تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

النضيرة بنت الضيزن عركت، أي حاضت، فأخرجت إلى الربض، وكانت من أجمل أهل

دهرها، وكذلك كانوا يفعلون بنسائهم إذا حضن، وكان سابور من أجمل أهل زمانه، فرآها

ورأته فعشقته وعشقها، فأرسلت إليه: ما تجعل لي إن دللتك عل ما تهدم به هذه المدينة

وتقتل أبي؟ قال: حكمك، وأرفعك على نسائي، وأخصك بنفسي دونهن، قالت: عليك

بحمامة مطوقة ورقاء، فاكتب في رجلها بحيض جارية زرقاء، ثم أرسلها فإنها تقع على

حائط المدينة فتتداعى المدينة، وكان ذلك طلسمها لا يهدمها إلا هو. ففعل وتأهب لهم،

وقالت: أنا أسقي الحرس الخمر فإذا صرعوا فاقتلهم وادخل المدينة. ففعل، فتداعت المدينة

وفتحها سابور عنوة، وقتل الضيزن يومئذ، وأباد بني العبيد قبيلته الدنيا، وأفنى قضاعة

الذين كانوا معه، واحتمل النضيرة بنت الضيزن فأعرس بها بعين التمر، فلم تزل ليلتها تتضور

من خشية في فراشها، وهي من حرير محشوة بالقز. فالتمس ما كان يؤذيها فإذا هو ورقة

آس ملتصقة بعكنة من عكنها قد أثرت فيها. قال: وكان ينظر إلى مخها من لين بشرتها.

فقال لها سابور: ويحك بأي شيء كان أبوك يغذوك؟ قالت: بالزبد والمخ وشهد الأبكار من

النحل وصفوة الخمر، فقال: وأبيك لأنا أحدث عهداً بمعرفتك وأوتر لك في أبيك الذي

غذاك بما تذكرين. فكان عاقبة غدرها بأبيها وعشيرتها أن سابور غدر بها، فأمر رجلاً

فركب فرساً جموحاً وضفر غدائرها بذنبه ثم استركضه فقطعها قطعاً.

وتقول العرب أيضاً: جزاني جزاء سنمار، وهو بناء غدر به النعمان ابن الشقيقة اللخمي،

والشقيقة أمه، وهو الذي ساح وتنصر. وكان من حديث غدره بسنمار أن يزدجرد بن

سابور كان لا يعيش له ولد، فسأل عن منزل صحيح مريء فدل على ظهر الحيرة، فدفع

ابنه بهرام جور إلى النعمان هذا، وهو عامله على أرض العرب، وأمره أن يبني الخورنق

مسكناً له ولابنه، وينزله إياه، وأمره بإخراجه إلى وادي العرب. وكان الذي بنى الخورنق

رجل يقال له سنمار، فلما فرغ من بنائه عجبوا من حسنه وإتقان عمله فقال: لو علمت

تستحق ذلك: mad:

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[14 - 05 - 2008, 04:24 ص]ـ

ومن غريب ما اتفق وعجيب ما سبق

ما حكي أن ملكاً من ملوك الفرس يقال له

أردشير، وكان ذا مملكة متسعة وجند كثير، وكان ذا بأس شديد، قد وصف له بنت ملك

بحر الأردن بالجمال البارع، وأن هذه البنت بكر ذات خدر، فسير أردشير من يخطبها من

أبيها، فامتنع من إجابته، ولم يرض بذلك، فعظم ذلك على أردشير، وأقسم بالأيمان المغلظة

ليغزون الملك أبا البنت، وليقتلنه هو وابنته شر قتلة، وليمثلن بهما أخبث مثلة، فسار إليه

أردشير في جيوشه، فقاتله، فقتله أردشير وقتل سائر خواصه، ثم سأل عن ابنته المخطوبة،

فبرزت إليه جارية من القصر من أجمل النساء وأكمل البنات حسناً وجمالاً وقدراً

واعتدالاً، فبهت أردشير من رؤيته إياها، فقالت له: أيها الملك إنني ابنة الملك الفلاني ملك

المدينة الفلانية، وأن الملك الذي قتلته أنت قد غزا بلدنا وقتل أبي وقتل سائر أصحابه قبل

أن تقتله أنت، وأنه أسرني في جملة الأسارى وأتى بي في هذا القصر، فلما رأتني ابنته التي

أرسلت تخطبها أحبتني، وسألت أباها أن يتركني عندها لتأنس بي، فتركني لها، فكنت أنا

وهي كأننا روحان في جسد واحد، فلما أرسلت تخطبها خاف أبوها عليها منك فأرسلها

إلى بعض الجزائر في البحر الملح عند بعض أقاربه من الملوك، فقال أردشير: وددت لو أني

ظفرت بها فكنت أقتلها شر قتلة، ثم إنه تأمل الجارية فرآها فائقة في الجمال، فمالت نفسه

إليها، فأخذها للتسري، وقال هذه أجنبية من الملك ولا أحنث في يميني بأخذها، ثم إنه

واقعها وأزال بكارتها، فحملت منه، فلما ظهر عليها الحمل، اتفق أنها تحدثت معه يوماً،

وقد رأته منشرح الصدر، فقالت له: أنت غلبت أبي وأنا غلبتك، فقال لها: ومن أبوك؟

فقالت له: هو ملك بحر الأردن، وأنا ابنته التي خطبتها منه، وأنني سمعت أنك أقسمت

لتقتلني فتحيلت عليك بما سمعت، والآن هذا ولدك في بطني، فلا يتهيأ لك قتلي، فعظم ذلك

على أردشير إذ قهرتة امرأة وتحيلت عليه حتى تخلصت من يديه، فانتهرها، وخرج من

عندها مغضباً، وعول على قتلها، ثم ذكر لوزيره ما اتفق له معها، فلما رأى الوزير عزمه قوياً

على قتلها خشي أن تتحدث الملوك عنه بمثل هذا، وأنه لا يقبل فيها شفاعة شافع، فقال

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير