[حين يقرأ العلماء. [أرجوا المشاركة من الجميع بالنصح والتوجيه والفائدة]]
ـ[أبو العالية]ــــــــ[20 Aug 2003, 02:32 ص]ـ
حين يقرأ العلماء
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله:
" وأمّا عُشّاق العلم فأعظم شغفاً به وعِشقاً له من كلِّ عاشقٍ بمعشوقه، وكثيرٌ منهم لا يشغله عنه أجمل صورة من البشر " [روضة المحبين 69]
لمحبرة تجالسني نهاري أحب إلىّ من أُنْس الصديق
ورزمة كاغد في البيت عندي أحب إلىّ من عِدل الدقيق
ولطمة عالم في الخد مني ألذ لديّ من شرب الرحيق
حين يقرأ العلماء.
تأملت حال طلبة العلم اليوم في العزوف عن القراءة وهم في بداية الطلب!
فعجبت كل العجب! أقد اكتفوا بما حصلوه من العلم؟
سبحان الله.
يقول ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر: " أفضل الأشياء التزيّد من العلم، فإنه من اقتصر على ما يعلمه فظنّه كافياً استبد برأيه، وصار تعظيمه لنفسه مانعاً من الاستفادة. والمذاكرة تبين له خطأه." أهـ[158]
أم وقع عليهم مرض " القراءة لمن هم في بداية الطلب " وأما نحن فقد انتهينا من هذه المرحلة ونحن بصدد العلماء الكبار؟!
فلا أدري أنسوا أم تناسوا حال علمائهم الربانيون.
أغفلوا عن قوله تعالى: [وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا] (طه / 114)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" ما أمر الله رسوله بطلب الزيادة في شيء إلا في العلم " [الفتح / 1/ 170]
ويقول ابن قيم الجوزية رحمه الله في ذلك:
" وكفى بهذا شرفاً للعلم، أنْ أمر نبيّه أن يسأله المزيد منه " [مفتاح دار السعادة 1/ 223]
وما أروع قول من قال:
فلو قد ذقت من حلواه طعما * * * لآثرت التعلم واجتهدتا
ولم يشغلك عنه هوى مطاعٌ * * * ولا دنيا بزخرفها فُتنتا
ولا ألهاك عنه أنيق روضٍ * * * ولا دنيا بزينتها كلفتا
فقوت الروح أرواح المعاني * * * وليس بأن طعمت ولا شربتا
فواظبه وخذ بالجد فيه * * * فإن أعطاكه الله انتفعتا
قال أبو هلال العسكري رحمه الله:
" فإذا كنت أيها الأخ، ترغبُ في سُمُو القدْرِ، ونَباهةِ الذِكْرِ، وارتفاعِ المنزلةِ بين الخلقِ، وتَلْتَمِسُ عِزاً لاتثلمه اللياليَ والأيامُ، ولا تتحيّفه الدهورُ والأعوامُ، وهَيْبةً بغيِر سُلطانٍ، وغِنىً بلا مالٍ، ومَنَعَةً بغيرِ سلاحٍ، وعلاءٍ من غيرِ عَشيرةٍ، وأعْواناً بغيِر أجرٍ، وجُنْداً بلا دِيوانٍ وفَرْض، فعليك بالعلمِ، فاطلبهُ في مظانَّه، تأتِكَ المنافِعُ عفوا، وتلق ما يُعْتَمَدُ منها صَفْواً، واجتهدْ في تحصيلهِ لياليَ قلائلَ، ثم تَذَوّقْ حلاوةَ الكرامةِ مدةَ عُمُرِكِ، وتَمَتّعْ بلذةِ الشرفِ فيه بقيةَ أيامِك، واسْتَبِقْ لنفسك الذِكْرَ به بعد وفاتك. " [الحث على طلب العلم والاجتهاد فيه صـ (43)]
فيا أيها العقلاء:
أرى الهمم قد ضعفت، والعزائم قد هرمت، والجد والجلد قد أخفق مناره، ومحي دثاره
فهبّوا إلى القراءة والتزود من العلم.
وما أحسن قول من قال:
رأيت العلم صاحبه شريف وإن ولدته أباء لآم
وليس يزال يرفعه إلى أنْ يُعظِّم قدره القوم الكرام
ويتبعونه في كل أمرٍ كراع الضأن تتبعه السئام
ويُحمل قوله في كل أفقٍ ومن يكُ عالماً فهو الإمام
فلو لا العلم ما صعدت نفوس ولا عُرف الحلال ولا الحرام
فبالعلم النجاة من المخازي وبالجهل المذلة والرغام
هو الهادي الدليل إلى المعالي ومصباح يضيء به الظلام
كذلك عن الرسول أتى عليه من الله التحية والسلام
وفي هذه العجالة أقف مع بعض العلماء الربانيين الذين أمضوا حياتهم رحمهم الله في القراءة وطلب العلم وحتى آخر يومٍ من حياتهم.
علّ هذه الكلمات أن ترفع همماً نوّاره، للبحث كرّراه، وفي ميادين العلم زوّاره.
أولاً: الهمة في الحرص على اقتناء الكتب المفيدة.
قال الجاحظ: " من لم تكن نفقته التي تخرج في الكتب ألذّ عنده من إنفاق عُشّاق القِيان، والمستهترين بالبنيان، لم يبلغ في العلم مبلغاً رضياً.وليس ينتفع بإنفاقه حتى يؤثر اتخاذ الكتب إيثار الأعرابي فرسَه باللبن على عياله!
وحتى يُؤمِّل في العلم ما يؤمل الأعرابي في فرسه " [الحيوان 1/ 55]
وقال سلمان الحموي الحنبلي _ من شيوخ الحافظ ابن حجر _:
وقائلةٍ أنفقتَ في الكتب ما حوت يمينك من مالٍ فقلت: دعيني
¥