تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مثال ذلك: آيات اللعان:] وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ [(النور:6).

روى البخاري () عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي r بشريك بن سحماء فقال النبي r: " البينة أو حد في ظهرك"، فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً ينطلق يلتمس البينة فجعل النبي r يقول: "البينة وإلا حد في ظهرك"، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد فنزل جبريل وأنزل عليه:] وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ .. [فقرأ حتى بلغ:] إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ [.

وأخرج الشيخان () عن سهل بن سعد قال: جاء عويمر العجلاني إلى عاصم بن عدي فقال: سل رسول الله r عن رجل وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فيقتل به أم كيف يصنع؟ فقال رسول الله r: " قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها قال سهل فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله r فلما فرغا قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثاً" الحديث.

وعلق الشيخ الجديع () على هذين الحديثين الصحيحين فقال: "فهذا وشبهه ليس من التعارض، إنما هو من نزول الآية أو الآيات لأكثر من سبب، ربما توافق السببان وقتاً فنزلت الآية فيهما، وربما تكرر نزول الآية عند تكرر الوقعة المقتضية لها، ولا يمنع من ذلك كونها موجودة عند رسول الله r، فالنزول الأول تناول الحدث الأول مع الإعلام للنبي r بما تضمنته الآية من عموم الحكم لنظائر تلك الوقعة وأشباهها، والنزول الثاني ليعرف أن الحدث الجديد مراد بتلك الآية على سبيل القطع واليقين، إذ كل آية تنزل لسبب فإن إرادة السبب بها قطعية، بخلاف ما يخضع لتصرفات الحاكم واجتهاده، فإن تنزيله الآية على وقعة أو حدث فإنما يقع على سبيل الظن لا القطع، وهذه فائدة جليلة في مثل هذه الصورة من أسباب النزول".

5. إذا كانت الروايتان صحيحتين وصريحتين في السببية ولم يمكن الجمع بينهما لجأنا إلى أحد أوجه الترجيح بين الروايتين كأن يكون الراوي حاضراً القصة، أو تكون إحدى الروايتين أصح من الأخرى فتقدم الرواية الراجحة إما أن تكون مروية في الصحيحين مثلاً أو سند إحداهما أوثق من الأخرى وأقوى ونحو ذلك.

مثال: أخرج الشيخان () عن ابن مسعود قال: كنت أمشي مع النبي r بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم لو سألتموه فقالوا حدثنا عن الروح فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال:] قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا [(الإسراء:85).

وأخرج الترمذي () عن ابن عباس قال: قالت قريش لليهود أعطونا شيئاً نسأل هذا الرجل فقالوا سلوه عن الروح فسألوه فنزلت الآية.

إذاً تترجح الرواية الأولى بما يلي: أولاً: أن ابن مسعود حضر القصة خلاف ابن عباس. ثانياً: أن رواية ابن مسعود أصح من رواية ابن عباس لأنها رويت في الصحيحين. ويشكل على رواية ابن مسعود أن سورة الإسراء مكية واليهود كانوا بالمدينة وهذا ما يؤيد رواية ابن عباس.

ولكن يجاب عن هذا إن كون السورة مكية لا يمنع أن تكون آية منها أو آيات نزلت بالمدينة والحديث المذكور يدل على أن آية الروح مدنية وهذا أولى من حمل الآية على تعدد نزولها.

6. إذا لم يمكن الجمع لتباعد الزمن ولم يمكن الترجيح بأن كانت كلها متساوية في الصحة، فيحمل على تعدد النزول فتكون الآية نزلت عدة مرات.

مثاله: ما رواه أبو هريرة أن النبي r وقف على حمزة حين استشهد في أحد وقد مثل به فقال: لأمثلن بسبعين منهم مكانك، فنزل جبريل بخواتيم سورة النحل:] وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ .. [(النحل:126) ().

الرواية الثانية: أخرج الترمذي () عن أبي بن كعب قال: "لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون ومن المهاجرين ستة، منهم حمزة فمثلوا بهم فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوماً مثل هذا لنربين عليهم فلما كان يوم فتح مكة أنزل لله:] وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ .. [.

الرواية الأولى تفيد أن الآية نزلت يوم أحد في السنة الثالثة للهجرة والرواية الثانية تفيد أنها نزلت يوم الفتح في السنة الثامنة للهجرة وبينهما حوالي خمس سنوات فيبعد نزول الآيات عقب هاتين الحادثتين لتباعد الزمن. فحينئذ نقول بتعدد نزول هذه الآية مرة يوم أحد ومرة يوم الفتح ().

[

ـ[عمر المقبل]ــــــــ[08 Jul 2003, 01:09 ص]ـ

أثابك الله أخي الكريم ابا عبدالعزيز،ما زلت مفيداً كما عرفتك.

لكن مما أشكل المبحث رقم (6) يحتاج إلى إعادة نظر وتأمل أكثر،وبالتتبع هل توجد أمثلة كثيرة حتى نحتاج لها.

في تقديري أنه لا بد من وجود قرائن ترجح أحد الحديثين على الآخر ـ حتى ولو كانا في الظاهر نظيفي الإسناد ـ.

بقي أن أقول هذا الرابط فيه ما يفيد حول المثال الذي ذكرتموه في المبحث رقم (4):

بحث في اعلال ذكر هلال في حديث اللعان لفضيلة الشيخ عادل الزرقي - ملتقى أهل الحديث ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3587&highlight=%DA%C7%CF%E1+%C7%E1%D2%D1%DE%ED) .

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير