قُلْتُ: قد دَلَّ الدليلُ على نُزولِ آيةٍ مِنها في المدينةِ، فلقد روَى الترمذيُّ مِن حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ ? قال:" كانت بنو سلمةَ في ناحيةِ المدينةِ فأرادوا النُّقْلَةَ إلى قُرْبِ المسجدِ، فنَزَلَتْ هذهِ الآيةُ {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} (يّس: من الآية12) فقالَ رسولُ الله ?: [إنَّ آثَاركُم تُكْتَبُ] فَلَمْ ينتقلوا ". ()
وقد أَوْرَدَ ابنُ كثيرٍ رحمه الله هذا الحديثَ ثُمَّ قالَ:" وفيه غَرابةٌ مِن حيثُ ذِكْرُ نُزولِ هذه الآيةِ، والسُّورَةُ بِكَمالِهَا مَكِّيَّةٌ ". ()
قُلْتُ: ولعلَّ الشيخَ رحمه الله يَرَى هذا الرأْيَ في عدمِ الاستثناءِ، والله أعلم.
المَوْضِعُ الثاني: عند تفسيره لسورةِ الزُّمَر قالَ:" قولهُ [مَكِّيَّةٌ إلاّ آيةَ {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ}] () " علَّقَ عليه ابن عثيمين بقولهِ:" وهذا الاستثناءُ يحتاجُ إلى دليلٍ" ... إلى أنْ قالَ:" ولا أعلمُ لهذا الاستثناءِ الذي ذَكَرَهُ المؤلِّفُ دليلاً بل ظاهِرُهُ مِن حيثُ المعنى يَقْتضِي أنْ يكونَ مِن المَكِّيَّاتِ فَقَوْلُهُ {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} يتعلَّقُ بالتوحيدِ والتوبةِ ". ()
قُلْتُ:لقد دَلَّ الدليلُ على كَوْنِها نَزَلَتْ في المدينةِ ولِذا فاعتبارُ المعنى الذي ذَكَرَهُ الشيخُ رحمه الله إنّما هو إعْمَالٌ لطريقةِ بعضِ المفسِّرينَ؛ والتي نَبَّهَ الشيخُ على عَدَمِ صِحَّتِهَا كما تقدّم.
ودليلُ نُزولِهَا في المدينةِ حديث ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما:" أنّ نَاسًا مِن أهلِ الشِّرْكِ كانوا قد قَتَلوا وأَكْثَرُوا، وزَنَوْا وأَكْثَرُوا، فَأَتَوْا محمّدًا ? فقالوا: إنّ الذي تقولُ وتدعوا إليه لَحَسَنٌ، لو تُخبرنا أنّ لِمَا عَمِلْنَا كفّارةٌ فَنَزَل: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} (الفرقان: من الآية68) ونَزَلَتْ {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (الزمر: من الآية53). ()
وهذه الروايةُ وإنْ كانت لا تَدُلُّ صَرَاحةً على نُزولِهَا في المدينةِ؛ إلاّ أنّ ابنَ حجرٍ رحمه الله بيّنَ أنّ السائلَ عن ذلكَ وحْشيُّ بن حَرْبٍ قَاتِلُ حمزةَ بن عبد المطّلب كما عندَ الطبرانيِّ () في بعضِ رواياتِ الحديث. () ()
ـ[أحمد شكري]ــــــــ[08 Apr 2007, 12:36 م]ـ
وممن بحث في الآيات المكية وأجاد الدكتور أحمد عباس البدوي في كتابه عن الآيات المكية وهو مطبوع نشرته دار عمار بالأردن
وللدكتور الفاضل مصطفى المشني بحث منشور في مجلة المنارة - مجلة محكمة تصدرها جامعة آل البيت بالأردن - حول الآيات المدنية في السور المكية، وخلص إلى عدم وجود آيات مكية في السور المدنية
والذي يظهر أن القول بعدم وجود مكي في المدني وكذلك عدم وجود آيات مدنية في المكي أولى بالقبول وإن وجد شيء من ذلك ففي نطاق ضيق جدا.
ـ[هشام برغش]ــــــــ[21 Apr 2007, 08:30 ص]ـ
شكر الله للأساتذة الكرام تفاعلهم وإجابتهم الكريمة على سؤالي والشكر موصول لفضيلة الشيخ الدكتور أحمد البريدي وفقه الله وجزاك الله خيرا وشكر لك ترحيبكم بأخيكم
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[05 Jun 2007, 01:49 م]ـ
الكتاب الذي أشار إليه الدكتور محمد الشايع: المكي والمدني في القرآن الكريم عبد الرزاق حسين أحمد
وصل فيه صاحبه إلى نهاية سورة الإسراء فهل أكمل الكتاب أو أكمله غيره انتظر الإجابة.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[16 May 2008, 09:48 م]ـ
وما زلت انتظر الإجابة.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[17 May 2008, 03:34 ص]ـ
أخي أحمد
راجع هذا الرابط:
http://www.hadielislam.com/readlib/rasael/resala.php?id=3509