قوله - تعالى - ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم أي لا تصدقوا إلا من تبع دينكم واللام فيه زائدة كما قال قال عسى أن يكون ردف لكم أي ردفكم وهذا في اليهود أيضا قالوا لا تصدقوا إلا من وافقكم في ملتكم ثم ابتدأ الله تعالى فقال قل إن الهدى هدى الله أي إن البيان بيان الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أي ولا يحاجونكم عند ربكم فإن الحجة لكم عليهم وليست لهم عليكم عند الله وقتا محمد بن يزيد المبرد في الآية تقديم وتأخير قوله ولا تؤمنوا أي لا تصدقوا أن يؤتى أحد مثل مل أوتيتم من الدلالات والآيات من المن والسلوى ونحوه
تفسير البغوي ج1/ص316
ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم هذا متصل بالأول من قول اليهود بعضهم لبعض ولا تؤمنوا أي ولا تصدقوا إلا لمن تبع دينكم أي وافق ملتكم واللام في من صلة أي لا تصدقوا إلا لمن تبع دينكم اليهودية كقوله تعالى قل عسى أن يكون ردف لكم أي ردفكم قل إن الهدى هدى الله هذا خبر من الله تعالى أن البيان بيانه ثم اختلفوا فيه فمنهم من قال هذا كلام معترض بين كلامين وما بعده متصل بالكلام الأول إخبار عن قول اليهود لبعض ومعناه ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من العلم والكتاب والحكمة والآيات من المن والسلوى
3 - قوله تعالى (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)
تفسير البغوي ج1/ص294
ذرية اشتقاقها من ذرا بمعنى خلق وقيل من الذر لأنه استخراجهم من صلب آدم كالذر ويسمى الأولاد والآباء ذرية فالأولاد ذرية لأنه ذراهم والآباء ذرية لأنه ذرا الأبناء منهم قال الله تعالى وآية لهم أنا حملنا ذريتهم أي آباءهم ذرية نصب على معنى واصطفى ذرية بعضها من بعض أي بعضها من ولد بعض وقيل بعضها من بعض في التناصر وقيل بعضها على دين بعض والله سميع عليم 35
تفسير السمعاني ج1/ص311
مشتق من ذرأ بمعنى خلق وقيل هو من الذر لأنه خلقهم واستخرجهم من صلب آدم كالذر والأبناء يسمون ذرية وكذلك الأباء قال الله تعالى وآية لهم أنا حملنا ذريتهم ... في الفلك المشحون يعني آباءهم والأبناء ذرية لأنه ذرأهم والآباء ذرية لأنه ذرأ الأبناء منهم بعضها من بعض في التناصر وقيل في التناسل
إلى غير ذلك من التشابه الظاهر في النصوص مع جزمي بأن أحدهما قد يزيد على الآخر في موضع هذا لا شك فيه وهو أمر ظاهر ولكني أتكلم عن الاستفادة
فما رأي الشيوخ الأفاضل؟
ودمتم مفيدين
ـ[المقرئ]ــــــــ[19 Oct 2007, 04:10 م]ـ
قد يقول قائل إن الجميع استفاد من تفسير أبي إسحاق الثعلبي (ت 427هـ)
ولاشك أن هذا وارد قوي جدا
ولكن لا يمنع هذا أن يكون إما البغوي أو السمعاني استفاد أحدهما من الآخر بدليل هذه الزيادات التي اتفق عليها المفسران كما مثلت لك قبل دون أن يذكرها الثعلبي رحم الله الجميع
ولو نظرنا إلى مثال آخر بين التفاسير الثلاثة لاتضح لك هذا:
قوله تعالى (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون)
تفسير البغوي ج3/ص238
ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث يعني ما يحدث الله من تنزيل شيء من القرآن يذكرهم ويعظهم به قال مقاتل يحدث الله الأمر بعد الأمر وقيل الذكر المحدث ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وبينه من السنن والمواعظ سوى القرآن وأضافه إلى الرب عز وجل لأنه قال بأمر الرب
تفسير الثعالبي ج6/ص269
مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَث يعني ما يحدث الله تعالى من تنزيل شيء من القرآن يذكّرهم ويعظهم به إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لا يعتبرون ولا يتّعظون قال مقاتل يحدث الله الأمر بعد الأمر وقال الحسن بن الفضل الذكر هاهنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلّ عليه قوله في سياق الآية هَلْ هذا إلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُم ولو أراد الذكر بالقرآن لقال هل هذا إلاّ أساطير الأوّلين ودليل هذا التأويل أيضاً قوله وَيَقولونَ إِنّهُ لَمَجْنونٌ وَمَا هُوَ إلاّ ذِكرٌ لِلعالَمِينَ يعني محمداً عليه السلام
تفسير السمعاني ج3/ص367
ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث استدل المعتزلة بهذا على أن القرآن مخلوق وقالوا كل محدث مخلوق والجواب عنه أن معنى قوله محدث أي محدث تنزيله ذكره الأزهري وغيره ويقال أنزل في زمان بعد زمان قال الحسن البصري كلما جدد لهم ذكرا استمروا على جهلهم وذكر النقاش في تفسيره أن الذكر المحدث هاهنا ما ذكره النبي وبينه من السنن والمواعظ
ومثال آخر:
قوله تعالى (فل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا)
تفسير الثعالبي ج6/ص101
إلَى ذِي العَرْشِ سَبِيلا فالتمست الزلفة عنده قال قتادة يقول لو كان الأمر كما يقولون إذا لعرفوا الله فضله ومقربته عليهم فامضوا ما يقربهم إليه وقال الآخرون إذا لطلبوا مع الله منازعة وقتالاً كفعل ملوك الدنيا بعضهم ببعض
تفسير السمعاني ج3/ص243
إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا فيه قولان أحدهما إذا لطلبوا إلى ذي العرش سبيلا بالتقرب إليه والآخر وهو الأصح إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا بالمفازة والمغالبة وطلب الملك وهذا مثل قوله تعالى لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا
تفسير البغوي ج3/ص116
إلى ذي العرش سبيلا بالمبالغة والقهر ليزيلوا ملكه كفعل ملوك الدنيا بعضهم ببعض وقيل معناه لطلبوا إلى ذي العرش سبيلا بالتقرب إليه قال قتادة لعرفوا الله بفضله وابتغوا ما يقربهم إليه والأول أصح
والتشابه كبير في جدا حتى في الترجيح
لكن ضربت هذا المثال لأبين أننا نستطيع أن نستفيد من هذه الفائدة أننا نصحح مطبوع تفسير البغوي
ففي تفسير البغوي في النسخة المحققة كما ترى (المبالغة) وفي تفسير أبي المظفر (المغالبة) على الصواب
¥