تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأضاف: يجوز للمرأة أن تؤمّ الرجال في الصلاة إذا كانت أكثر علما بالقرآن. ولقد ألفتُ كتاب "جواز إمامة المرأة الرجال"، وهو يتضمن ذلك. فالإمامة عملية تحتاج إلى مؤهل، وليست حقا فطريا. وقد وضع الرسول (ص) هذا المؤهل، وهو العلم بالقرآن، فجعل صبيا يؤم قومه بمن فيهم الشيوخ لأنه كان أعلمهم بالقرآن، وجعل مَوْلاً (أي عبدًا) يؤم الصحابة كلهم، وكان من بينهم أبو بكر وعمر. فإذا كانت المرأة أعلم ممن تؤمّهم فهي أحق بالإمامة، ولكنها تغطي شعرها، فهي هنا في صلاة جماعة. وبالتالي فإن الأمر بالنسبة لغطاء الشعر يختلف فيما لو كانت تصلي بمفردها، فصلاة الجماعة تحتاج الى الضوابط. وبالطبع لا توجد من ستصلي إماما بالناس وشعرها مكشوف. وأضاف: قابلتُ في قَطَر الدكتورة أمينة ودود، التي فجرت موضوع قيام المرأة بإمامة المصلين، وهي سيدة محتشمة جدا، وتغطي رأسها، وعلى علم، وأعطيتها نسخا من كتابي حول هذه القضية".

والآن إلى مناقشة بعض ما جاء فى هذا الحوار: فأما قوله إن "شعر المرأة ليس عورة فهو يتعارض مع أمر القرآن والحديث لها بأن تغطى شعرها وصدرها ولا تبدى زينها إلا ما ظهر منها، وهو الوجه والكفان. وهذا ما فصله الحديث الشريف حين حدد ما يجب على المرأة البالغة ستره، وهو كل جسمها ما عدا الوجه والكفين. وقد أمر القرآن والحديث المرأة المسلمة بهذا رغم أنه لم يقيدها بلزوم البيت خلافا لما يقوله البنا عن المجتمعات الذكورية التى لاترى لها مكانا خراج المنزل. ثم إنه لمن غير المفهوم ألا يكون شعر المرأة عورة، ومع هذا يصر الكاتب على تغطيته إذا أمَّت الرجلَ فى صلاة الجماعة، إذ ما دام قد أباح لها كشفه فى الظروف الاعتيادية وفى الصلاة الفردية، فلماذا الإصرار على تغطيته فى صلاة الجماعة التى تكون فيها إماما للرجل؟ ترى من أين أتى بهذه التفرقة؟

يقول إنه لا يجد "حرجا مطلقا في أن تصلي المرأة بشعرها (المكشوف)، ومع ذلك لابد أن نفرق بين كونها في الشارع، فلا نرى ضرورة لأن تلبس غطاء على رأسها، وبين أن تكون في الصلاة، فترتديه، وإن كنت لا أرى حرجا في أن تصلي بدونه". فلنلاحظ كلمة "لا أجد"، و"لا أرى"، وهذا هو الرأى المذموم، وهو الرأى الذى يقوم على النزوة والتحكم دون ضابط شرعى، وكأن من حق كل إنسان أن يقيم من نفسه مشرعا بغير الاستناد إلى نصوص القرآن والسنة. ثم يمضى الأستاذ الكاتب خطوة أخرى فى طريق الدعاوى التى ليس لها مضمون حقيقى فيقول: "ليس في القرآن الكريم أو السنة الشريفة ما يأمر بالحجاب مطلقا. القرآن عندما قال: "ولْيَضْرِبْن بخُمُرهن على جيوبهن" كان ذلك في إطار الحديث عن لباس اجتماعي سائد في ذلك الوقت، فالرجال يلبسون العمائم، والنساء تختمر لتقي نفسها من التراب أو من الشمس، وبالتالي فالمسألة لا علاقة لها بالدين. ومن هنا أمر القرآن أن تسد المرأة فتحة الصدر بالخمار الذي كانت ترتديه كعادة اجتماعية، لكنه لم يأمرها بأن ترتدي الخمار، ولم يقل إنه من الضروري أن يغطَّى الرأس". فهل حين يقول القرآن بصيغة الأمر: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ... " يكون المقصود لفتها إلى وضع اجتماعى سائد فى الملابس يمكن أن يتحول إلى تعرية جزء أو أجزاء من الجسد فى أى وقت، بل يمكن أن يتحول إلى الكشف الكامل كما هو الحال فى مجتمعات العراة؟ ومن أين للكاتب بأن النص هنا خاص بعصر الرسول؟ إن الأمر موجه إلى المؤمنات بإطلاق، وليس إلى الصحابيات وحدهن.

كذلك لو كان هذا هو مقصد القرآن لما اهتمّ بإصدار مثل ذلك الأمر الذى ستلتزم به المرأة تلقائيا نزولا على مقتضيات التقاليد والأعراف الاجتماعية، أو لأراح واستراح فقال مثلا: قل للمؤمنات: يلتزمن بملابس عصرهن. ولكن من الذى سوف يحدد تلك الملابس يا ترى؟ ألسن هن؟ ومعنى هذا أن عليهن الالتزام بما سوف يضعنه من نظام للزى. لكن أليس ذلك القول هو العبث بعينه؟ أم إن الغاويات والفاسدات هن اللاتى ينبغى أن يوضع فى أيديهن مهمة تحديد الزى النسائى، أو على الأقل: نشره، فى المجتمع المسلم؟ لكن معنى هذا هو أن يلقى المؤمنات مقاليد أمورهن فى الملابس إلى ذلك الصنف من النسوة الخليعات؟ وهكذا ترى أن كلام الكاتب يؤدى بنا فى كل الأحوال إلى ما لا يقبله الإسلام. لكن ما رأيه فى الحديث التالى الذى ينسف كل ما يقوله عن أن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير