تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[سؤال عن احتواء جمع أبي بكر للأحرف السبعة]

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Oct 2003, 03:02 م]ـ

لقد سألني الأخ الفاضل حسين المطيري الأستاذ بقسم الدراسات القرآنية عن جمع أبي بكر رضي الله عنه، هل يشمل الأحرف السبعة؟

وأقول إنَّ موضوع جمع القرآن من الموضوعات التي تحتاج إلى رسائل، وليست رسالة واحدة، وقد طرح الأستاذ محمد أبو زيد رسالته العلمية المعنونة بـ (جمع القرآن في مراحله التاريخية من العصر النبوي إلى العصر الحديث) في الأنترنت، وهو موجود في موقع الخيمة، وفيها فوائد نفيسة يحسن بمن له اهتمام بعلوم القرآن أن يرجع إليها.

وأعود فأقول: إن موضوع جمع المصحف عمومًا يرتبط بعدد من الموضوعات لا يمكن أن ينفكَّ عنها، وإلا كان البحث ـ في نظري ـ في نقص، وهذه الموضوعات:

1 ـ رسم المصحف.

2 ـ الأحرف السبعة.

3 ـ اختلاف القراءات القرآنية.

وإدراك هذه الأمور تحلُّ شيئًا كثيرًا من المشكلات الواردة على جمع المصحف.

ثمَّ إن بحث هذا الموضوع يحتاج إلى ثلاث مقدمات:

الأولى: جمع الآثار المتعلقة بجمع المصحف، والمتعلقة بالموضوعات الثلاثة التي سبق الإشارة إليها لأخذ ما يفيد منها في موضوع جمع المصحف.

الثانية: تصوُّر الواقع الذي كان عليه الصحابة رضي الله عنهم حال جمع المصحف في أزمنته المتعددة.

الثالثة: الاستنباط العقلي المبني على الآثار وتصوُّر الواقع.

وأعود إلى السؤال المطروح فأقول:

1 ـ إنَّ ما جمعه أبو بكر رضي الله عنه ليس فيه تفاصيل، ولا يمكن الجزم بشيءٍ إلا أنه جمع المصحف، والأصل أنَّ هذا المصحف يحتوي على القرآن النازل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومادام يحتويه فإنَّ إثبات الزيادة على كونه يحتوي أكثر من ذلك مما يحتاج إلى دليل خاصٍّ، وليس من دليل يدلُّ على ذلك.

2 ـ إنَّ افتراض اختلاف المكتوب في مصحف أبي بكر رضي الله عنه عما بقي من المكتوب من القرآن على اللخف والرقاع وغيرها أمر لا يدلُّ عليه دليلٌ أيضًا، والأصل أنَّ ما دوِّن بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم هو القرآن النازل الثابت قراءته، وهو الذي جمعه أبو بكر رضي الله عنه في مصحف واحدٍ، فعمل أبي بكر رضي الله عنه إنما هو جمع متفرقٍ في مصحف واحدٍ.

وإنما أقول ذلك لأن الأمر عندي أنَّ ما يتعلق بالقرآن فإنَّ الأصل فيه التوقيف، وليس للرسول صلى الله عليه وسلم، بَلْهَ الصحابة رضي الله عنهم أي تدخُّلٍ فيه، وذلك في حروفه وطريقة أدائه وترتب آيِهِ وسوره.

وجَهْلُ بعض الصحابة رضي الله عنهم بشيء من ذلك، أو اجتهادهم رضي الله عنهم في ترتيب مصاحفهم على ترتيبٍ معيَّنٍ ـ إن صحَّ ـ فإنه لا يُخرج هذه الأمور عن كونها توقيفية، هذا هو الأصل عندي، ولست أرى أنه قد وقع من الصحابة رضي الله عنهم مخالفة لما كان من شأن القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الأمر أنهم لم يُلزَموا إلزامًا عامًّا بشيءٍ من أمر القرآن إلا في عهد عثمان رضي الله عنه.

3 ـ إنه مما لا خلاف فيه أنَّ كثيرًا من قراءات القرآن ترجع إلى أمورٍ صوتية لا يمكن كتابتها، فإن كانت هذه الصوتيات عند من يرى أنَّ أبا بكر جمع الأحرف السبعة، فإنه يخالف هذا الأصل؛ لنَّ هذا مما لا يمكن أن يُكتب، ومن ثَمَّ فإن أبا بكر لم يكتبه على الأحرف السبعة بل نقص عنده ما يتعلق بالصوتيات من الإمالة والإدغام وغيرهما.

4 ـ كما أنَّ من نقل رسم المصاحف العثمانية أشار بوضوح صريحٍ أنَّ بعض الكلمات القرآنية كُتِبَت على وجه واحدٍ في الرسم، وهي في القراءة تحتمل أكثر من وجه، وهذا يدلُّ على أمور، منها:

ـ أنَّ الرسم اصطلاح، وهم كتبوه على الوجوه المتغايرة التي يعرفونها، لذا وقع الاختلاف في كتابة بعض المتماثلات بوجوه مختلفة نظرًا لاختلاف التغاير في رسمها، ولا يلزم منه أمر آخر، كما اجتهد بعضهم في استنباط علاقة وجوه القراءة بتغاير الرسم، وهذا قد يحصل في بعض المواطن لكنه غير لازم في جميع تغاير الرسم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير