تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المثل القائل: "أسمع جعجعة ولا أرى طِحْنًا" ... وهكذا إلى أن ينبرى الشقان ويتفتتا. أما قياسه موقفنا الآن على موقف الصحابة فهو قياس خاطئ، إذ الصحابة كثيرا ما سألوا النبى عن أشياء فى القرآن فشرحها لهم. وعلاوة على هذا فإنهم كانوا أجدر منا بفهم لغة القرآن لأنها كانت قريبة منهم، أما نحن فلا بد لنا من دراسة العربية أولا دراسة مستفيضة نحوا وصرفا ومعجما وبلاغة ... ثم ندرس لغة القرآن بدورها حتى يكون لدينا الملكة للتعامل مع النص الكريم. ولا ننس أيضا أنهم كانوا يعيشون القرآن، إذ يسمعونه غضا طريا من فمه صلى الله عليه وسلم، ويشاهدون الوقائع التى اقتضت نزول هذا النص أو ذاك، أو على أقل تقدير: كانوا يعلمون بها أو يمكنهم أن يعلموا بها مباشرة ممن شاهدها، وباستطاعتهم الرجوع إلى الرسول متى أرادوا، إذ كان يعيش بين ظَهْرَانَيْهم ويَرَوْنه ويختلطون به. أما نحن فبحاجة إلى معرفة أسباب النزول وتمحيصها قبل الأخذ بها أو رفضها. وليس معنا النبى عليه السلام بحيث نسأله عن أى شىء يَعِنّ لنا أو يَغْمُض علينا. وإذا كنا قد رأينا أن بعض الصحابة، برغم ذلك، لم يكونوا يصبيون أحيانا معنى الآيات، فما بالك بنا، وظروفنا أصعب من ظروفهم؟

لقد كنت جديرا بأن أفهم وأقدر موقف الكاتب لو أنه، بدلا من هذه النزعة العَدَميّة التدميريّة، دعا إلى قراءة كتب التفاسير وأسباب النزول وغيرها من الكتب المعينة على تفسير القرآن بعيون مفتوحة وعقلية يقظى نقدية بحيث لا يقبل القارئ كل ما يجده دون فهم أو تدبر، بل يُعْمِل فيه عقله ويخضعه لعملية غربلة وتنقية عند الحاجة إلى مثل تلك العملية. أى أن يكون هناك تفاعل مثمر ثرى بين تلك الكتب وبين العقل والفهم، تفاعلٌ حقيقٌ بإنتاج النتائج الجديدة النافعة، مع الإبقاء على النتائج القديمة التى تقنع العقل وتشد من أزره وتساعده على القفز والوثوب إلى آفاق أعلى وأروع. أما ما يقوله فهو للأسف تدمير فى تدمير لا يقول به أحد فى أى تخصص علمى. كذلك فدعواه بأن التفاسير كلها قائمة على الإسرائيليات هى حديث خرافة غير معقولة، إذ لم تتسرب الإسرائيليات إلى كل كتب التفسير، كما أنها فى حال دخولها هذا التفسير أو ذاك تكون محصورة فى بعض المسائل لا تعدوها، وهى المسائل التى لها صلة بالعهد القديم كقصص الأنبياء مثلا. أما سائر موضوعات القرآن، وهى تشكل الأغلبية الساحقة، فليس لها علاقة بذلك الكتاب، فكيف تدخلها الإسرائيليات إذن؟

وكنت من الذين ناقشوا الكاتب فى كلامه ذاك بندوة عقدتْها فى ذلك الوقت جريدة "آفاق عربية"، وقلت له إن من غير المتصور اقتحام الإنسان للقرآن على ذلك النحو الجرىء الذى من شأنه أن ينشر الفساد فى فهم كتاب الله وتفسيره واستخلاص الأحكام منه. ثم مرت السنون وطلع الأستاذ البنا بآراء غريبة بناء على دعوته السالفة الذكر. ومن ذلك ما نشره موقع الـ" www.alarabiya.net" يوم الخميس 9 صفر 1427هـ - 9 مارس 2006م تحت عنوان "فصل الجنسين عملية وحشية، وإمامة المرأة جائزة- جمال البنا: الحجاب غير شرعي والزواج صحيح دون شهود وولي إذ كتب الصحفى فراج إسماعيل ما يلى: "طرح المفكر الاسلامي جمال البنا، وهو الشقيق الأصغر لمؤسس حركة الإخوان المسلمين حسن البنا، آراء حول الحجاب والمرأة والزواج قد تثير جدلا كبيرا لتصادمها مع معظم الاجتهادات الفقية القديمة والمعاصرة. وقال في حوار مع "العربية. نت" إنه لا حاجة الآن للحجاب لأنه يعوق المرأة عن حياتها العملية، وأنه لا يوجد في الاسلام ما يؤكد فرضيته. وأضاف: الحجاب فُرِض على الإسلام، ولم يَفْرِض الإسلام الحجاب، فشعر المرأة ليس عورة، بل يمكنها أن تؤدي صلاتها بمفردها وهي كاشفة الشعر. واعتبر شعر المرأة ليس عورة قائلا: "مطلقا لا أرى ذلك"، مشيرا إلى أن المجتمعات الذكورية التي تخصص المرأة للبيت فقط هي التي تلح على هذه النقطة. واستطرد بأن الاختلاط ضرورة حتى لو حدثت بعض الأخطاء، فالإنسان عندما تصدمه سيارة في الشارع لا يكون ذلك مدعاة لإلغاء السير فيه. أوضح البنا أنه لا يستسيغ عزل النساء عن الرجال، بينما التطورات الحاليّة تفرض لهن حقوقا سياسية واجتماعية واقتصادية مساوية للرجال، متسائلا: كيف نعزل وزيرة عن بقية الوزراء لأنها أنثى؟ ويفجر مفاجأة جديدة خاصة بالزواج قائلا إن مسألة الشهود توثيقية

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير