وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن محاورة الأحزاب من أهل الملل الكافرة في النار يوم القيامة يقول الله تعالى ذكره فإذا اجتمع أهل الملل الكافرة في النار فاداركوا قالت أخرى أهل كل ملة دخلت النار الذين كانوا في الدنيا بعد أولى منهم تقدمتها وكانت لها سلفا وإماما في الضلالة والكفر لأولاها الذين كانوا قبلهم في الدنيا ربنا هؤلاء أضلونا عن سبيلك ودعونا إلى عبادة غيرك وزينوا لنا طاعة الشيطان فآتهم اليوم من عذابك الضعف على عذابنا ونقل رحمه الله عن السدي مثل ذلك،
وهذا هو المشهور،
2 - أن هذا هو الأصل في اللام التي تأتي بين القول والمقول
3 - أن الصارف الذي اعتمده الزجاج ومن بعد الزمخشري ومن قلدهم بعد كالبيضاوي،لجعل لام التعدية لام من أجل: هو أن الخطاب لله تبارك وتعالى، وهذا صارف ليس بظاهر
إذ هناك فرق بين الدعاء والخطاب المجرد،
تأمل مثلا هذا الحديث
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أريد سفرا فزودني قال زودك الله التقوى قال زدني قال وغفر ذنبك قال زدني بأبي أنت وأمي قال ويسر لك الخير
فهذا خطاب للرجل بالدعاء له
ودعاء لله عز وجل
ولاحظ أن الكلام هنا من جهة المعنى لا من جهة نحوية
صحيح: أن الجملة من جهة نحوية لا يمكن أن تكون للخطاب والغيبة معا،
ولكنني أقول:
إنهم بدل أن يخاطبونهم بقولهم: زادكم الله ضعفا من النار
قالوا لهم ربنا هولاء فهذا التفات،
واللام على وجهها،
وهذا كلام يحتاج إلى مصابرة تصوره فأرجو ذلك
وتأمل قول الخزاعي وهو يشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني بكر في الوقعة التي كانت سبب الفتح
يارب إن ناشد محمدا حلف أبينا وأبيه الأتلدا
فالقصيدة يخاطب بها الرسول صلى الله عليه وسلم والنداء لله عز وجل،
4 - أن تشبيهها بقوله تعالى: (وقالوا لأخوانهم إذا ضربوا في الأرض)
وقوله تعالى (الذين قالوا لأخوانهم وقعدوا) ليس بصحيح إذ أن في الآيتين ما يدل على عدم وجود المخاطب، ففي الأول قوله تعالى: ((لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا)) وهذا صريح في عدم مخاطبتهم لهم،وفي الثانية قوله تعالى: (ماقتلوا)، وأما في الموضع محل الإشكال فإنهم موجودون معهم في النار وليس هناك مانع من مخاطبتهم سوى صورة الالتفات في الدعاء
5 - أن السياق يدل عليه، حيث دلت الآية أن الغاية التي حصل عندها الخطاب هو هو التتابع والاجتماع، ولولا أنه حصل الخطاب بينهم لما كان لهذه الغاية معنى والله تعالى أعلم بمراده وأستغفر الله من القول بغير علم،
مع دعواتي لكم بالتوفيق
أخوكم، عبدالله بن بلقاسم بن عبدالله
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[14 Jul 2003, 03:01 ص]ـ
فائدة:
قال المالقي رحمه الله تعالى:
في معاني اللام غير الزائدة العاملة خفضا:
أن تكون بمعنى من أجل نحو: جئتك للإحسان، ورعيتك لرعيي، قال الشاعر:
فجئت وقد نضت لنوم ثيابها لدى الستر إلا لبسة المتفضل
أي: من أجل نوم، قال الشاعر
تسمع للجرع إذا استحيرا للماء في أجوافها خريرا
أي من أجل الجرع.
ويقال لذه اللام لام العلة ولام السبب، أهـ من (رصف المباني في حروف المعاني) ص 298 - 299