9. [الخلاف بين السلف فى التفسير قليل وخلافهم فى الأحكام أكثر من خلافهم فى التفسير وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع الى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد].
10. [خلاف التنوع صنفان: أحدهما أن يعبر كل واحد منهما - أي من المختلفين - عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى فى المسمى غير المعنى الآخر مع اتحاد المسمى ... كما قيل فى اسم السيف الصارم (بمعنى القاطع) والمهند (بالنسبة إلى صناعته في الهند)، وذلك مثل أسماء الله الحسنى وأسماء رسوله صلى الله عليه وسلم وأسماء القرآن.
فان أسماء الله كلها تدل على مسمى واحد فليس دعاؤه باسم من أسمائه الحسنى مضادا
لدعائه باسم آخر بل الامر كما قال تعالى: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} ...
الصنف الثانى: أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل وتنبيه
المستمع على النوع ... مثل سائل أعجمى سأل عن مسمى لفظ الخبز فأرى رغيفا وقيل له هذا فالاشارة الى نوع هذا لا الى هذا الرغيف وحده.]
قلت: وذكر رحمه الله صنفين آخرين من اختلاف التنوع فقال:
[3 - ومن التنازع الموجود عنهم: ما يكون اللفظ فيه محتملا للأمرين: إما لكونه مشتركا فى اللفظ - (اللفظ المشترك: ما اتحد لفظه وتعدد معناه) - كلفظ {قسورة} الذي يراد به الرامي ويراد به الأسد، ولفظ {عسعس} الذي يراد به إقبال الليل وإدباره.
وأما لكونه متواطئا - (المتواطئ: هو الذي طابق لفظه معناه مثل: إنسان، حجر، ... ) - في الأصل، لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشيئين كالضمائر فى قوله {ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى} - (قال بعضهم: الذي دنا هو الله عز وجل، وقال آخرون: هو جبريل عليه السلام) - وكلفظ {والفجر} - (قال بعضهم: هو النهار، وقال آخرون: هو صلاة الفجر) - و {والشفع والوتر} - (قال بعضهم: المخلوق والخالق، وقال بعضهم: هو العدد) - وما أشبه ذلك.
فمثل هذا قد يجوز أن يراد به كل المعانى التى قالها السلف وقد لا يجوز ذلك.
4 - ومن الأقوال الموجودة عنهم - ويجعلها بعض الناس اختلافا - أن يعبروا عن المعاني بألفاظ متقاربة لا مترادفة ... وقلَّ أن يعبر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدى جميع معناه بل يكون فيه تقريب لمعناه وهذا من أسباب إعجاز القرآن فإذا قال القائل {يوم تمور السماء موراً} إن المور الحركة كان تقريباً، إذ المور حركة خفيفة سريعة].
11. [وكل اسم من أسمائه يدل على الذات المسماة - (و هي بهذا الإعتبار مترادفة) - وعلى الصفة التى تضمنها الاسم - (و هي بهذا الإعتبار متباينة) - كالعليم يدل على الذات والعلم، والقدير يدل على الذات والقدرة ... ومن أنكر دلالة أسمائه على صفاته ممن يدعى الظاهر فقوله من جنس قول غلاة الباطنية القرامطة ... فإن أولئك القرامطة الباطنية لا ينكرون اسما هو علم محض كالمضمرات وإنما ينكرون ما فى أسمائه الحسنى من صفات الإثبات].
12. [لم يقل أحد من علماء المسلمين إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين وإنما غاية ما يقال أنها تختص بنوع ذلك الشخص فيعم ما يشبهه ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ].
13. [معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية؛ فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب - (أي الآية و الحديث) -].
14. [وقولهم نزلت هذه الآية فى كذا يراد به تارة أنه سبب النزول ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية وان لم يكن السبب كما تقول عنى بهذه الآية كذا].
قلت: فللعلماء ثلاث عبارات في سبب النزول إحداها صريحة و الثانية: ظاهرة و الثالثة: محتملة.
فالظاهرة: قولهم "حصل كذا فنزلت الآية"، مثاله: " استشار رسول الله صلى الله عليه و سلم في الأسرى ((بدر)) فأنزل الله {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} ".
و الصريحة: قولهم " سبب نزول الآية كذا و كذا"، مثاله: " سبب نزول آية اللعان كذا و كذا ... ".
ج- و المحتملة: قولهم " نزلت هذه الآية في كذا و كذا" - وهو ما جاء في رسالة شيخ الإسلام -، مثاله: قوله تعالى {و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} قال أبو أيوب الأنصاري: نزلت فينا معشر الأنصار، و قال حذيفة: نزلت في النفقة.
¥