تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نَقِيرًا}: يعني لو كان لهم نصيب في الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرًا. في الكافي عن الباقر عليه الصلاة والسلام: أم لهم نصيب من الملك؟ يعني الإمامة والخلافة. قال: ونحن الناس الذين عَنَى الله. و"النقير": النقطة التي في وسط النواة. أقول: لعل التخصيص لأجل أن الدنيا خُلِقَتْ لهم، والخلافة حقهم. فلو كانت الأموال في أيديهم لا نتفع بها سائر الناس، ولو مُنِعوا عن حقوقهم لمُنِع سائر الناس، فكأنهم كل الناس. وقد ورد: نحن الناس، وشيعتنا أشباه الناس، وسائر الناس نسناس".

وغريب أن يُنْسَب إلى إمام من أهل البيت القول بأنه وأهل بيته هم الناس وحدهم، أما أتباعهم فليسوا ناسا، بل أشباه ناس. وأما بقية البشر فنسناس، يستوى فى ذلك المسلمون وغير المسلمين. ولا أظن الباقر أبدا أو سواه من العترة النبوية يمكن أن تصدر عنه هذه الجلافة والعنجهية التى لا مسوغ لها لا من دين ولا من مروءة ولا من لياقة. وليست هذه سنة جده التى لا أشك لحظة أنه كان حريصا على السير فى نورها وعلى دربها. ثم متى كان النبى وعترته حرصاء على أن تكون الأموال تحت أيديهم على هذا النحو الجشع الذى يحاول أن يتستر برداء الكرم والأَرْيَحِيّة والحرص على مصالح الناس كما فى الكلام المنسوب للإمام الباقر؟ وأمعن من ذلك فى الغرابة وأضل سبيلا أن يقال إن الآية نزلت فى فلان وفلان، أى فى أبى بكر وعمر، والآية إنما نزلت قبل حادثة الغدير بوقت طويل حتى لو صدّقنا بأن النبى عليه السلام قد أوصى بالخلافة فى ذلك اليوم فعلا لعلى وذريته من بعده. فكيف إذن يصدّق عاقل بأن آيةً تتحدث عن حادثة وقعت، وتتحدث عنها بصيغة الماضى (هكذا: "ألم تر ... ؟ ")، ثم يقال رغم هذا وذاك إنها نزلت فى أمر لم يقع بعد؟ كما أن الآية واضحة الدلالة على أن المقصود هم أهل الكتاب لا نفر من المسلمين حتى لو كان فى إسلام هؤلاء النفر تهمة. فهل كان الشيخان الكريمان ومن يحبهما ينتسبون إلى أهل الكتاب؟ ثم إن السياق هو سياق حديث عن انتقال النبوة من بنى إسرائيل إلى بنى إسماعيل واضطغان اليهود على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بسبب اختيار الله له رسولا وخروج النبوة بهذه الطريقة من دائرتهم التى لم يكونوا يحسبون يوما أنها يمكن أن تخرج منها. فما علاقة هذا بالخلافة وحكم المسلمين؟ إنهما أفقان مختلفان تماما.

وغريب كذلك أن ينسب الكاشانى إلى القمى الكلام التالى كله: "القمّي قال: نزلت في اليهود حين سألهم مشركو العرب: أديننا أفضل أم دين محمد صلّى الله عليه وآله وسلم؟ قالوا: بل دينكم أفضل. قال: ورُوِيَ أيضًا أنها نزلت في الذين غصبوا آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين حقهم وحسدوا منزلتهم مع أن كل ما قاله القمى فى تفسيره هو ما يلى لا أكثر ولا أقل: "قوله: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً}، قال: نزلت في اليهود حين سألهم مشركو العرب، فقالوا: ديننا أفضل أم دين محمد؟ قالوا: بل دينكم أفضل". وكما هو واضح ليس فى كلام القمى شىء من التفسير الأخير المنسوب له، فكيف إذن ينسب إلى ذلك المفسر ما لم يقله؟ من البين أن الكاشانى إنما صنع ما صنع على سبيل التكثر من التفاسير المسيئة، ولمجرد النكاية فى الشيخين الكريمين! ومع هذا فإن القمى يفسر قوله تعالى قبيل ذلك: " {أَلَمْ تَرَ إلَى الّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ} بأن المقصود هنا "هم الذين سَمَّوْا أنفسهم بالصِّدّيق والفاروق وذي النورين". أما الطوسى والطبرسى والطباطبائى فقد اكتفَوْا بالقول بأن الكلام فى الآيات كلها عن اليهود، ولم يتطرقوا إلى ذكرالصِّدّيق والفاروق وذي النورين، عليهم رضوان الله، ونزهوا أقلامهم هنا عن التشنيع عليهم. وأما الجنابذى فإنه، وإن لم يصف الشيخين بـ"الجبت والطاغوت"، قد أخرج كل من ليس بشيعى من زمرة المؤمنين الذين سوف يغفر الله لهم، وسوف يكون الغفران آليًّا لا لشىء إلا لمجرد تذوق شيعة على لتجربة الموت ليس إلا. وهذا كلام الرسول حسبما يزعمون، إذ ينسبون إليه الحديث التالى: "لو انّ المؤمن خرج من الدّنيا وعليه مثل ذنوب اهل الارض لكان الموت كفّارة لتلك الذّنوب". والمؤمن لديهم هو المؤمن بولاية على، أما المشرك فهو من أشرك فى تلك الولاية، وهو أيضا منافق.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير