قول الله: (جعلا له شركاء فيما آتاهما) أُشكل عليَّ، فمن يزيل الإشكال؟
ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[26 Jul 2003, 10:28 م]ـ
قال الله تعالى: (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلمّا تغشاها حملت حملاً خفيفاً فمرّت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحاً لنكونن من الشاكرين. فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون). [الأعراف 189 - 109].
والسؤال هو: إن ظاهر الآية يفيد نسبة الشرك إلى آدم وحواء وذلك في قوله: (جعلا له شركاء فيما آتاهما)، وقد وجدت حديثاً في تفسير هذه الآية عن سمرة بن جندب مرفوعاً عند الترمذي لكن إسناده ضعيف، فأرجو حلّ هذا الإشكال بارك الله فيكم؛ فلأمر هام بالنسبة لي؟
وأرجو إختيار أرجح الأقوال في المسألة، مع ذكر الدليل، والإجابة عن الإشكال جواباً شافياً.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Jul 2003, 11:28 م]ـ
بسم الله
أخي أحمد المصري، نظراً لاستعجالك الجواب، تفضل هذا البحث:
الحمد لله وبعد؛
قال تعالى: " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ. فَلَمَّآ ءَاتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَآ ءَاتَاهُمَا فَتَعَالى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ. (الأعراف: 189 - 190).
لقد وردت قصة تبين أن المراد بالآيات الآنفة الذكر آدم وحواء وأنهما وقعا في الشرك.
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كانت حواء تلد لآدم عليه السلام أولادا فيعبدهم لله ويسميه: عبدالله وعبيدالله ونحو ذلك فيصيبهم الموت فأتاها إبليس وآدم فقال: إنكما لو تسميانه بغير الذي تسميانه به لعاش قال: فولدت له رجلا فسماه " عبد الحارث ففيه أنزل الله، يقول الله: " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ " إلى قوله: " جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَآ ءَاتَاهُمَا … إلى آخر الآية.
وهذا الأثر ورد بعدة ألفاظ وجميع هذه الآثار في أسانيدها مقال، إلى جانب أنه مأخوذ من أهل الكتاب، وابن عباس يروي عن أهل الكتاب كما هو معلوم.
قال ابن كثير في تفسيره (3/ 636): وكأنه – والله أعلم – مأخوذ من أهل الكتاب، فإن ابن عباس رواه عن أبي بن كعب كما رواه ابن أبي حاتم.ا. هـ.
وقال أيضا: وهذه الآثار يظهر عليها – والله أعلم – أنها من لآثار أهل الكتاب … ا. هـ.
وورد حديث عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال سميه عبدالحارث فعاش. وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره.
رواه أحمد (5/ 11) والترمذي (5/ 250ح3077) والحاكم (2/ 545)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عمر بن إبراهيم عن قتادة. ورواه بعضهم عن عبدالصمد ولم يرفعه عمر بن إبراهيم شيخ بصري.
وقد أعل ابن كثير في تفسيره (3/ 635) هذا الحديث بثلاث علل فقال:
أحدها: أن عمر بن إبراهيم هذا هو البصري، وقد وثقه ابن معين ولكن قال أبو حاتم الرازي: لا يحتج به. ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر عن أبيه عن الحسن عن سمرة مرفوعا، فالله أعلم
الثاني: أنه قد روي من قول سمرة نفسه، ليس مرفوعا ….
الثالث: أن الحسن نفسه فسر الآية بغير هذا، فلو كان هذا عنده عن سمرة مرفوعا لما عدل عنه. ا. هـ. إلى جانب ما ذكر الحافظ ابن كثير فإن عمر بن إبراهيم يرويه عن قتادة وروايته عن قتادة منكرة، قال الإمام أحمد: وهو يروي عن قتادة أحاديث مناكير يخالف.
وقال ابن عدي: يروي عن قتادة أشياء لا يوافق عليها وحديث خاصة عن قتادة مضطرب.
وقد حكم الحافظ الذهبي على هذا الحديث بالنكارة كما في ترجمة عمر في الميزان (3/ 179) فقال: وهو حديث منكر كما ترى.
¥