وقال صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافر ويمسي مؤمنا ويصبح كافر يبيع دينه بعرض من الدنيا " الحديث
قال الشيخ ابن باز رحمه الله " وذلك بأن يتكلم بالكفر، أو يعمل به من أجل الدنيا، فيصبح مؤمناً، ويأتيه من يقول له: تسب الله تسب الرسول، تدع الصلاة ونعطيك كذا وكذا، تستحل الزنا، تستحل الخمر، ونعطيك كذا وكذا، فيبيع دينه بعرض من الدنيا، ويصبح كافراً أو يمسي كذلك، أو يقولوا: لا تكن مع المؤمن ونعطيك كذا وكذا لتكون مع الكافرين، فيغريه بأن يكون مع الكافرين، وفي حزب الكافرين، وفي أنصارهم، حتى يعطيه المال الكثير فيكون ولياً للكافرين وعدواً للمؤمنين، وأنواع الردة كثيرة جداً، وغالباً ما يكون ذلك بسبب الدنيا، حب الدنيا وإيثارها على الآخرة؛ ...
فهذه آيات من كتاب الله تعالى وأحاديث من كلام النبي صلى الله عليه وسلم تبين بجلاء ان سبب اتخاذ الكافرين أولياء ومسارعتهم فيها هو الأغراض الدنيوية من المال والعزة والقوة، ولم يجعل أيا منها مانعا من التكفير أي من علماء الإسلام ...
واختم بكلام لشيخ الاسلام رحمه الله:
"- والنبي إذا أمر بالقتل أو غيره من العقوبات والكفارات عقب فعل وصف له صالح لترتب ذلك الجزاء عليه كان ذلك الفعل هو المقتضي لذلك الجزاء لا غيره كما أن الأعرابي لما وصف له الجماع في رمضان أمره بالكفارة، ولما أقر عنده ماعز والغامدية وغيرهما بالزنا أمر بالرجم، وهذا مما لا خلاف فيه بين الناس نعلمه، نعم قد يختلفون في نفس الموجب هل هو مجموع تلك الأوصاف أو بعضها، وهو نوع من تنقيح المناط، فأما أن يجعل ذلك الفعل عديم التأثير والموجب لتلك العقوبة غيره الذي لم يذكر فهذا فاسد بالضرورة.
لكن يمكن أن يقال فيه ما هو أقرب من هذا: وهو أن هذا الرجل كذب على النبي كذبا يتضمن انتقاصه وعيبه، لأنه زعم أن النبي حكمه في دمائهم وأموالهم، وأذن له أن يبيت حيث شاء من بيوتهم و مقصودة بذلك أن يبيت عند تلك المرأة ليفجر بها، ولا يمكنهم الإنكار عليه إذا كان محكما في الدماء والأموال.
ومعلوم أن النبي لا يحلل الحرام، ومن زعم أنه أحل المحرمات من الدماء والأموال والفواحش فقد انتقصه وعابه، ونسب النبي إلى أنه يأذن له أن يبيت عند امرأة أجنبية خاليا بها، وأنه يحكم بما شاء في قوم مسلمين، وهذا طعن على النبي وعيب له، وعلى هذا التقدير فقد أمر بقتل من عابه وطعن عليه من غير استتابة وهو المقصود في هذا المكان، فثبت أن الحديث نص في قتل الطاعن عليه من غير استتابة على كلا القولين.
ومما يؤيد القول الثاني أن القوم لو ظهر لهم أن هذا الكلام سب وطعن لبادروا إلى الإنكار عليه، ويمكن أن يقال: ربهم أمره، فتوقفوا حتى استبانوا ذلك من النبي لما تعارض وجوب طاعة الرسول وعظم ما أتاهم به هذا اللعين، ومن نصر القول الأول قال: كل كذب عليه فإنه متضمن للطعن عليه كما تقدم.
ثم إن هذا الرجل لم يذكر في الحديث أنه قصد الطعن والإزراء، وإنما قصد تحصيل شهوته بالكذب عليه وهذا شأن كل من تعمد الكذب عليه فإنه إنما يقصد تحصيل غرض له إن لم يقصد الاستهزاء به، والأغراض في الغالب إما مال أو شرف كما أن المسيء إنما يقصد - إذا لم يقصد مجرد الإضلال - إما الرياسة بنفاذ الأمر وحصول التعظيم، أو تحصيل الشهوات الظاهرة، وبالجملة فمن قال أو فعل ما هو كُفر كَفر بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافرا إذ لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله. "
************************************************** *****
قصة حاطب رضي الله عنه
ذكر الشيخ وفقه الله حديث علي رضي الله عنه: (بعثني رسول الله والزبير والمقداد بن الأسود، وقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة، ومعها كتاب، فخذوه منها، فانطلقنا تعادى بنا خيلنا، حتى انتهينا إلى الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي من كتاب. فقلنا: لتخرجن الكتاب فإذا فيه: من حاطب بن?أو لنلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله:?، فقال رسول الله ?أبي بلتعة إلى أناس من أهل مكة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله يا حاطب ما هذا؟ قال: يا رسول الله لا تعجل علي، إني كنت امرءًا ملصقًا في قريش، ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين لهم
¥