تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

منه فعل يسمى ترجيعا ". .

وورد عن أم هاني ـ رضي الله عنها ـ بنت عم الرسول صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح أنها قالت: " كنت أسمع صوت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ – وأنا نائمة على فراشي ـ يرجع القرآن ".

وقد أبان الشيخ محمد أبو زهرة عن المعاني التي تضمنها الترجيع في قوله رحمه الله [مقال التغني بالقرآن الكريم في مجلة كنوز الفرقان، العدد الثامن، صـ 19.]: " فهذه الآثار كلها تدل على أنه عليه السلام أباح التغني بالقرآن، وأباح ترجيع الكلمات مترنمًا بمعانيها مردداً لها بترديد ألفاظها، كما يفعل الأديب عند ترديد بيت من الشعر أدرك معناه واستطابه، فردده استحسانا له، ولجودة التعبير وسلامته، وكما فعل عليه السلام عند ترجيعه ... فإن ترديد ذلك في عام الفتح إنما هو من شكر المنعم به، وهو استذكار للانتقال من الضعف إلى القوة، ومن الفتنة في الدين إلى جعل الكلمة العليا لدين رب العالمين.

وإذا كان الترجيع ليس إلا ترديدا ً للمعنى وتذوقا له واستطابه واعتباراً به، فكذا يكون التغني الذي استحسنه النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ أن العرب الذين كانوا يقرؤون القرآن كانوا على علم بأساليب البيان، ومعاني الفرقان، فكانوا يترنمون بالألفاظ ترجيعاً لمعناها، وتذوقاً لجمالها، واستحساناً لأسلوبها.

وعلى ذلك يكون تحسين القراءة بالصوت الجميل الغرض منه أن يسهل على السامع فهم المعنى وتذوقه، وإدراك جمال الأسلوب، وجمال الألفاظ".

ولقد شدّد العلماء فيما يتعلق بترجيع القرآن الكريم والتغني به، ووضعوا لذلك معايير دقيقة، وهي عدم الخروج عن حدود التجويد، وأن لا يكون التغني لمجرد النغم من غير نظر إلى المعاني، وأن لا يكون مشابها لترجيع الغناء المنافي للخشوع الذي هو مقصود التلاوة، ولهذا نصّ العلماء – رحمهم الله – على منع القراءة بالترعيد والترقيص والتطريب، أما الترعيد في القراءة فهو أن يأتي بالصوت إذا قرأ مضربا كأنه يرتعد من برد أو ألم، وأما الترقيص فهو أن يروم السكوت على الساكن ثم ينفر مع الحركة كأنه في عدو وهرولة، وأما التطريب فهو أن يتنغم بالقراءة ويترنّم بحيث يزيد في المد في موضع المد وغيره.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير