فيما سبق سلطنا الضوء على كلام الإمام الشافعي رحمه الله وأظهرنا دلالته ..
وبينا أن الشافعي رحمه الله بنى كلامه وحكمه مبني على ما احتواه كتاب حاطب رضي الله عنه وأن هذا هو الظاهر الذي بنى عليه الرسول عليه الصلاة والسلام حكمه مع قول حاطب لما استفصل منه
وذكرنا أن الشافعي رحمه الله قرر أن فعل حاطب من الأفعال المحتمة للكفر وغيره وان هذا أصل في هذه القاعدة
وهذا دليل في حد ذاته على أن من الأعمال ما هو قطعي في الدلالة لمن يتأمل ..
وبينا خطا الشيخ وفقه الله في سحب هذه القاعدة على الأعمال الصريحة الدلالة ...
وبينا أن الدلالة والمكاتبة للكفار بعورات المسلمين هي وإن كانت من جنس المعاونة والموالاة إلا أنها قد تحتمل معنى آخر إذا كانت على مثل فعل حاطب، وذكرنا أمثلة على ذلك
وذكرت أن الشيخ وفقه الله (فيما أرى) قد اختلط عليه كلام الشافعي رحمه الله مما ذهب به إلى ان الشافعي يقرر حكم مظاهرة المشركين على المسلمين وليس كذلك كا سبق ... وهذا من خلال أمرين:
الأول: قول الشافعي رحمه الله " وليس الدلالة على عورة مسلم، ولا تأييد كافر بأن يحذر أن المسلمين يريدون منه غرة ليحذرها، أو يتقدم في نكاية المسلمين بكفر بيّن.
" فظن وفقه الله أن قول الشافعي رحمه الله " أو يتقدم في نكاية المسلمين " عائد على المسلم الذي دل وخابر والصحيح انه يعود على الكافر وقد سبق بيان الدليل
والثاني: أنه ظن أنه طالما ان الدلالة والمكاتبة قد تكون اخطر على المسلمين من غيرها من الصور وأنها من جنس المناصرة والمظاهرة فإن كلام الشافعي يشملها تضمينا أو لزوما وهذا خطا وقد بينا انه لا يلزم أن يكون الشيء من جنس معين أن يكون له حكمه وكلام شيخ الاسلام السابق يوضح ذلك ...
والمسالة لا تقاس بالخطورة إطلاقا!!!
وهذا خطا يقع فيه الكثير من الفضلاء فإن المرء يكفر بمجرد محبة دين الكافرين أو إرادة ظهور الكفار وهو عمل قلبي لا يمثل أيه خطورة وينتقض معه ولاء المسلم ويكفر ويخرج من الملة ويكون بذلك عدوا لله ولرسوله وللمسلمين ...
وفي الجهة المقابلة قد يقتل المسلم النفر الكثير من المسلمين ويهدم منازلهم ويستولي على أموالهم ويظلمهم ويرتكب العظائم كما فعل الحجاج بن يوسف أكثر من ذلك ومع كل هذا لم يكفره احد من أهل العلم رغم كل ما فعله ومن كفره كفره لغير هذا المعنى ... بل عد هذا من فسوقه وضرب به المثل في الظلم …
فالقضية ليست خطورة العمل -وإن كان لها وزنها من جهة تغليظ العقوبة - وهي شبهة استحكمت على الكثير ...
القضية أن إرادة ظهور الكفار على المسلمين كفر مخرج من الملة وهو عمل قلبي مكفر ...
وهذا العمل القلبي له لوازم في الظاهر تحققه شأنه شان جميع أعمال القلوب ....
هذه اللوازم بالضرورة هي أعمال ظاهرة، قد تكون قطعية الدلالة على تحقيق هذا العمل القلبي وقد تكون محتملة ومنها أعمال محرمة ليست ملزومة له
الشيخ وفقه الله يجعل هذا العمل لقلبي دفين القلب ليس له لازم يحققه قياسا على النفاق .... وهذا خطا سبق بيانه ...
والإشكال ليس في هذا المبحث بل الإشكال راجع لكتاب الضوابط حيث خرق قاعدة التلازم بين الظاهر والباطن وفتتها وأبطلها وكسر الحاجز المميز بين أهل السنة والمرجئة فلم يبقي لنا من قاعدة التلازم أي تلازم! ... واحتاجت الضوابط إلى ضوابط وروابط! وليس هذا حديثنا ولكن الشيخ وفقه الله هذا منطلقه والله يوفقنا واياه إلى سواء السبيل ..
هذا العمل القلبي وهو إرادة ظهور الكفار وانتصارهم على المسلمين يحققه قطعا مظاهرتهم ومناصرتهم ومعونتهم بالنفس والمال والرأي والمشورة ولذا كان الإجماع على كفر من يظاهر المشركين على المسلمين ظاهرا وأدلته واضحة والفتوى على ذلك على مر العصور، وكان من المقررات في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن من نواقض الإسلام العشرة: الناقض الثامن:ـ هو مظاهرة المشركين على المسلمين والدليل هو قوله تعالى " ومن يتولهم منكم فإنه منهم " ولما سأله الشرفاء على ماذا يقاتل ومن يقاتل لخص دعوته وأجمل كلامه وقال بوضوح: النوع الرابع: من سلم من هذا كله ولكن أهل بلده مصرحون بعداوة التوحيد وإتباع أهل الشرك وساعون في قتالهم ويتعذر أن تركه وطنه يشق عليه, فيقاتل أهل التوحيد مع أهل بلده ويجاهد بماله ونفسه. فهذا أيضاً كافر .. " وتوارث هذا الفقه أجيال
¥