قال ابن حجر: " وَوَجْه ظَنّهمْ أَنَّ الْحَدِيث الْمَذْكُور مِنْ الْقُرْآن مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ ذَمّ الْحِرْص عَلَى الِاسْتِكْثَار مِنْ جَمْع الْمَال وَالتَّقْرِيع بِالْمَوْتِ الَّذِي يَقْطَع ذَلِكَ وَلَا بُدّ لِكُلِّ أَحَد مِنْهُ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَة وَتَضَمَّنَتْ مَعْنَى ذَلِكَ مَعَ الزِّيَادَة عَلَيْهِ عَلِمُوا أَنَّ الْأَوَّل مِنْ كَلَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ شَرَحَهُ بَعْضهمْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قُرْآنًا وَنُسِخَتْ تِلَاوَته لَمَّا نَزَلَتْ (أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُر حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِر) فَاسْتَمَرَّتْ تِلَاوَتهَا فَكَانَتْ نَاسِخَة لِتِلَاوَةِ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْحُكْم فِيهِ وَالْمَعْنَى فَلَمْ يُنْسَخ إِذْ نَسْخ التِّلَاوَة لَا يَسْتَلْزِم الْمُعَارَضَة بَيْن النَّاسِخ وَالْمَنْسُوخ كَنَسْخِ الْحُكْم، وَالْأَوَّل أَوْلَى، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ النَّسْخ فِي شَيْء. قُلْت: يُؤَيِّد مَا رَدَّهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ طَرِيق زِرّ بْن حُبَيْش " عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ إِنَّ اللَّه أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأ عَلَيْك الْقُرْآن فَقَرَأَ عَلَيْهِ (لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب) قَالَ وَقَرَأَ فِيهَا: إِنَّ الدِّين عِنْد اللَّه الْحَنِيفِيَّة السَّمْحَة " الْحَدِيث، وَفِيهِ " وَقَرَأَ عَلَيْهِ: لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَم وَادِيًا مِنْ مَال " الْحَدِيث وَفِيهِ " وَيَتُوب اللَّه عَلَى مَنْ تَابَ " وَسَنَده جَيِّد، وَالْجَمْع بَيْنه وَبَيْن حَدِيث أَنَس عَنْ أُبَيّ الْمَذْكُور آنِفًا أَنَّهُ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون أُبَيّ لَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَمْ يَكُنْ) وَكَانَ هَذَا الْكَلَام فِي آخِر مَا ذَكَرَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِحْتَمَلَ عِنْده أَنْ يَكُون بَقِيَّة السُّورَة وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُون مِنْ كَلَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَتَهَيَّأ لَهُ أَنْ يَسْتَفْصِل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى نَزَلَتْ (أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُر) فَلَمْ يَنْتَفِ الِاحْتِمَال. وَمِنْهُ مَا وَقَعَ عِنْد أَحْمَد وَأَبِي عُبَيْد فِي " فَضَائِل الْقُرْآن " مِنْ حَدِيث أَبِي وَاقِد اللَّيْثِيّ قَالَ " كُنَّا نَأْتِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ فَيُحَدِّثنَا، فَقَالَ لَنَا ذَات يَوْم: إِنَّ اللَّه قَالَ إِنَّمَا أَنْزَلْنَا الْمَال لِإِقَامِ الصَّلَاة وَإِيتَاء الزَّكَاة، وَلَوْ كَانَ لِابْنِ آدَم وَادٍ لَأَحَبَّ أَنْ يَكُون لَهُ ثَانٍ " الْحَدِيث بِتَمَامِهِ، وَهَذَا يَحْتَمِل أَنْ يَكُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِهِ عَنْ اللَّه تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْقُرْآن، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِنْ الْأَحَادِيث الْقُدْسِيَّة، وَاَللَّه أَعْلَم وَعَلَى الْأَوَّل فَهُوَ مِمَّا نُسِخَتْ تِلَاوَته جَزْمًا وَإِنْ كَانَ حُكْمه مُسْتَمِرًّا. وَيُؤَيِّد هَذَا الِاحْتِمَال مَا أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْد فِي " فَضَائِل الْقُرْآن " مِنْ حَدِيث أَبِي مُوسَى قَالَ " قَرَأْت سُورَة نَحْو بَرَاءَة فَغِبْت وَحَفِظْت مِنْهَا: وَلَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَم وَادِيَيْنِ مِنْ مَال لَتَمَنَّى وَادِيًا ثَالِثًا " الْحَدِيث، وَمِنْ حَدِيث جَابِر " كُنَّا نَقْرَأ لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَم مِلْء وَادٍ مَالًا لَأَحَبَّ إِلَيْهِ مِثْله " الْحَدِيث".
ـ[شعلة2]ــــــــ[01 Nov 2007, 06:52 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي- وفقه الله- هل رجعت لكتاب "فتح الباري"، عند شرحه لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما- في كتاب الرقاق؟؟؟ قد تجد شيء.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[01 Nov 2007, 07:03 م]ـ
بارك الله فيكما، وجزاكما خيرا.
ـ[شعلة2]ــــــــ[01 Nov 2007, 07:06 م]ـ
اعتذر كنت أفكر في الجواب ولم أعلم أن أخي/ الدمشقي – حفظه الله - سبقني
ـ[موراني]ــــــــ[01 Nov 2007, 07:57 م]ـ
جاء في تفسير القرآن لعبد الله بن وهب , في باب المذكور اعلاه:
وحدثني رجل عن يعقوب بن مجاهد في قول رسول الله:
لو كان لابن آدم واد من ذهب لأحبّ أن يكون له ثاني و فقال: نسخت ب (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر)
وفي فتح الباري عن أبيّ: كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت (ألهاكم التكاثر .... )
المصنف لعبد الرزاق , 10 , الرقم 19624: كان فيما أنزل من الوحي ..... إلخ
أنظر أيضا سنن الدارمي , 2 , الرقم 2781 وسنن الترمذي , 4 , الرقم 4337
أما الراوي فهو يعقوب بن مجاهد المدني , ت 149 أو 150: المزي , 32 , ص 361
¥