قال أَبو عبيدة: يعني المَوالِي أَي بني العم، وهو كقوله تعالى: {ثم يخرجكم طِفْلاً والمَوْلى: المُعْتَقُ انتسب بنسبك، ولهذا قيل للمُعْتَقِين المَوالي، قال: وقال أَبو الهيثم المَوْلى على ستة أَوجه: المَوْلى ابن العم والعمُّ والأَخُ والابنُ والعَصباتُ كلهم، والمَوْلى الناصر، والمولى الولي الذي يَلِي عليك أَمرك، قال: ورجل وَلاء وقوم وَلاء في معنى وَلِيَّ وأَوْلِياء لأَن الوَلاء مصدر، والمَوْلى مَوْلى المُوالاة وهو الذي يُسْلِمُ على يدك ويُواليك، "
وجاء في القاموس المحيط:
"الوَلْيُ: ي القُرْبُ، والدُّنُوُّ، والمَطَرُ بعدَ المَطَرِ، وُلِيَتِ الأرضُ، بالضم. والوَلِيُّ: الاسمُ منه والمُحِبُّ، والصَّدِيقُ، والنَّصيرُ. ووَلِيَ الشيءَ، وـ عليه وِلايَةً وَوَلايَةً، أَو هي المَصْدَرُ، وبالكسر: الخُطَّةُ، والإمارَةُ، والسُّلطانُ. وأوْلَيْتُه الأمْرَ: وَلَّيْتُه إياهُ. والوَلاءُ: المِلْكُ. والمَوْلَى: المالِكُ، والعَبْدُ، والمُعْتِقُ، والمُعْتَقُ، والصاحِبُ، والقريبُ كابنِ العَمِّ ونحوِه، والجارُ، والحَليفُ، والابنُ، والعَمُّ، والنَّزيلُ، والشَّريكُ، وابنُ الأُخْتِ، والوَلِيُّ، والرَّبُّ، والناصِرُ، والمُنْعِمُ والمُنْعَمُ عليه، والمُحِبُّ، والتابِعُ، والصِّهْرُ"
فإذا كان الولاء له كل هذه المعاني والتي كانت النصرة من أبرز معانيه مع المحبة وغير ذلك مما ذكر وكل هذا في أصل الوضع ...
فمن الخطأ أن نقرر أن هذا اللفظ أصله كذا في اللغة ثم نحمل كل استعمالات الشارع عليه!
وهذا كمن فسروا الإيمان فقالوا إن أصله في اللغة هو التصديق وإن الله سبحانه وتعالى قد خاطب العرب بهذه اللغة فيكون معنى الإيمان في استعمالات الشارع ومراده هو التصديق فاخطئوا خطا بينا!
وكان جواب أهل السنة عليهم انه لا يلزم أن يكون اللفظ في اللغة على معنى أن يكون في الشرع على نفس هذا لمعنى وضربوا الأمثلة على ذلك بلفظ الحج والصلاة وغيرها … محتجين عليهم أن اللفظ قد ينتقل عن معناه في أصل الوضع ...
بل ذكر المحققون منهم أن الإيمان في اللغة عند التدقيق ليس معناه التصديق فحسب بل فيه معنى زائد على ذلك وهو الأمن ... وكل هذا مقرر في مظانه من كتب شيخ الإسلام
** ففي هذه المسألة .. فإذا كان الولاء في اللغة هو المحبة فهذا لا يلزم أن يكون في الشرع كذلك، فلقد استعمل على غير هذا المعنى في مواطن عديدة من كتاب الله،
ولا أدل من إطباق المفسرين على تفسير آيات التولي بالنصرة والمعاونة ...
فكيف إذا انضم ألى ذلك أن الولاء في اللغة أيضا يكون على معنى النصرة والمعاونة؟!
فالواجب أن نحدد استعمال الشرع لأي من هذه المعاني بدلا من أن نجعلها في صورة واحدة ونغض الطرف عن بقية الصور وكأن هذه الصور والمعاني ليست من معناه ... فأين التحقيق العلمي؟
فإن قيل في قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء " يعني نصراء وأحلاف فهو تفسير صحيح لغة واصطلاحا،إن قيل أحبابا فهو أيضا صحيح لغة واصطلاحا وإن قيل موالي لكان صحيحا لغة واصطلاحا ...
ولكن أيهم انسب للسياق وأيهم مراد الشارع والذي يستحق حكم الكفر لمن يفعله بقوله " ومن يتولهم منكم فإنه منهم " هذه مهمة المحققين من أهل العلم
ولقد فسر المفسرون هذا الموالاة بمقتضى ما سبق من معاني ...
فجاء في تفسير القرطبي رحمه الله:
" قوله تعالى {ومن يتولهم منكم} أي يعضدهم على المسلمين {فإنه منهم} بين تعالى أن حكمه كحكمهم؛ وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد، وكان الذي تولاهم "ابن أبي" ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع الموالاة؛ وقد قال تعالى {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار} (هود: 113) وقال تعالى في (آل عمران) {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين} (آل عمران: 28) وقال تعالى {لا تتخذوا بطانة من دونكم} (آل عمران: 118) وقد مضى القول فيه. وقيل: إن معنى {بعضهم أولياء بعض} أي في النصر {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} شرط وجوابه؛ أي أنه قد خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا، ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم، ووجبت له النار كما وجبت لهم؛ فصار منهم أي من أصحابهم " ا. هـ
¥