[ابن مسعود والفاتحة]
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[27 Jul 2003, 10:15 م]ـ
أخي الكريم:
هذا بحث مختصر في تحقيق المروي عن ابن مسعود – رضي الله عنه - في إنكاره كون الفاتحة، من القرآن الكريم.
**************************************************
روى الأعمش، عن إبراهيم قال: «قيل لعبد الله بن مسعود: لِمَ لمْ تكتب فاتحة الكتاب في مصحفك؟ فقال: لو كتبتها لكتبتها مع كل سورة». (1)
قال أبو بكر الأنباري: «يعني أن كل ركعة سبيلها أن تفتتح بأم القرآن قبل السورة المتلوة بعدها، فقال: اختصرتُ بإسقاطها، ووثقتُ بحفظ المسلمين لها، ولم أثبتها في موضع فيلزمني أن أكتبها مع كل سورة إذا كانت تتقدمها في الصلاة». (2)
وروى أبو عبيد، عن ابن سيرين قال: «كتب أبي بن كعب في مصحفه فاتحة الكتاب، وتركها ابن مسعود». (3)
وقد اختلف العلماء في المروي عن ابن مسعود في ذلك:
1 - فذهبت طائفة إلى رد الرواية، وإنكارها، منهم: ابن حزم، والفخر الرازي، والنووي، والزرقاني. (4)
قَالَ اَبْنُ حَزْمٍ: «كُلُّ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: مِنْ أَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَأُمَّ الْقُرْآنِ لَمْ تَكُنْ فِي مُصْحَفِهِ؛ فَكَذِبٌ مَوْضُوعٌ لَا يَصِحُّ؛ وَإِنَّمَا صَحَّتْ عَنْهُ قِرَاءَةُ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَفِيهَا أُمُّ الْقُرْآنِ، وَالْمُعَوِّذَتَانِ». (5)
وقال الرازي: «الأغلب على الظن أن نقل هذا المذهب عن ابن مسعود، نقل كاذب باطل». (6)
وقال النووي: «أجمع المسلمون على أن المعوذتين، والفاتحة، وسائر السور المكتوبة في المصحف قرآن، وأن من جحد شيئا منه كفر، وما نقل عن ابن مسعود في الفاتحة والمعوذتين باطل، ليس بصحيح عنه». (7)
2 - وذهبت طائفة إلى قبول الرواية وتصحيحها، وقالوا: لم ينكر ابن مسعود قرءانيتها، وإنما أنكر إثباتها في المصحف.
قال ابن قتيبة: «وأما فاتحة الكتاب؛ فإني أشك فيما روي عن عبد الله من تركه إثباتها في مصحفه، فإن كان هذا محفوظاً، فليس يجوز لمسلم أن يظن به الجهل بأنها من القرآن، ولكنه ذهب فيما يظن أهل النظر إلى أن القرآن إنما كتب وجمع بين اللوحين مخافة الشك والنسيان، والزيادة والنقصان، ورأى ذلك لا يجوز على سورة الحمد لقصرها، فلما أمن عليها العلة التي من أجلها كتب المصحف؛ ترك كتابتها، وهو يعلم أنها من القرآن». (8)
وقال أبو بكر الباقلاني: «لم ينكر عبد الله بن مسعود كون الفاتحة من القرآن؛ وإنما أنكر إثباتها في المصحف؛لأنه كانت السنة عنده ألا يثبت إلا ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإثباته وكتْبه، ولم نجده كتب ذلك ولا سمع أمره به، وهذا تأويل منه، وليس جحداً لكونها قرآناً». (9)
والصحيح عدم صحة الرواية عن ابن مسعود في ذلك؛ حيث لا يوجد إسناد متصل صحيح يوجب القطع بصحة الرواية، والله تعالى أعلم.
============================================
الحواشي
============================================
(1) ذكره القرطبي (1/ 81)، وابن كثير (1/ 10)، في تفسيريهما، وفي سنده انقطاع؛ فإن إبراهيم النخعي،لم يدرك ابن مسعود. كما في [تهذيب التهذيب (1/ 155)].
(2) تفسير القرطبي (1/ 81).
(3) ذكره السيوطي في الإتقان (1/ 205، 249)، وصحح إسناده.
(4) مناهل العرفان (1/ 274).
(5) المحلى (1/ 32).
(6) مفاتيح الغيب (1/ 178).
(7) المجموع (3/ 363).
(8) تأويل مشكل القرآن (42 - 49)، باختصار.
(9) فتح الباري (8/ 615)، والبرهان في علوم القرآن (2/ 255)، بتصرف يسير.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[28 Jul 2003, 12:26 ص]ـ
أخي الكريم الشيخ / أحمد القصير حفظه الله
جزاك الله خيرا على ماكتبت، واسمح لي بإيراد نقطتين:
1 - النتيجة التي خلصت إليها خالفك فيها السيوطي في الإتقان 1/ 270 فقال: "وإسقاطه الفاتحة من مصحفه أخرجه أبو عبيد بسند صحيح ".
2 - بنيت تضعيف الرواية على الانقطاع بين النخعي وابن مسعود وأقول:
روى الترمذي وغيره من طريق شعبة عن الأعمش قال: قلت لإبراهيم النخعي: أسند لي عن ابن مسعود فقال: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله بن مسعود فهو الذي سمعت، وإذا قلت: قال عبد الله فهو عن غير واحد عن عبد الله.
قال ابن رجب في شرح علل الترمذي 1/ 542: " وهذا يقتضي ترجيح المرسل على المسند، لكن عن النخعي خاصة فيما أرسله عن ابن مسعود خاصة "
وقال ابن معين: مرسلات إبراهيم صحيحة، إلا حديث تاجر البحرين وحديث الضحك في الصلاة.
وقال ابن عبدالبر في التمهيد 1/ 30:" مراسيل سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وابراهيم النخعي عندهم صحاح ".
والله أعلم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[02 Aug 2003, 08:09 ص]ـ
لو كان هذا يقتضي ترجيح المرسل على المسند لكان البخاري أو مسلم أخرج منه شيئاً. والصواب أن القصة منكرة لم تصح.
¥