزين العروضي فأتي فيه ببدائع كثيرة"!

ـ[الشاعر الصغير]ــــــــ[22 - 04 - 2009, 11:30 م]ـ

شاكر ومقدر ..

لك اخي

ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[23 - 04 - 2009, 09:30 م]ـ

لم يصلنا من الكتب التي خالفت منهج الخليل غير بعض أسمائها، وأول كتاب وصلنا كاملا كان"عروض الورقة" الذي ألفه الجوهري صاحب معجم الصحاح في أواخر القرن الرابع الهجري. وقد قبل الجوهري من الخليل أجزاءه كلها إلا الجزء (مفعولات)، لأنه "ليس بجزء صحيح، على ما يقوله الخليل، وإنما هو منقول من (مستفعلن) مفروق الوتد. لأنه لو كان جزءا صحيحا لتركب من مفرده بحر، كما تركب من سائر الأجزاء ". وهو لذلك يعد المنسرح والمقتضب من مزاحفات الرجز بتفريق وتد مستفعلن في بعض تفعيلاته، كما يعد السريعَ من البسيط، والمجتثَّ من الخفيف، لأنه يجعل كل ما كان مؤلفا من مستفعلن فاعلن من البسيط، وما كان مؤلفا من مستفعلن فاعلاتن من الخفيف.

وعلى ذلك فعدة البحور عنده اثنا عشر بحرا، "فأولها المتقارب ثم الهزج، والطويل بينهما مركب منهما. ثم بعد الهزج الرمل، والمضارع بينهما. ثم بعد الرمل الرجز، فالخفيف بينهما. ثم بعد الرجز المتدارك، والبسيط بينهما. ثم بعد المتدارك المديد، مركب منه ومن الرمل. ثم الوافر والكامل، ولم يتركب بينهما بحر، لما فيهما من الفاصلة".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير