تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تحزيب القرآن وهدي السلف في ذلك ... لفضيلة الشيخ محمد الدويش حفظه الله]

ـ[الغرباء الأولون]ــــــــ[22 Jul 2003, 10:19 ص]ـ

تحزيب القرآن وهدي السلف في ذلك

محمد عبد الله الدويش

إن القلوب تصدأ وتقسو، والنفس تضعف وتهبط بها دواعي الشهوات وهواتف الدنيا، والإنسان يعيش في هذه الدار في معركة مع النفس والهوى والشيطان. ولئن كان المقاتل يحتاج للسلاح المعنوي والمادي؛ فالذي يخوض في معركة المصير أولى بأن يعتني بإصلاح نفسه.

والذي يحمل لواء الدعوة وراية الإصلاح أولى الناس بأن يهتم بنفسه وتربيتها، وصلتها بالله-عز وجل-، وأولاهم بأن يأخذ الزاد في سفره إلى الله والدار الآخرة.

وما تقرب إلى الله بأفضل من تلاوة كتابه والوقوف عند معانيه وحدوده؛ فحريٌّ بنا أن نضرب من ذلك بسهم وافر، ومن رحمة الله بعباده وفضله عليهم:أن شرع لهم ما يتعبدون به إليه سبحانه.

ولما كان تحزيب القرآن من السنن المهجورة -بل المجهولة -عند كثير من طلاب العلم فضلاً عن عامة الناس. في حين كان الأمر متواتراً ومعلوماً عند السلف، فقلما تقرأ في ترجمة أحدهم إلا وتجد أنه كان يختم القرآن في كذا وكذا. لذا رأيت أن أجمع بعض ما ورد في ذلك لعل الله -عز وجل- ينفع به.

تمهيد: قال ابن فارس (2/ 55):

"الحاء والزاي والباء أصل واحد وهو: تجمع الشيء، فمن ذلك "الحزب" وهو الجماعة من الناس، قال تعالى ((كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)). والطائفة من كل شيء حزب. يقال: قرأ حزبه من القرآن"

وقال في "النهاية" (1/ 376):"الحزب ما يجعله الرجل على نفسه من قراءة أو صلاة كالوِرد، والحزب النوبة في ورد الماء. ومنه حديث أوس بن حذيفة: (سألت أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- كيف تحزبون القرآن؟).

ومعنى ذلك: أن يجعل الإنسان لنفسه نصيباً يومياً يقرؤه ويتعاهد نفسه عليه، بحيث يختم القرآن في كل شهر، أو عشرين، أو خمسة عشر، أو عشر، أو سبع، أو غير ذلك.

1 - وقد ورد في السنة النبوية استعمال ذلك المصطلح في قوله-صلى الله عليه وسلم-:"من نام عن حزبه""، وقوله:"إنه طرأ على حزبي من القرآن"".

وقد بوب غير واحد من الأئمة بتحزيب القرآن. وقال عقبة بن عامر: (ما تركت حزب سورة من القرآن). وقال نافع: (لا تقل: ما أحزبه). وسوف يأتي تخريج هذه النصوص إن شاء الله- عز وجل-.

2 - واستعمل عند السلف بلفظ الجزء، فقد ورد في كلامه-صلى الله عليه وسلم-:"قرأت جزءاً من القرآن"". وقال عبد الله بن عمرو: (هذا جزئي الذي أقرأ به الليلة). وعن عائشة: (إني لأقرأ جزئي). وعن ابن عباس وابن عمر: (أنهما كانا يقرآن أجزاءهما بعدما يخرجان من الخلاء).

3 - واستعمل بلفظ الوِرد، فعن ابن عمر قال: (كنت في قضاء وِردي)، وعن الحسن: (أنه كان يقرأ ورده من أوَّل الليل).

المسألة الأولى: بعض فضائل تلاوة القرآن:

إن النصوص الدالة على فضل القرآن أشهر من أن تورد، إنما نورد هنا بعض فضائل تلاوته؛ قال تعالى: ((إنَّ الَذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وأَقَامُوا الصَّلاةَ وأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِراً وعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ ويَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ))، وقال -عز وجل-: ((لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ ويَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ ويُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ *ومَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ واللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ)).

أما من السنة:فالأدلة على فضله كثيرة، ومن فضائله:

1 - أن الماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يتتعتع فيه له أجران؛ كما في حديث عائشة عند الشيخين والترمذي وأبي داود.

2 - أنه يقال له يوم القيامة: (اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا)؛ كما أخرجه أحمد وأهل السنن إلا النسائي من حديث عبد الله بن عمر مرفوعاً.

3 - أن له بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها كما أخرجه الترمذي والدارمي من حديث ابن مسعود.

4 - أن الآية منه خير من الخلفة السمينة، كما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير