ـ وبيانه في تفسير (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين) [البقرة: 43] أنّ في ذلك جمعاً "بين الأعمال الظاهرة والباطنة، وبين الإخلاص للمعبود والإحسان إلى عبيده، وبين العبادات القلبية والبدنية والمالية" [ص 51].
ـ كما أشار إلى "طريقة القرآن في ذكر العلم والقدرة عَقِبَ الآيات المتضمّنة للأعمال التي يُجازى عليها" [ص 69].
ـوأما عِنايته بطريقة القرآن في إزالة الأوهام من الأذهان؛ فحدِّثْ ولا حرج: فإنّ السعديَّ لا يكاد يغادر موضعاً من هذا القبيل إلا نصّ عليه [كما تراه في ص 54، 71، 73، 86، 89، 138، 155، 165].
الثالث عشر: أنّ السعديَّ رحمه الله قد سجّل في تفسيره تجاربَ نافعةً من آداب السلوك، وزهراتٍ يانعةً من فقه الدعوة:
ـ كما في قوله:" فإنّ النفوس مجبولةٌ على عدم الانقياد لمن يخالف قولُه فعلَه؛ فاقتداؤهم بالأفعال أبلغ من اقتدائهم بالأقوال المجرَّدة" [ص 51].
ـ وكذلك قوله: "هكذا كلُّ مُبْطلٍ يحتج بآيةٍ أو حديثٍ صحيحٍ على قوله الباطلٍ؛ فلا بدّ أن يكون فيما احتَجّ به حجة عليه" [ص 57].
ـ ومنه قوله في تفسير (ولئن أتيتَ الذين أُوتوا الكتابَ بكلّ آيةٍ ما تبعوا قِبلتَك) [البقرة: 145]: "فالآياتُ إنما تنفع وتفيد مَن يتطلّب الحقَّ وهو مُشْتَبِهٌ عليه, فتوضح له الآيات البيّنات, وأما من جزم بعدم اتباع الحق فلا حيلة فيه" [ص 72].
الرابع عشر: أنّ المصنّف رحمه الله قد اعتنى بالمسائل الاجتماعيّة ومعرفة العوائد والسنن:
ـ كما في قوله: "من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أنّ مَن ترك ما ينفعه وأمكنه الانتفاع به فلم ينتفعْ؛ ابتُلي بالاشتغال بما يضرّه! " [ص 60].
ـ وكما قال في تفسير (إذْ قالوا لنبيٍّ لهم ابعثْ لنا ملِكاً نُقاتلْ في سبيل الله) [البقرة: 246]: "لعلّهم في ذلك الوقت ليس لهم رئيسٌ يجمعهم؛ كما جرتْ عادة القبائل أصحاب البيوت، كل بيتٍ لا يرضى أن يكون من البيت الآخر رئيسٌ؛ فالتمسوا من نبيّهم تعيين ملكٍ يُرضي الطرفين، ويكون تعيينه خاصّاً لعوائدهم، وكانت أنبياء بني إسرائيل تسوسهم كلما مات نبيٌّ خلفه نبيٌّ آخر" [ص 107].
ـ وكما قال في تفسير (ليقطع طرفاً من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين) [آل عمران: 127]: "يُخْبر تعالى أنّ نصره عبادَه المؤمنين لأحد أمرين: إمّا أن يقطع طرفاً من الذين كفروا: أي جانباً منهم وركناً من أركانهم: إما بقتلٍ، أو أسْرٍ، أو استيلاءٍ على بلدٍ، أو غنيمة مالٍ؛ فيقوى بذلك المؤمنون ويذلّ الكافرون ... الأمر الثاني: أن يريد الكفار بقوّتهم وكثرتهم طمعاً في المسلمين ويُمنّوا أنفسهم ذلك ... فينصر الله المؤمنين عليهم ويردّهم خائبين لم ينالوا مقصودهم، بل يرجعون بخسارةٍ وغمٍّ وحسرةٍ؛ وإذا تأمّلتَ الواقع رأيتَ نصرَ الله لعباده المؤمنين دائراً بين هذين الأمرين، غيرَ خارجٍ عنهما: إما نصرٌ عليهم، أو خذلٌ لهم" [ص 146].
ـ وكما قال في تفسير (هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم) [آل عمران: 167]: "هذه خاصّة المنافقين؛ يُظهرون بكلامهم وفِعالهم ما يُبطنون ضدّه في قلوبهم وسرائرهم" [ص 156].
الخامسَ عشر: أنّ الشيخ السعدي كان عارفاً بواقعه، وما يكيده أعداء الإسلام لهذا الدّين:
ـ كما تراه في تفسير قول الله تعالى: (ولا يزالون يُقاتلونكم حتى يردُّوكم عن دينكم إن استطاعوا): "هذا الوصفُ عامٌّ لكلّ الكفار: لا يزالون يُقاتلون غيرهم؛ حتى يردّوهم عن دينهم، وخصوصاً أهل الكتاب من اليهود والنصارى، الذين بذلوا الجمعيّات، ونشروا الدعاة، وبثُّوا الأطبّاء، وبنوا المدارس؛ لجذب الأمم إلى دينهم، وتدخيلهم عليهم كل ما يُمْكنهم من الشُّبَه التي تُشكِّكهم في دينهم" [ص 97].
السادسَ عشر: أنّ هذا الشيخ الصالح قد بثّ في تفسيره روح الجهاد، ونصر فيه عقيدة الولاء للمسلمين والبراء من المشركين:
¥