تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و "أيضاً" فإِنَّه سبحانه استثنى المكْرَه من الكفار، ولو كان الكفر لا يكون إلاّ بتكذيب القلب وجهله لم يُسْتَثْنَ منه المُكرَه، لأَنَّ الإكراه على ذلك ممتنعٌ فعُلِمَ أَنَّ التَّكلُّم بالكفر كفر إلاَّ في حال الإكراه.

وقوله تعالى: {وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا}. أي: لاستحبابه الدُّنيا على الآخرة، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينَه بعَرَضٍ من الدُّنيا) فمن تكلَّم بدون الإكراه، لم يتكلَّم إلاَّ وصدرُه منشرحٌ به))

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:

والثانية قوله تعالى: ((ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة)).

فصرح أن هذا الكفر والعذاب لم يكن بسبب الاعتقاد أو الجهل أو البغض للدين أو محبة الكفر، وإنما سببه أن له في ذلك حظاً من حظوظ الدنيا فآثره على الدين. (كشف الشبهات)

وقال تعالى في اليهود: " {أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون}."

وقال تعالى: "فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهما مما يكسبون " فهل هناك أصرح من هذا؟!

وقال تعالى: "من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون"

وقال جل شأنه: "وويل للكافرين من عذاب شديد * الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال مبين"

وقال تعالى: (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ... ) وهذا نص في مسالة المولاة

- وقال تعالى: " بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فان العزة لله جميعا "

وهذا أيضا نص في الموالاة ...

قال الطيري رحمه الله: (القول في تأويل قوله تعالى الذين يتخذون الكافرين أوليآء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا)

أما قوله جل ثناؤه الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين فمن صفة المنافقين

يقول الله لنبيه يا محمد بشر المنافقين الذين يتخذون أهل الكفر بي والإلحاد في ديني أولياء يعني أنصارا وأخلاء من دون المؤمنين يعني من غير المؤمنين

أيبتغون عندهم العزة يقول أيطلبون عندهم المنعة والقوة باتخاذهم إياهم أولياء من دون أهل الإيمان بي فإن العزة لله جميعا يقول فإن الذين اتخذوهم من الكافرين أولياء ابتغاء العزة عندهم هم الأذلاء الأقلاء فهلا اتخذوا الأولياء من المؤمنين فيلتمسوا العزة والمنعة والنصرة من عند الله الذي له العزة والمنعة الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء فيعزهم ويمنعهم وأصل العزة الشدة ... "

وقال الإمام البغوي:

" (الذين يتخذون الكافرين أولياء) يعني يتخذون اليهود أولياء وأنصارا أو بطانة (من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة) أي المعونة والظهور على محمد ? وأصحابه وقيل أيطلبون عندهم القوة (فإن العزة) أي الغلبة والقوة والقدرة (لله جميعا) "

قال أبو السعود في تفسيره:

(أيبتغون عندهم العزة) إنكار لرأيهم وإبطال له وبيان لخيبة رجائهم وقطع لأطماعهم الفارغة والجملة معترضة مقررة لما قبلها أى أيطلبون بموالاة الكفرة القوة والغلبة قال الواحدى أصل العزة الشدة ومنه قيل للأرض الشديدة الصلبة عزاز .. "

وقال الشيخ السعدي:

" أي الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر بأقبح بشارة وأسوئها وهو العذاب الأليم وذلك بسبب محبتهم الكفار وموالاتهم ونصرتهم وتركهم لموالاة المؤمنين فأي شيء حملهم على ذلك (أيبتغون عندهم العزة) وهذا هو الواقع من أحوال المنافقين ساء ظنهم بالله وضعف يقينهم بنصر الله لعباده المؤمنين ولحظوا بعض الأسباب التي عند الكافرين وقصر نظرهم عما وراء ذلك فاتخذوا الكافرين أولياء يتعززون بهم ويستنصرون .. "

وقوله (فأي شيء حملهم على ذلك) أليس هو الباعث الذي جعله الشيخ مانعا من التكفير؟

!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير