15. [وقد تنازع العلماء فى قول الصاحب نزلت هذه الآية في كذا هل يجرى مجرى المسند كما يذكر السبب الذى أنزلت لأجله أو يجرى مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند فالبخارى يدخله فى المسند وغيره لا يدخله فى المسند وأكثر المساند على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره بخلاف ما اذا ذكر سببا نزلت عقبه فانهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند].
16. [وإذا عرف هذا فقول أحدهم نزلت في كذا لا ينافى قول الآخر نزلت في كذا اذا كان اللفظ يتناولهما كما ذكرناه في التفسير بالمثال].
17. [وإذا ذكر أحدهم لها سبباً نزلت لأجله وذكر الآخر سببا فقد يمكن صدقهما بأن تكون نزلت عقب تلك الأسباب].
قلت: مثاله: قوله تعالى {ما كان للنبي و الذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين و لو كانوا أولي قربى} فإنها نزلت بعد وفاة أبي طالب ووعد النبي صلى الله عليه و سلم الاستغفار له.
و نزلت بعد ما استأذن النبي صلى الله عليه و سلم في الاستغفار لأمِّه، هكذا روى الصحابة رضي الله عنهم.
18. [الترادف في اللغة قليل، وأما في ألفاظ القرآن: فإما نادر وإما معدوم].
قلت: والمراد به الترادف في المعاني، أما الترادف في الأعيان - كأسماء الأسد والسيف - فكثير.
19. [والعرب تضمِّن الفعل معنى الفعل وتعديه تعديته، ومن هنا غلط من جعل بعض الحروف تقوم مقام بعض كما يقولون فى قوله {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} أي: مع نعاجه ... والتحقيق: ما قاله نحاة البصرة من التضمين، فسؤال النعجة يتضمن جمعها وضمها مع نعاجه].
20. [والاختلاف قد يكون لخفاء الدليل، أو لذهول عنه، وقد يكون لعدم سماعه، وقد يكون للغلط في فهم النص، وقد يكون لاعتقاد معارض راجح].
قلت: انظر رسالة شيخ الإسلام «رفع الملام عن الأئمة الأعلام».
و رسالة الشيخ ابن عثيمين «اختلاف العلماء و موقفنا منه».
21. [الاختلاف فى التفسير على نوعين: النوع الأول: الخلاف الواقع قي التفسير من جهة النقل، و أما النوع الثاني من سببي الاختلاف: و هو ما يعلم بالإستدلال لا بالنقل].
22. [جنس المنقول سواء كان عن المعصوم أو غير المعصوم - وهذا هو النوع الأول -: منه ما يمكن معرفة الصحيح منه والضعيف ومنه ما لا يمكن معرفة ذلك فيه.
وهذا القسم الثانى من المنقول وهو ما لا طريق لنا الى جزم بالصدق منه عامته مما لا فائدة فيه فالكلام فيه من فضول الكلام وأما ما يحتاج المسلمون الى معرفته فإن الله نصب على الحق فيه دليلا].
23. [فمثال ما لا يفيد ولا دليل على الصحيح منه: اختلافهم في لون كلب أصحاب الكهف، وفي البعض الذي ضَرَبَ به موسى من البقرة، وفي مقدار سفينة نوح وما كان خشبها، وفي اسم الغلام الذى قتله الخضر، ونحو ذلك.
فهذه الأمور طريق العلم بها النقل فما كان من هذا منقولا نقلا صحيحا عن النبى صلى الله عليه وسلم كاسم صاحب موسى أنه الخضر فهذا معلوم.
وما لم يكن كذلك، بل كان مما يؤخذ عن أهل الكتاب ... فهذا لا يجوز تصديقه ولا تكذيبه إلا بحجة كما ثبت فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا حدَّثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه].
24. [فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض وما نقل فى ذلك عن بعض الصحابة نقلا صحيحا فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين،
أ. لأن احتمال أن يكون سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم أو من بعض من سمعه منه أقوى.
ب. ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين.].
25. [الاختلاف الذي لا يعلم صحيحه ولا تفيد حكاية الأقوال فيه هو كالمعرفة لما يروى من الحديث الذى لا دليل على صحته].
26. [المنقولات التي يُحتاج إليها فى الدين قد نصب الله الأدلة على بيان ما فيها من صحيح وغيره].
27. [المنقول فى التفسير: أكثره كالمنقول فى المغازي والملاحم، ولهذا قال الإمام أحمد: ثلاثة أمور ليس لها إسناد: التفسير والملاحم والمغازي].
28. [أعلم الناس بالمغازى: أهل المدينة ثم أهل الشام ثم أهل العراق:
فأهل المدينة أعلم بها لأنها كانت عندهم وأهل الشام كانوا أهل غزو وجهاد].
¥