تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[لأقوياء الملاحظة في النحو]

ـ[أبو علي]ــــــــ[10 Sep 2003, 11:07 ص]ـ

كثيرا ما نسمع المشككين في بلاغة القرآن يتهمون القرآن بالأخطاء النحوية وغيرها، ولقد جاؤوا عند قوله تعالى في سورة المائدة:

إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخروعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

وقفوا عند كلمة (الصابؤون) واعتبروها خطئا نحويا، إذ يجب أن تقرأ وتكتب (الصابئين) لأنها منصوبة بحرف (إن) لأنها اسمها.

المفسرون لم يعطوا تفسيرا يزيل ذلك الإلتباس، لكننا يمكننا الوصول إلى معرفة سبب ذلك إذا دققنا الملاحظة.

عودوا إلى الآية 69 من سورة المائدة وتدبروها جيدا ستجدون إذا كنتم أقوياء الملاحظة أن الصحيح هو أن تقرأ وتكتب (الصابئون)

والخطأ أن تقرأ وتكتب (الصابئين).

بانتظار ملاحظاتكم.

ـ[خالد الشبل]ــــــــ[10 Sep 2003, 03:27 م]ـ

الأستاذ أبا علي

ستجد تحريج هذا تحت:

جمع أبو بكر الصدّيق - رضي الله عنه - القرآن مشتملاً على سبعة الأحرف التي أذن الله بها للأمة في التلاوة بها، ثم كان لكثير من الصحابة مصاحف وكذلك التابعين، وفيها ماصح سنده وثبتت تلاوته ووافق العربية، ولكن اختلف بعضها عن بعض، حتى كان المعلم يعلم تلاوة الرجل، والمعلم يعلم تلاوة الرجل، فجعل الغلمان يتلقون فيختلفون ويختلف القراء من اهل العراق والشام، وهذا الاختلاف أغضب حذيفة، رضي الله عنه، حتى احمرّت عيناه، ففزع إلى عثمان، رضي الله عنه، فشرح الله صدره لجمع القرآن، فجمع الأمة على حرف واحد ورسم واحد، ما عدا اختلافات أحصاها المشتغلون بالدراسات القرآنية، وكا خاليًا من النقط والشكل، ثم بعث بالمصاحف إلى الأمصار، وأمر أهل كل مصر أن يقيموا مصاحفهم على المصحف المبعوث إليهم، فأصبحت قراءة كل مصر تابعةً لرسم مصحفهم. وقد منع عثمان - رضي الله عنه - القراءات بما خالف خطها، وساعد على ذلك زهاء اثني عشر من الصحابة والتابعين، واتبعه على ذلك جماعة من المسلمين بعده، وصارت القراءة عند جميع العلماء بما يخالفه بدعة وخطأ، وإن صحت ورُويت، كما في (الإبانة) لمكي.

وليس لنا إلى إنكار شيء من القرآن من سبيل، بعد هذا الرسم الذي أجمعت عليه الأمة، وأصبحت القراءة بما يخالف الرسم، وإن وافق العربية وصح سنده، كالذي جاء في مصاحف الصحابة والتابعين، شاذةً، لكونها شذت عن رسم المصحف الإمام المجمع عليه، فلا تجوز القراءة بها، لا في الصلاة ولا في غيرها. وذكر القرطبي 17/ 208 أن عليًا - رضي الله نه - قرأ: (وطلع منضود) بالعين، وقرأ: (ونخل طلعها هضيم) وهو خلاف المصحف، وقرئ بين يديه (وطلح منضود) فقال: وما شأن الطلح؟ إنما هو (وطلع منضود)، ثم قال: لها طلع نضيد، فقيل له: أفلا نحولها؟ فقال: لا ينبغي أن يُهاج القرآن ولا يُحوّل. فاختار هذه القراءة، ولم يرَ إثباتها في المصحف، لمخالفة ما رسمه مجمع عليه، وقدذكر بعض المستشرقين (جولدتسيهر) في (مذاهب التفسير الإسلامي) أن سبب اختلاف القراءات هو أن الخط العربي الذي كتب به المصحف كان خاليًا من النقط والشكل، وهذا ما أدى إلى الاختلافات النحوية والمعنوية. ورأيه هذا يهدم النقل عن الأئمة القراء، وينكر صلة هذه القراءات بالسند عن رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

في تأويل مشكل القرآن ص50 لابن قتيبة، رحمه الله: باب ما ادُّعي على القرآن من اللحن

ذكر فيه حديث عائشة وحديث عثمان، رضي الله عنهما، في اللحن في القرآن والخبران فيهما إرسال، ففي خبر عثمان عن قتادة عن عثمان، ولا يُعرف من بينهما، وفي خبر عائشة لا يُعرف حال مَن دون هشام بن عروة من الرواة، وقد شكك الباقلاني في (الانتصار) 2/ 533 في الخبرين، على أن هشام بن عروة ثقة فقيه ربما دلّس.

وقال الزمخشري في (الكشاف) 1/ 582: " ولا يُلتفت إلى ما زعموا من وقوعه لحنًا في خط المصحف، وبما التفت إليه مَن لم ينظر في الكتاب، ولم يعرف مذاهب العرب، وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتنان، وغُبّي عليه أن السابقين الأولين الذين مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كانوا أبعد همة في الغيرة على الإسلام وذب المطاعن عنه من أن يتركوا في كتاب الله ثلمة ليسدَّها من بعدهم، وخرْقًا يَرْفُوه من يلحق بهم ".

والمفسرون - رحمهم الله - لم يغفلوا تخريج هذه الآية، ولا غيرها، وقد ذكر السمين في (الدرّ) 4/ 353 - 362 تسعة أوجه لتخريج الرفع في آية المائدة، أرى أن أوجهها رأيان: الأول: قول جمهور البصريين سيبويه والخليل وأتباعهما أنه مرفوع بالابتداء، والنية به التأخير، والخبر محذوف لدلالة خبر الأول عليه. قال سيبويه:" وأما قوله، عزّ وجلّ (والصابئون) فعلى التقديم والتأخير، كأنه ابتدأ على قوله (والصابئون) بعدما مضى الخبر " والتقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا .... مَن آمن .. والصابئون كذلك، كما تقول: إن زيدًا وعمرٌو قائم. قال ضابئ البرجمي:

فمن يكُ أمسى بالمدينة رحله ... فإني وقيارٌ بها لغريبُ

والثاني: أنه معطوف على محل اسم (إن) لأنه قبل دخولها مرفوع بالابتداء، فلما دخلت عليه لم تغير معناه، بل أكدته، و (إن) تخالف أخواتها في أنها لا تغيّر معنى مدخولها،بل

تؤكده فقط، أما غيرها فتنقل الخبر إلى غير الخبر، فـ (كأنّ) تنقله إلى التشبيه، و (ليت) إلى التمني ... وهكذا، وأنت إذا قلت: زيدٌ قائمٌ صلح في جوابه صدق وكذبَ، وإذا قلت: ليت زيدًا قائم، لم يُقل فيه صدقَ ولا كذب، ومثلها: لعل، وكأنّ. أما (إن) فإنها تؤكد المعنى لا غير، فلا فرق بين قولك: إن زيدًا قائم، وقولك: لزيد قائم، إلا تأثير اللفظ، ولا حظ له في المعنى. وهذا نص عليه ابن أبي الربيع في (البسيط) في باب (إن)، وذكره ابن قتيبة في (تأويله).

ويجدر بالذكر أن أُبيًّا وعثمان بن عفان وعائشة - رضي الله عنهم - والجحدري وسعيد بن جبير - رحمهما الله - وجماعة كانت قراءتهم: والصابئين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير