[علم المناسبات في القرآن الكريم]
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Sep 2003, 03:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
- المناسبة: هي في اللغة المقاربة والمشاكلة. يقال: فلان يناسب فلاناً، أي يقاربه ويشاكله. ومنه النسيب الذي هو القريب المتصل بغيره، كالأخ وابن العم.
- واصطلاحاً: هي علم تعرف منه علل ترتيب أجزاء القرآن. [نظم الدرر للبقاعي 1/ 6]
وقد عبر عنه الإمام عبدالحميد الفراهي رحمه الله بـ (نظام القرآن)، وبعضهم يبحثه تحت ما يسمى بـ (الوحدة الموضوعية).
** ** **
أهميته:
علم المناسبات علم جليل القدر وقد نبه إلى أهميته عدد من العلماء من أبرزهم الفخر الرازي حيث قال: «أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط». وقال السيوطي في معترك الأقران: «علم المناسبة علم شريف قل اعتناء المفسرين به لدقته».
وقال البقاعي في نظم الدرر: «وهو سر البلاغة؛ لأدائه إلى تحقيق مطابقة المعاني لما اقتضاه من الحال، وتتوقف الإجازة فيه على معرفة مقصود السورة المطلوب ذلك فيها، ويفيد ذلك في معرفة المقصود من جميع جملها، فلذلك كان هذا العلم في غاية النفاسة، وكانت نسبته من علم التفسير كنسبة علم البيان من النحو». وقال العز بن عبدالسلام فيه: «المناسبة علم حسن، لكن يشترط في حسن ارتباط الكلام أن يقع في أمر متحد مرتبط أوله بآخره».
* من أبرز من اعتنى بعلم المناسبة من العلماء:
1 - أبو بكر النيسابوري رحمه الله، حيث كان كثير العلم في الشريعة والأدب، وكان يقول على الكرسي في بغداد إذا قرئت عليه الآية: لمَ جعلت الآية جنب هذه؟ وما الحكمة في جعل هذه السورة في جنب هذه السورة؟
وكان يزري على علماء بغداد لعدم علمهم بالمناسبة. وقد نسب السيوطي رحمه الله إليه أنه أول من سبق إلى هذا العلم. والصحيح أن أن أولية علم المناسبة القرآنية غير واضحة تمام الوضوح إلى الآن، ولا سيما مع بقاء كثير من مصادر التفسير وعلوم القرآن مخطوطة بعيدة عن أيدي الباحثين. وقد كتب الدكتور الفاضل عبدالحكيم الأنيس في مسألة نشأة علم المناسبات بحثاً ضافياً في مجلة (الأحمدية) التي تصدر عن دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث في دبي بالإمارات العربية المتحدة في العدد الحادي عشر - جمادى الأولى 1423هـ بعنوان: (أضواء على ظهور علم المناسبة القرآنية) بين فيه أقول العلماء في نشأة هذا العلم، وخلص إلى عدم وضوح الرؤية في هذه المسألة، وبين صواب ما ذكره السيوطي وأكثر الباحثين من بعده. فليراجعه من أراد الاستزادة في هذه المسألة.
2 - فخرالدين الرازي رحمه الله، حيث تميز بالإكثار من التماس المناسبات في تفسيره، وقال: «إني رأيت جمهور المفسرين معرضين عن هذه اللطائف غير منبهين لهذه الأسرار وليس الأمر في هذا الباب إلا كما قيل:
والنجم تستصغر الأبصار رؤيته والذنب للطرف لا للنجم في الصغر
3 - أبو الحسن الحرالي المغربي (637هـ.) ويتهم البقاعي بأنه قد أخذ كل ما في كتابه (نظم الدرر) من كتابه. يقول المناوي في الكواكب الدرية 2/ 465 في ترجمة الحرالي: (وصنف تفسيراً ملأه بحقائقه، ودقائق فكره، ونتائج قريحته، وأبدى فيه من مناسبات الآيات والسور ما يبهر العقول، وتحار فيه الفحول، وهو رأس مال البقاعي، ولولاه ما راح ولا جاء، ولكنه لم يتم، ومن حيث وقف وقف حال البقاعي في مناسباته).
4 - أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الغرناطي رحمه الله وله في ذلك كتاب البرهان في ترتيب سور القرآن، وهو كتاب ثمين.
5 - البقاعي رحمه الله في كتابه نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، وكتابه مؤلف مستقل لتلمس المناسبات بين الآيات والسور وهو كتاب نفيس في بابه.
6 - ابن النقيب الحنفي، حيث تصدى في تفسيره لذكر المناسبات.
7 - السيوطي رحمه الله فقد ألف كتابه تناسق الدرر في تناسب السور، وكتاب أسرار التنزيل.
8 - الشيخ محمد عبده رحمه الله في تفسير المنار الذي جمعه وأتمه رشيد رضا، حيث كان له عناية بعلم المناسبة.
9 - من المعاصرين الأستاذ سيد قطب رحمه الله في كتابه «في ظلال القرآن»، وفي كتابه الآخر «التصوير الفني في القرآن» وقد أبدع في إبراز ألوان من التناسق الفني في التصوير القرآني.
10 - الشيخ مصطفى المراغي رحمه الله في تفسيره.
¥