وكثير من المفسرين على ذلك منهم من يفسرها بالمحبة ومنهم من يفسرها بالنصرة ومنهم من يفسرها بالولاء (العتق)
ولكن لما كان الحكم المقرر لهذا العمل هو الكفر فقد يقيد البعض هذه المعاني بما يضبطه، كالمحبة مثلا فلما كانت المحبة قد تختلط بالمحبة الفطرية أو غيرها من أنواع المحبة الجائزة أو المباحة أو حتى المحرمة قيدت بالمحبة على الدين ليكون السياق متفق مع الحكم الذي حكم الله به.وهذا لا إشكال فيه وأكثر صور الولاء على هذا القيد ومع ذلك فهذا لا يتعارض مع التكفير بالنصرة والمظاهرة فهي من أبرز معاني التولي، فمن فسر بالمحبة وقيدها بالمحبة الدينية لم يمنع تفسيرها بالنصرة بدون هذا القيد بل جعل بعضهم النصرة لازمة للمحبة على الدين أو إرادة ظهور الكافرين وإن لم يحب دينهم ويرضاه في الحقيقة كما ذكر الإمام الطبري وقد يستخدم هذا المعنى في سياق والمعنى الأخر في سياق آخر وكلها صحيحة فيقيد هنا ولا يقيد هناك كما سبق عن القرطبي في تفسيره لآيات التولي وفي قصة حاطب ...
وسيأتي مزيد بيان حول هذا إن شاء الله ... والله اعلم
هذا وإن المشكلة أحيانا تحصل من أن تهيمن فكرة معينة على الباحث عند بحثه فيتخذها مرتكزا ويجعلها منطلقا، وهذا يجعل الباحث أحيانا في تعامله مع النصوص وأقوال أهل العلم حاكما عليها لا محتكما إليها وهو أشبه بمن قيل فيه " اعتقد ثم استدل"، ولذا تجده يعتصر النص أو النقل حتى يخرج بما يشبه الفكرة التي سيطرت عليه فإن وجد فيها إشارة أو ذكر لما يريد ولو لم يكن له صله بالموضوع عظمه وكبره وسلط الضوء عليه، ولذا تجده يحيط بالنص إحاطة السوار بالمعصم، فيوجه القارئ قبل النقل وبعده وربما أثناءه ويفسر قول العالم في هذا المكان بقول آخر له في سياق مختلف بل لعله يفسره بنقل لعالم آخر!
ليتصور القارئ وكأنه أمام سياق واحد في نقل واحد فلا يعطي للقارئ فرصة أن يتأمل المعنى أو يتدبر ما أمامه، وهو مع كل ذلك لا يدعي انه استنباط أو تأويل أو ملحظ بل يزعم دائما انه نص الآية ومنطوقها ...
و الذي يحزن القلب أن يحصل هذا من الفضلاء أهل العلم والفضل يتبعون مثل هذا الأسلوب (أحيانا) فهو يعلم أن للعالم هذا مخالفون كثر أو أنه أوثق منه ,وأضبط بل إن لهذا العالم أقوالا واضحة وصريحة فيبدأ بما يتوافق معه من متشابه كلام العالم ومحتمله ثم يضعه في صورة المحكم بالأسلوب الذي سبق الإشارة إليه ثم يحمل كلامه الأخر على هذا المعنى ليحمل القارئ على ما أراد هو من النقل لا ما أراد صاحبه فيتصور القارئ أن ليس في المسالة غير هذا وأنها على قول واحد لا يرد عليه اختلاف بل ويزيد أن المخالف لهذا غال وإنا لله وإنا إليه راجعون ...
و لو سألنا عن معنى التولي الذي فسره العلماء في قوله تعالى:
" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض "
أهو المحبة؟! أهو النصرة والمعونة؟ أهو الميراث؟ أهو العتق؟ أهو الولاية والسلطان؟
أي من هذه المعاني التي هي من معنى التولي لغة واصطلاحا أراد الله سبحانه وتعالى؟
نجد الشيخ وفقه الله وغيره لم يتعرض لهذا إطلاقا!
إنما التركيز على نقطة معينة هي المنطلق والأساس أن التولي على الدين هو ما يستحق حكم الآية!
ما معنى هذا التولي؟
لماذا لا تطرح التفاسير المعتمدة لهذه الآية وتترك للمتأمل أن يتأملها والقارئ أن يتدبرها؟!
هذا وإن منطلقنا دائما وحجتنا الباقية والمتوافقة مع كلام أهل العلم وقواعدهم في الأصول والتفسير أن التولي في الآية هو" النصرة والمعونة" وهو ما عليه عامة المفسرين على اختلاف عباراتهم، وان هذا المعنى الذي فسروا به التولي هو لغة واصطلاحا من معاني الولاء، وأن الحكم في الآية ومن يتولهم منكم فإنه منهم صريح في تكفير من يظاهر الكفار وينصرهم ويعاونهم على المسلمين دون قيود، وانه باعتراف الشيخ وفقه الله ليس ثمة دليل على أية قيود وإنما الأمر كما ذكر وفقه الله يرجع لمعنى التولي!
قال الشيخ في مبحثه:
" والحاصل مما تقدم أن تقييد الكفر بموالاة الكفار بأن تكون الموالاة لأجل دين الكفار إنما يستند إلى حقيقة الولاء و البراء .....
¥