ومنها: رؤى فتنة يبتلي بها الله من يشاء من عباده، فيعصم من سبقت له منه الحسنى ويضل الفاسقين ويمكن أن يستدل لها بقوله تعالى: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس)
والرؤى الحسنة التي يراها الرجل الصالح من المبشرات التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا رآها استبشر واطمئن قلبه، فوجد فيها تثبيتاً له على الخير، وتسلية له، وربما رأى فيها تحذيراً من شر محدق فيفزع إلى ربه ومولاه، ويستعيذ به، فينجو ويسلم.
وهذه الموافقات في حكمها بما يجمعهما من الجوامع
فالرؤيا تسر المؤمن ولا تغره، وهي محكومة بالشريعة لا حاكمة عليها، فلا يستباح بها محرم، ولا يستفاد منها حكم في جناية أو حد.
فلوا أن إنساناً اكتسب مالاً حرام فسمع قارئاً يقرأ: (فكلوه هنيئاً مريئاً) لم يحل له أن يستبيح المال الحرام بهذا التوافق.
وقد جاءت الشريعة ببيان بعض الأحكام في موافقات الأحداث؛ فحرمت الطيرة وهي من الموافقات، وأبيح الفأل الحسن وهو من الموافقات
ولذلك لو دخل إنسان مكاناً فسمع قارئاً يقرأ (ادخلوا أبواب جهنم) أو نحو ذلك لم يحل له أن يتشاءم بذلك.
فالأصل عمل العبد وحاله، وينبغي أن يجري ما يقع له من رؤى أو موافقات على أقرب هذه الأنواع الثلاثة لحاله، فإن كان مظلوماً مهموماً حزيناً ثم وقعت له بعض الموافقات المسلية فلا بأس أن يستأنس بها ويجد فيها ما يثبته على الحق لأنه استفاد الحق من التزامه بالشريعة لا مما يقع له من الموافقات فيكون ما وقع له مؤيداً ومسلياً ومثبتاً وهذا من لطف الله عز وجل وعنايته. بعبده.
فمن جرب البلاء وذاق مسه علم قدر مثل هذه الرؤى والموافقات وأثرها في النفس.
والتحديث بهذه الموافقات من قبيل التحديث بالرؤى يكون فيها عبر ودروس.
وأهل العلم يروون في كتبهم عدداً من الرؤى وموافقات الأحداث لما فيها من العظة والعبرة.
ويستبشرون بما فيها من موافقات الخير والبشرى، ويتعظون بما فيها من المواعظ والذكرى.
ومن ذلك: ما ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء، في سيرة الإمام عبد الله بن وهب المصري رحمه الله
قال: (قال أحمد بن سعيد الهمداني: دخل ابن وهب الحمام، فسمع قارئا يقرأ وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فغشي عليه) ..
وقال ابن عبدالهادي في سيرة شيخ الإسلام ابن تيمية: (ولما أخرج ما عنده من الكتب والأوراق .. أقبل الشيخ بعد إخراجها على العبادة والتلاوة والتذكر والتهجد حتى أتاه اليقين، وختم القرآن مدة إقامته بالقلعة ثمانين أو إحدى وثمانين ختمة انتهى في آخر ختمة إلى آخر اقتربت الساعة: {إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر}).
وقصة توبة الفضيل بن عياض معلومة مشهورة
والأمثلة في هذا الباب كثيرة متنوعة
ومن ذلك ما حدثني به الشيخ عبد الله الأمين بن الشيخ محمد الأمين الجكني الشنقيطي الإمام المفسر صاحب أضواء البيان فقد زرته في بيته العامر قبل خمسة عشر عاماً وتذاكرنا سيرة والده فأخبرني مستبشراً بأن والده –رحمه الله-وصل في تفسيره إلى تفسير قول الله تعالى: (أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون)
ومات قبل أن يتم الكتاب رحمه الله رحمة واسعة
قال: وصلي عليه صلاة الغائب في المسجد النبوي فقرأ الإمام في صلاة الفريضة آيات ذكرها الشيخ ونسيتها فيها ذكر ثواب المؤمنين
قال: فسألنا الإمام هل تعمدت ذلك؟ فقال: لا
فكان ذلك مما استبشر به عدد من أهل الخير والفضل.
وهذه الأحداث التوافقية كما ذكرت جارية مجرى الرؤى الحسنة
فلا ينكر على من ذكرها، ولكن ينصح بعدم الاغترار بها.
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[27 Dec 2007, 05:03 م]ـ
وأنا أحب أن أسمع في ذلك قصصاً صحيحة عن المعاصرين لأنهم أحياء بيننا فلقصصهم أثر في النفس كبير.
ولعلك أخي المجلسي تخبرنا بالموافقة التي وقعت لك إذا لم يكن في ذكرها حرج حتى نستفيد.
فما ذَكَرَتْه الأخت طابة كان له وقع في نفسي وفي نفوس بعض من قرأ القصة؛ فجزاها الله خيراً
ولعل الإخوة أيضا يتحفونا بما لديهم.
وسأخبركم بموافقة حصلت لي:
فقد مسني أذى وحسد شديد من أناس لهم تسلط ونفوذ في بعض ما أقدرهم الله تعالى عليه، وحصل لي من جراء ذلك هم عظيم وكان تحسري على ما سببه ذلك الأذى من تأخر وتعطل بعض ما أحسبه ينفع الأمة
¥