ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[27 - 01 - 2008, 05:06 ص]ـ
أخي الليث ..
موضوع ماتع جدا .. نطمح بالمزيد .. وحاول المحافظة على هذا الموضوع القيم والماتع ...
ولكن ما عهدنا منك آخر رد للموضوع.
ليس من العيار الثقيل:)
أمتعنا جوزيت خيرا
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[27 - 01 - 2008, 10:59 ص]ـ
أخي الليث ..
موضوع ماتع جدا .. نطمح بالمزيد .. وحاول المحافظة على هذا الموضوع القيم والماتع ...
ولكن ما عهدنا منك آخر رد للموضوع.
ليس من العيار الثقيل:)
أمتعنا جوزيت خيرا
ابشر
أعدك بالمزيد اليوم إن شاء الله.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[28 - 01 - 2008, 12:07 ص]ـ
قال أبو الحسين علي بن الحسين الصوفي المعروف برباح: حدثني بعض أصدقائي أنه دخل إلى بعض المارستانات ببغداد فرأى شاباً حسن الوجه، نظيف الثياب، جالساً على حصير نظيف، وعن يساره مخدة نظيفة، وفي يده مروحة، وإلى جانبه كوز فيه ماء، فسلمت عليه، فرد السلام أحسن رد، فقلت له: هل لك من حاجة؟ فقال: نعم! أريد قرصين وعليهما فالوذج، فمضيت فجئته بذلك، وجلست مقابله حتى أكل، ثم قلت له: أبقي لك حاجة؟ فقال: نعم، ولا أظنك تقدر عليها. فقلت: اذرها، فلعل الله أن ييسرها. فقال: تمضي إلى نهر الدجاج درب أحمد الدهقان، إلى دار على باب زقاق الغفلة، فاطرق الباب وقل: إن فلاناً قال لي:
مُرَّ بالحبيبِ وَقُلْ لهُ = مجْنونُكم مَن ذا يحلّه؟
قال: فمضيت وسألت عن الدرب والزقاق، فدللت عليه، فطرقت الباب، فخرجت إليّ عجوز فأبلغتها الرسالة، فدخلت وغابت عني ساعة، ثم خرجت فقالت:
ارْجعْ إلَيه وقُل لَهُ = علِيلُكم مَن ذا أعلّه
فرجعت إلى الفتى فأخبرته بالجواب، فشهق شهقةً فمات، وعدت إلى القوم أخبرهم بذلك، فوجدت الصراخ في الدار، وقد ماتت الجارية.
ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[28 - 01 - 2008, 12:30 ص]ـ
روى أحمد بن سعيد العابد عن أبيه قال: كان عندنا بالكوفة شاب يتعبد ملازماً للمسجد الجامع، لا يكاد يخلو منه، وكان حسن الوجه، حسن القامة، حسن السمت، فنظرت إليه امرأة ذات جمال، وعقل، فشغفت به، وطال ذلك عليها، فلما كان ذات يوم وقفت له على طريقه، وهو يريد المسجد، فقالت له: يا فتى اسمع مني كلمات أكلمك بها، ثم اعمل ما شئت. فمضى ولم يكلمها. ثم وقفت له بعد ذلك على طريقه، وهو يريد منزله، فقالت له: يا فتى اسمع كلمات أكلمك بها. فأطرق فقال لها: هذا موقف تهمة، وأنا أكره أن أكون للتهمة موضعاً. فقالت له: والله ما وقفت موقفي هذا جهالةً مني بأمرك، ولكن معاذ الله أن يتشوف العباد إلى مثل هذا مني، والذي حملني على أن لقيتك في هذا الأمر بنفسي معرفتي أن القليل من هذا عند الناس كثير، وأنتم، معاشر العبّاد، في مثال القوارير أدنى شيء يعيبه، وجملة ما أكلمك به أن جوارحي كلها مشغولة بك، فالله الله في أمري وأمرك.
قال: فمضى الشاب إلى منزله، وأراد أن يصلي فلم يعقل كيف يصلي، فأخذ قرطاساً وكتب كتاباً، ثم خرج من منزله. فإذا بالمرأة واقفة في موضعها، فألقى إليها الكتاب، ورجع إلى منزله. وكان في الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم. اعلمي أيتها المرأة أن الله، تبارك وتعالى، إذا عصي حلُم، فإذا عاود العبد المعصية ستر، فإذا لبس لها ملابسها غضب الله، عز وجل، لنفسه غضبةً تضيق منها السموات والأرضون والجبال والشجر والدواب، فمن ذا الذي يطيق غضبه؟ فإن كان ما ذكرت باطلاً، فإني أذكرك: " يوم تكون السماء كالمهل، وتكون الجبال كالعهن "، وتجثو الأمم لصولة الجبار العظيم، وإني والله قد ضعفت عن إصلاح نفسي، فكيف بصلاح غيري، وإن كان ما ذكرت حقاً فإني أدلك على طبيب، هو ولي الكُلُوم المُمرضة، والأوجاع المُرمِضَة، ذلك الله رب العالمين، فاقصديه على صدق المسألة، فإني متشاغل عنك بقوله، عز وجل: "وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين، ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع، يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور، والله يقضي بالحق "، فأين المهرب من هذه الآية؟ ثم جاءت بعد ذلك بأيام فوقفت له على طريقه، فلما رآها من بعيد أراد الرجوع إلى منزله لئلا يراها، فقالت: يا فتى لا ترجع، فلا كان الملتقى بعد هذا أبداً إلا بين يدي الله، عز وجل. وبكت بكاءً كثيراُ، ثم قالت: أسأل الله، عز وجل. الذي بيده مفاتيح قلبك أن يسهل ما قد عسُر من أمرك. ثم تبعته فقالت: امنن علي بموعظة أحملها عنك، وأوصني بوصية أعمل عليها! فقال لها الفتى: أوصيك بحفظ نفسك من نفسك وأذكرك قوله عز وجل: "وهو الذي يتوفاكم بالليل، ويعلم ما جرحتم بالنهار".
قال: فأطرقت، وبكت بكاءً أشد من بكائها الأول، ثم أفاقت، فقالت: والله ما حملت أنثى ولا وضعت إنساً كمثلك في مصري وأحيائي. وذكرت أبياتاً آخرها:
لألبسَنّ لهذا الأمرِ مِدْرَعَةً = ولا ركنتُ إلى لذّاتِ دنُيايا
ثم لزمت بيتها فأخذت بالعبادة. قال: فكانت إذا أجهدها الأمر تدعو بكتابه فتضعه على عينيها، فيقال لها: وهل يغني هذا شيئاً؟ فتقول: وهل لي دواء غيره؟ وكان إذا جن عليها الليل قامت إلى محرابها، فإذا صلت قالت:
يا وَارِثَ الأرْض هبْ لي منك مغفِرَةً = وحلّ عني هوى ذا الهاجِرِ الدّاني
وانظُرْ إلى خَلّتي، يا مُشتَكى حَزَني = بنَظرَةٍ منك تجلو كلَّ أحزَاني
فلم تزل على ذلك حتى ماتت كمداً، وكان الفتى يذكرها بعد موتها ثم يبكي عليها، فيقال له: مم بكاؤك، وأنت قد أيستها؟ فيقول: إني ذقت طعمها مني في أول أمرها وجعلت قطعها ذخيرةً لي عند الله، عز وجل، وإني لأستحيي من الله، عز وجل،؟ أن أسترد ذخيرةً ذخرتها عنده.
¥