متبادلة مع المفهوم البيبلي لعذاب النبي في دعوته، كما عبرت عنها مثلاً «اعترافات إرميا».
وفي سياق «التناص» بين القرآن وكتب «الذين أؤتوا الكتاب» قدمت انجيليكا ورقة بحث حول قراءة القرآن للمزامير، فأظهرت شكل الإشارة الى المزامير، التي تختلف عن العلاقة مع التوراة أو الأناجيل.
فالمزامير (الزبور)، كسلطة كتابية، تلعب دوراً هامشياً في القرآن الكريم، لكن، نجد نصوصاً حاضرة لها في شكل مدهش، ويظهر حضورها في الاستعارات الأدبية وفي شكل أعم – في مرآة السور المكية المبكرة – في رؤيتها لعلاقة الله بالإنسان.
وتحاول ورقة بحث الأستاذة نويفرث أن تراجع الإشارات القرآنية لآيات من المزامير معينة. وتحلل القراءات المنفردة للمزامير في السور المكية. وتناقش، بسبب نظرة التشابه الشكلي والسيمانتيكي بين المزامير والسور المكية، مشكلة إشارية النص في مقابل إشارية الحياة: وما تقصد نيوفرث هنا هو الإشارة الى ما يمر به النبي من تجربة شخصية يجعل منها نموذجاً للتقي في وضعه الروحي. ان قراءة نويفرث لـ «سورة الرحمان» في الإشارات الاستدلالية «للمزمور 136» من العهد القديم كانت من الأهمية بحيث ان الجلسة التي قرأت خلالها البحث تستحق كونها جلسة للمتخصصين لتعطي هذه القراءة الإبداعية حقها، وتمنيت لو أننا نقرأ هذه المقاربات الأدبية قبل حضورنا المؤتمر ليكون لتبادل المعرفة زرعه وثماره.
على أي حال، كان حضور الأستاذة نويفرث فعالاً في أكثر من جانب، فمشروع توثيق وتعليق للقرآن الكريم المشرفة عليه في جامعة برلين الحرة عرض في المؤتمر، بعد التأكيد على أهمية البحث التاريخي والأدبي الذي لا يمكن أن يتجاهل التعقيدات الدينية واللغوية للمحيط الذي ظهر فيه القرآن الكريم، وذلك للتأكيد على أصالة القرآن ولأجل التعرّف على الأسباب التي أكسبته خصوصيته اللغوية والدينية من خلال التفاعل مع الثقافات المرافقة له.
ومن أطرف ما حدث في المؤتمر القاء الضيف الأوزبكي عبيدالله أوفاتوف من جامعة طشقند خطبة غرضها أساساً التعريف بمصحف عثمان الذي تفتخر بحيازته بلاد ما وراء النهر، بلاد أوزبكستان. وعوضاً عن وصف المصحف وتاريخه والنقاشات التي تدور حول أقدم المصاحف، خصوصاً بعد اكتشاف مصاحف صنعاء التي تعود الى القرن الأول هجري، أخذ يخبرنا بالعربية عن علماء ما وراء النهر من أهل النحو (كالزمخشري) والأحاديث (كالدارمي والبخاري) والسنن (كالترمذي) وعلم الكلام (كالماتريدي والنسفي) وعلم التصوف (كالنقشبندي) والعلوم التجريبية (كإبن سينا والبيروني والفرغاني). لأنه فخور بمساهمات بلاده في الحضارة الإسلامية. حكى كيف أحضر المصحف أمير تيمور الى سمرقند وكيف انتقل المصحف الى روسيا (الاتحاد السوفياتي السابق) ثم عاد من جديد ليستقر في جامعة طشقند الإسلامية. لماذا لم يصف عبيدالله أوفاتوف المصحف علمياً؟ ولم يشر الى أية دراسات حوله؟ وهل بالفعل يعود الى السنة الهجرية الأولى؟ لأنه بالطبع غير ملمّ بالنقاشات الدائرة حول تاريخ المصحف وأهمية مصاحف صنعاء. الطريف أن الأستاذ أوفاتوف تقدم ليهدي الدكتور عبدالحليم معطفاً، يمثل اللباس التقليدي الرسمي الأوزبكي، وألبسه المعطف، مما ذكّرنا ان هذا الاجتماع بغرض المزيد من المعرفة بكتاب المسلمين الأول وكتاب العربية الأكبر، كما يقول المرحوم الشيخ أمين الخولي، تنجذب اليه قلوب المسلمين وآذانهم وبصائرهم كما تنجذب اليه الأكاديمية العالمية الغربية.
كلمة أخيرة نتمنى فيها على أهل العربية تقديم أوراق بحث يخص كتابهم العزيز، فأكثر الأوراق البحثية جاءت من أساتذة، مسلمين وغير مسلمين، يحاضرون في الجامعات الأميركية والكندية الأوروبية، مما يدل الى ان واقع الدراسات القرآنية في الأكاديمية الغربية ناشط.
تقرير منقول من أحد المواقع.
ولا زلنا ننتظر إفادة الأستاذ الفاضل أحمد الأشتر بارك الله فيه.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[24 Jan 2008, 08:11 م]ـ
جزاكم الله خيراً على هذه المتابعات
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[24 Jan 2008, 10:26 م]ـ
جميل جداً!! وفقكم الله
الأستاذة إنجيليكا نويرث حاضرت في دمشق منذ فترة حول القرآن الكريم في ندوة قدمت موجزاً عنها هنا
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=9664