تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولا عجب أن يستند التنوخي روايته أو (كذبه) إلى بعض شيوخه لئلا يفتضح , ولذلك زعم كما قدمنا لك (الرواية رقم 1) أن القاضي ابن أم شيبان حدّثه .......... و القاضي ابن أم شيبان يحتاج أمره إلى بعض النظر ..... لأني أخشى أن تكون صلته قريبة جداً بحياة المتنبي وما لقيه من العلويين ..... أهـ بتصرف

2/ وهذا الشيخ التنوخي يقول: إنه سأل المتنبي عن نسبه فما (اعترف له به) (الرواية رقم4) , كان إذ ذاك شاباً في السابعة والعشرين , وكان المتنبي قد نيّف على الخمسين , فما نظن أن القاضي التنوخي كان يجرؤ أن يسأل المتنبي عن ذلك , لبعد ما بينهما , و لتعالي المتنبي و ترفعه حتى على الخلفاء و الوزراء , وأيضاً لما يعلم من صلة القاضي بالوزير المهلبي و تحققه بخدمته.

3/ إن كان سأل قد المتنبي حقاً كما يقول , فما يكون جواب المتنبي عن ذلك هذا الكلام الملفق الضعيف الذي يضع من رأي صاحبه و يَسْتَفْسِدُ من عقله: (أنا رجل أطوي البوادي وحدي و أخبط القبائل .... ) فلم يكن المتنبي ممن يطوي البوادي وحده إذ ذاك , بعد أن سار اسمه مسير الشمس ما بين مشرقها ومغربها.

و المتنبي الذي لم يخف أن يخرج غير محروس يوم قتل وقد أوعدوه , وأرصدوا له , و تححق هو ذلك , لا يقول (ومتى انتسبت لم آمن من أن يأخذني بعض العرب بطائلة بينها و بين القبيلة التي أنتسب إليها) وهل أذل من قوله (وما دمت غير منتسب إلى إلى أحد , فأنا أسلم على جميعهم ويخافون لساني)؟ أهذا يقوله من أوعد الملوك وجاهرهم بالعدواة في عصر كانت تذهب فيه الأرواح مع كلمات الوشاية و الدسيس و المكر السيء؟! كلا يا أبا علي ...

كلا يا أبا علي ... صدقت يامحمود شاكر , أيقول هذا الكلام من جر الملك كافور من على كرسيه بالهجاء , أيقول هذا الكلام من قال لملك كعضد الدولة:

لتعلم مصر و من بالعراق ....... ومن بالعواصم أني الفتى

و أني أبيت و أني وفيت ........ و أني عتوت على من عتى

يقول شاكر ... (فمن جهل هذا التنوخي بأساليب الوضع المتقنة .... أنه جمع بين النقائض في الكلام الواحد الذي يراد به إثبات مالا يكون , أو كون مالم يثبت ,فمن ذلم أن روى أن أبا الرجل كان سقاء يسقي على بعير له , ثم حدّث عن الرجل نفسه أنه قال: (متى انتسبت لم آمن أن يأخذني بعض العرب بطائلة بينها و بين القبيلة التي أنتسب إليها ............ , و أن رجلاً قد سقط بآبائه السواقط إلى السقاءة وغيرها من حقيرة المهن , لاتبغي عنده طائلة , وإن بُغيت فما يكون لمدركها عنده فخر.

رايت قبل أن الذي قال: إن والد المتنبي هو "عيدان السقاء" إنما هو أبو علي المحسن التنوخي , وهو من شيوخ العراق و أصحاب الوزير المهلبي , فزد على هذا أيضاً أن المتنبي حين دخل العراق بعد فراق كافور , أعرض عن المهلبي ولم يمدحه ولم يبال به فأغرى به الشعراء و غيرهم من الكتاب و الأدباء , وكان شعراء العراق يخافون أن ينال أبو الطيب في العراق ما نال في الشام , فيذهب بأرزاقهم من المدحو يعصف بذكرهم عند المولك و الأمراء كما فعل بمن هم أعلى منهم طبقة من شعراء الشام كأبي فراس الحمداني و السري الرفاء.

فذكر المتنبي بالسوء و زعمهم أن أباه كان سقاءً , من مصنوعات العراق و تجارته التي كان المهلبي وزيراً لها إذ ذاك على ما نرجح , فكم اتجر صاحبنا المهلبي بالأكاذيب في أيام وزارته , كما روت التواريخ عنه وعن أيام أصحابه , و إلا فكيف (يصح في الأذهان) أن يقف إبن السقاء , هذا المتنبي كما زعموا , في كل المواطن موقف المتعالي المتكبر الذي لا يرى أحداً فوقه ولا أحداً مثله , حتى سيف الدولة ابن حمدان ولي نعمته و صاحبه و مكرمه على حين مساءة من الزمان؟ 1 يا عجباً!! ألم يكن في مجلس سيف الدولة من يعرف ذلك يوم غضب عليه , وترك الشعراء يقعون فيه , و يتصدى له أبو فراس وهو ينشد , فيجبهه و يقطعه عن الإنشاد؟ يقول المتنبي في هذا المجلس:

سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا ........ بأنني خير من تسعى به قدم

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ........... و أسمعت كلماتي من به صمم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير