تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عليًّا لتصحيح الخطإ الذى كاد أن يقع فيه النبى عليه السلام، أستغفر الله، وإن قال بعضهم إن الرسول كان يعرف براءة مارية منذ البداية وإنه إنما أمر عليا بقتله تظاهرا بذلك ليس إلا، وذلك كى يوقظ ضمير عائشة حين ترى رجلا بريئا يوشك أن يُقْتَل ظلمًا وافتراءً. أى أنهم يريدوننا أن نصدق هذا التوجيه السخيف الذى يقول إن النبى قد أقدم على ترويع جريج المسكين على هذا النحو الشنيع الذى كان يمكن أن ينتهى نهاية مأساوية فتَزْهَق روح الرجل جَرّاء سقوطه من فوق النخلة لا لشىء سوى إيقاظ ضمير عائشة، وهو ما يذكرنا بالمثل الشعبى القائل: جاء يكحّلها فأعماها! وهكذا يتخبط بعض علماء الشيعة لمجرد الرغبة الأثيمة لتشويه أخلاق عائشة ورميها بالفسق طبقا لحكم الآية، أستغفر الله. كذلك فالآيات تتحدث عن شائعات تجوب أنحاء المدينة من لسان إلى لسان، على حين أن روايتنا هذه لا تتحدث إلا عن عائشة وحدها، وإن ذُكِرَتِ "المنافقات" على سبيل "بَرْو العتب" كما نقول فى مصر ليس إلا، وإلا فلماذا لم تظهر فى الصورة أولئك المنافقات اللائى لا أحسب القمى وأضرابه إلا يقصدون بهن بعض زوجات رسول الله الأخريات، وبالذات حفصة كراهيةً منهم للفاروق رضى الله عنه؟

ثم ما موقع الآية التالية من الإعراب فى جملتنا هنا: "وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (النور/ 22)؟ إنها، فيما نعرف جميعا، إنما نزلت لتحضّ أبا بكر على الاستمرار فى معاونة بعض أقربائه الفقراء الذين اشتركوا فى نشر الإشاعات ضد ابنته الكريمة الطاهرة العفيفة والذين أقسم فى حُمُوّ غضبه أن يتوقف عن الإنفاق عليهم. أما على رواية "الخاصّة" فكيف نفهمها؟ لقد أورد القمى فى تفسيره لها ما يلى: "في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى}، وهى قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله، {والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا}، يقول: يعفو بعضكم عن بعض ويصفح، فإذا فعلتم كانت رحمة من الله لكم. يقول الله: {ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم}؟ ". وهو تكلف بل تنطع، فإن القرآن لا ينزل بتحنين القلوب على قرابة رسول الله، وكأنهم جماعة من الشحاذين، مع أنهم لا تجوز عليهم ولا لهم الصدقات أصلا. كما أن أمر القرآن بالعفو والصفح عن آل رسول الله ليس له من معنى إلا أنهم مشاغبون مستفزون للآخرين وأن على المسلمين الإغضاء والتجاوز عن هذا الشغب والاستفزاز. ترى هل يصح مثل هذا التفسير؟ لكن المفسر الشيعى يمزق الآية كما نرى كى يسلم له ما يريد، وهيهات! كذلك لماذا تخترع عائشة وأنصارها قصة تقوم على اتهام عرضها ثم تبرّئها بعد ذلك إذا لم يكن هذا هو ما حدث؟ أكانت مغرمة بتلويث سمعة نفسها طلبا للشهرة مثلا؟ وأخيرا وليس آخرا فإن الآية الأخيرة فى آيات الإفك تقول بصريح العبارة: "الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26) "، وهو ما لم يلتفت المدلسون المفترون إلى أنه ثناء على عائشة وكل زوجات الرسول، إذ تنفى الآية الكريمة أن تكون أى من أمهات المؤمنين خبيثة من الخبيثات، وتؤكد على العكس من ذلك أنهن طيبات طاهرات لأنهن زوجات الرسول الطيب الطاهر.

هذا، ولم يورد الطوسى فى تفسير الآية إلا أنها فى تبرئة عائشة، وإن أورد الكلام مختصرا، ومن بين ما قاله أن "الآية دالة على كذب من قذف عائشة وأفك عليها. فأما في غيرها إذا رماها الانسان فإنا لا نقطع على كذبه عند الله، وإن أقمنا عليه الحد، وقلنا: هو كاذب فى الظاهر، لأنه يجوز أن يكون صادقًا عند الله. وهو قول الجبائي". أما الطبرسى، وهو مِثْلَ الطوسى لم يورد إلا الرواية التى نعرفها، فقد فصّل القول فيها تفصيلا وأتى بالقصة كلها كما هى فى كتب السيرة والأحاديث، ولم يتطرق إلى ذكر سبب النزول الشيعى المزعوم الذى يحول هذه المكرمة إلى مذمة فى حق السيدة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير