ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[23 Nov 2007, 04:10 ص]ـ
وفقك الله
الفكرة اتضحت بعد قراءتها مرتين
ولكنك أهملت إحدى الحالات التي تحدث كثيرا في النقاش في المنتديات، وقد عاينتها بنفسي كثيرا جدا في معظم الحوارات، وهي أن المسافة تزداد اتساعا كلما ازداد المتناقشان في الكلام.
ومثال ذلك أن يقول (أ) قولا، يرى (ب) أنه بعيد عن الصواب مسافة قصيرة، فيرد عليه ردا مقتضبا بأن قوله مخالف للصواب؛ لأنه مثلا مخالف لقوله تعالى كذا، أو لحديث النبي صلى الله عليه وسلم كذا، أو لأنه مخالف للإجماع الذي نقله العالم الفلاني، أو لأن قوله مبني على مغالطة في كذا، أو لغير ذلك من الأسباب.
إلى الآن تظهر المسافة بين القولين وكأنها قصيرة نوعا ما.
ولكننا نفاجأ بالطرف الأول يرد أحيانا بما يلي:
- الحديث الذي استدللت به حديث آحاد، ولا يفيد اليقين!!
- الإجماع الذي نقلته عن فلان مسلم، ولكني لا أحتج بالإجماع أصلا!!
- الآية التي ذكرتها مؤولة لمخالفتها للقاطع العقلي!!
ونحو ذلك من الردود التي تظهر توجه الطرف الأول، وأنه بعيد تماما عن القواعد والأصول التي بنى عليها الطرف الثاني اعتراضه.
إلى هنا نرى أن المسافة ازدادت كثيرا جدا بين الطرفين، ولم تتقلص، وهذه الحالة لم تأخذها في اعتبارك مع أنها كثيرا ما تحدث.
وفي هذه الحالة قد يفضل الطرف الثاني أن يترك النقاش؛ لأنه قد يرى أنه لا فائدة منه بعد أن وصلوا إلى طريق مسدود.
أو يرى أن الطرف الأول يناقش في قواعد لا تحتمل النقاش، وأن مجال النقاش فيها طويل الذيل لا تحتمله المنتديات، بل صنفت فيه المصنفات وكتبت فيه المطولات، فمن العبث تضييع الوقت في ذلك في المنتديات؛ لأن المعتاد أن القارئ لا يكمل قراءة الموضوعات المطولة إلى نهايتها، لا سيما إن كانت في مثل هذه الأصول.
هذه خاطرة وردت على بالي، فأردت إثباتها هنا فقط على هامش الموضوع.
وجزاك الله خيرا.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[28 Nov 2007, 12:00 ص]ـ
... ولكنك أهملت إحدى الحالات التي تحدث كثيرا في النقاش في المنتديات، وقد عاينتها بنفسي كثيرا جدا في معظم الحوارات، وهي أن المسافة تزداد اتساعا كلما ازداد المتناقشان في الكلام ..
لم أهمل شيئا، ولكن المثال الذي طرحته في مداخلتي الأولى يعرض مقطعا نموذجيا واحدا من عملية الحوار، أي:
- عرض فكرة
- نقد الفكرة
- إعادة توضيح الفكرة
وهذا المقطع يمكن أن يكون في بداية عملية الحوار، أو أثناءها، أو في نهايتها.
ولو كررنا هذا المقطع مرات ومرات، فلا شك أننا سنجد حالات متعددة، تبين في آخر المطاف أن عملية الحوار، عندما تنطلق في لحظة ما، تؤدي إلى سلسلة متحركة من حساب المسافات الحقيقية والانطباعية بين الأفكار، والمسافات الحقيقية والانطباعية بين المتحاورين.
فالحوار ميدان حراك سريع، وعندما نريد بدءه مع أحد الأشخاص، يجب أن نقوم به بوعي ويقظة، كي لا يؤدي إلى نتائج عكسية. ومن الخطوات التي تهيء لنجاحه إدراك المسائل التالية:
1 - ما هو الهدف الذي أسعى لتحقيقه من الحوار؟
- أهو معرفة المسافة بيني وبين محاوري؟
- أم تطوير علاقتي به لمزيدالتقارب؟
- أم تصحيح المسافة بيننا؟
- أم توجيه رسالة لمحاوري بأننا متباعدان؟
- أم توجيه رسالة لآخرين يطلعون على هذا الحوار، من باب: (إياك أعني وافهمي يا جارة)؟
- أم من باب تقريب مستمع لصفي وإبعاده عن صف محاوري؟
...
2 - الحرص على وضوح التعبير عن الفكرة، حتى يفهم محاوري فكرتي تماما كما أردت له أن يفهمها (وهذا الأمر هو أصعب المراحل، لأنه يستدعي معرفة كافية بأسلوب تفكير المحاور).
3 - عدم تفويت الفرص أثناء الحوار لفرز النقاط المتفق عليها والتركيز عليها وتذكير المحاور بها. وهذا على عكس ما يجري في العادة من التركيز على نقاط الخلاف وإن كانت ثانوية، وإغفال نقاط التلاقي، وإن كانت كبيرة ورئيسية. لأن استدعاء نقاط دون أخرى يؤدي دائما إلى خطإ كبير في حساب المسافات بين الأفكار والأشخاص.
4 - الدخول في عملية الحوار بروح إيجابية متفائلة، تحسن الظن بالآخر، ولا تفسر أي خطإ في التعبير أو في التفكير بأنه ناتج عن انحراف أصيل.
5 - التنبه إلى ضرورة قياس أهمية (أو قيمة) كل فكرة قبل التركيز عليها في ما يلي من عملية الحوار:
¥